رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا شخصية العام؟


انزلق الإخوان إلى السلطة فى حكم المجلس العسكرى الأول، ثم دخلوا إلى سلطة لم يستحقوها، حتى ديمقراطياً.. أليس صحيحاً أن الجيش مكّن الإخوان من الوصول إلى الحكم؟.. نعم، وكان عليه أن يتدخل فى حال فشلهم.. هل كان المطلوب من الجيش أن يساعد الثورة فى تغيير مبارك، وليس فى دفع الشر عنها؟..

فى ظرف معين، أخذ التيار الإسلامى أكثر مما يستحق، وارتكب الأخطاء أكثر مما هو محتمل.. الإخوان قفزوا إلى أكثر مما يستطيع التيار الإسلامى أن يحصل عليه، وتصوروا أنهم باقون إلى الأبد.. الإخوان كانوا موجودين فى كل مكان، وتصوروا أن هذه نهاية الطريق، وأنهم باقون للأبد، وفجأة لم يعد لديهم أى شىء، ودخلوا فى حالة إنكار، بل يريدون أن يستولوا مجدداً على ما كانوا قد حصلوا عليه فى لحظة قدرية، ثم أضاعوه!.هكذا لخص الأستاذ هيكل الحال فى مصر، خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، ليرى فى النهاية أن هناك قضية التغيير وقضية التسيير، وفى هذه اللحظة، ووسط الفوضى، نحن بحاجة إلى التسيير بجانب التفكير الجديد، شئون الناس يجب أن تسير بطريقة أو بأخرى، فهناك قضية الثورة وقضية الدولة، لذلك وجب التسيير إلى جانب التغيير.. إلى جانب الأمانى، نريد الطريق إلى السلامة، وإلى جانب ضرورات السلامة وتحدياتها، نريد أن نخطو بالبلاد بأكثر قدر ممكن من الأمان فى الظروف الصعبة، والأمان يتحقق إذا اتُبعت خارطة الطريق، حتى وإن حصلت تسويات معينة لنصل إلى وضع قابل للبقاء.

هذه الحقائق يدركها الشعب المصرى، بل وتدرك الشعوب العربية حجم التحديات التى تواجهها أمتهم.. لذلك، لم يكن غريباً إعلان فوز الفريق عبد الفتاح السيسى بشخصية العام، فى الاستطلاع الشعبى العالمى لآراء القراء الذى طرحته مجلة «تايم» الأمريكية، فيما خسر رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان و42 شخصية أخرى، والذى لم يستطع أن يخفى خيبة أمله أمام تقدم السيسى شعبياً عليه فى الاستفتاء الذى برهن على أى الرجلين أجدر بالاحترام والتقدير؟.. رجل مثل السيسى، ينافح من أجل الحفاظ على بلاده والحيلولة دون ضياعها فى مؤامرة أطرافها معروفة، تريد أن تُورد مصر موارد الهلاك، وترد شعبها إلى حالة من التشرذم والانقسام؟.. أم رجل مثل أردوغان يقف على رأس نظام ثبُت تورطه بشكل مباشر فيما يحدث بمصر وسوريا من تجاوزات وتحريض، بل وتمويل للإرهاب فى سيناء وغيرها. فلم يكن قرار طرد السفير التركى من القاهرة مجرد استعراض لعضلات مصر، لكن استمرار وجوده كان يمثل خطراً محدقاً على المرحلة الانتقالية التى تعيشها البلاد حالياً، بعد أن وصلت التجاوزات التركية حد تمويل الإخوان ومظاهراتهم، بشكل مباشر عن طريق السفارة التركية، إلى جانب احتضانها للتنظيم الدولى للجماعة والقيام بالتنسيق ونقل تعليماته إلى أنصاره داخل مصر، بشكل جعل الإدارة المصرية تعلن نفاد صبرها.. بل إن هناك معلومات مؤكدة تشير إلى الدور الخفى للمخابرات التركية فى دعم العناصر المسلحة فى سيناء، وإشرافها على تدريبات عناصر الإخوان وتنظيم القاعدة فى مناطق ومدن ليبية منذ أشهر، وقد لعب التعاون القطرى التركى فى هذا الشأن دوراً مؤثراً فى الأحداث الدموية التى شهددتها مصر مؤخراً، وكل ذلك غير خافٍ على أحد من الناس، فى الداخل والخارج.

كيف إذن يتساوى الأعمى والبصير، والظلمات مع النور؟.. رجل وقف للمؤامرة ضد بلاده بالمرصاد، وكان طرفاً فيها النظام الذى أتى به وزيراً للدفاع، لكنه أدرك أن الانحياز للوطن أولى وأهم وأشرف من الانجذاب لتيار الهدم والتضحية بالبلاد، فى سبيل مشروع «صهيو ــ أمريكى» تدعمه تركيا وقطر.. ورجل طرده الاتحاد الأوروبى، الذى رأى أن تركيا أقل من أن ترقى للمصاف الأوروبى، فراح يبحث فى أضابير الماضى، فلم يجد إلا أحلام الخلافة العثمانية، يقيمها على أنقاض دول عربية كانت يوماً تحت الاحتلال العثمانى، فنصب نفسه خليفة عثمانياً جديداً، وراح يتدخل فى شئون البلاد ومصير العباد، داعماً لتحركات التنظيم الدولى للإخوان فيها، لعلهم يكونون سيف ودرع الخلافة الجديدة المزعومة.

إن من يرى الفرحة المصرية العارمة بفوز السيسى يقدر أسبابها، ومن يلحظ الحسرة التركية الرسمية على خيبة أردوغان يلتمس لها العذر، لكن ما هو غير مفهوم، هى محاولات عناصر الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعى، التشكيك فى فوز السيسى، وفى نتائج استطلاعات «التايم»، لكنها محاولات تقول بأن بيننا أناسًا ليسوا منا ولسنا منهم.. وتلك هى المصيبة!.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.