رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الحديني: القصة القصيرة جدا وقصيدة النثر خارج حسابات الجوائز الأدبية

جريدة الدستور

عن مجموعته القصصية القصيرة "لا أحد هناك" حصل الشاعر والكاتب الشاب محمد الحديني٬ على جائزة الدولة التشجيعية 2019. عن المواقف التي صادفها في الوسط الأدبي والثقافي٬ وكتابه المفضل الذي شجعه على خوض مغامرة الكتابة٬ كان لنا معه هذا اللقاء.

- ما هو كتابك المفضل؟ ولماذا؟

رغم أنني قرأت الكثير من الكتب بالعربية والإنجليزية، تبقى رواية (السقا مات) للأديب يوسف السباعي هي أقرب الكتب إلى نفسي رغم أن البعض قد لا يراها رواية فارقة.
والسبب أنني توحدت جدا مع شخصياتها الرئيسية ( شوشة السقا، شحاتة المطيباتي، وسيد ابن السقا ) كما أنها تتناول عدة أفكار فلسفية أهمها إشكالية الحياة والموت.

- أول كتاب شجعك على الكتابة؟

لا أدري تحديدا وربما لأنني بدأت الكتابة في عمر الــ 33 فيمكن القول أن تراكمات القراءات على مر سنين سابقة لهذا العمر هي ما شجعتني على الكتابة.

- أقرب بيت شعر إلى قلبك وهل ينطبق على موقف من حياتك؟

اسمحي لي أن أستعير مقطع من أغنية للمغني الإنجليزي Sting وفيه يقول:"Be yourself no matter what they say."
أنا مؤمن بالفردية وبضرورة أن يمارس الإنسان حريته واستقلاليته بما لا يضر غيره كما ينبغي عليه أيضا يحترم حرية واستقلال الآخرين.. وفي حياتي عموما أجتهد جدا أن أكون حرا ومستقلا. فسياسيا، لم أنتمِ أبدا لحزب سياسي. وأدبيا، أكتب القصة القصيرة جدا وقصيدة النثر وهما جنسان أدبيان لا يكتبهما الكثيرون كما أن عليهما لغط ( ربما بدأ في التلاشي ) وهو ما جعلهما خارج حسابات الجوائز الأدبية على عكس الرواية والقصة القصيرة والشعر الكلاسيكي.

- أغرب موقف قابلته في الوسط الثقافي

علاقتي بالوسط الثقافي محدودة نسبيا ربما لأنني مقيم خارج مصر التي أعود إليها في الصيف فقط بحكم عملي وإقامتي بدولة الكويت منذ 14 عاما ولكن هذا لم يمنع من بعض التفاعلات والتقاطعات مع الوسط الثقافي.. ومن المواقف الغريبة التي قابلتها قيام أحد الكتاب المؤمنين بالحداثة بانتقاد تخصيص الدولة لجائزتها في الآداب في القصة القصيرة جدا.

- من هو أقرب أبطال رواياتك قصصك لك.. وما قصته ولماذا؟

في قصصي القصيرة جدا لا يمكنني تسمية بطل بعينه فأحيانا يكون الإنسان (موظف مهمش، شريد، حفار قبور، جندي في معركة، رجل دين، سياسي....) وأحيانا أخرى أبطال آخرين مثل: (فزاعة الحقل أو جنود رقعة الشطرنج أو النملة أو تمثال الميدان أو ملكة النحل أو مومياء قابعة في تابوت...)
كل هؤلاء وغيرهم أراهم أبطالا مع العلم أن القصة القصيرة جدا تفتقر لتعدد الأبطال بحكم صغر حجمها وتركيز حدثها على لحظة أو لقطة أو مشهد واحد.

- هل تذكر أول شيء كتبته في حياتك؟.. وما هو؟

طبعا أذكره جيدا، كان ذلك في نهاية شهر أكتوبر 2013 وكان ردة فعل لرؤيا جاءتني في منامي فترجمتها على ورق وأرسلتها لبعض الأصدقاء. وقد لاقى هذا النص استحسانهم ومن بينهم د أمل إبراهيم وهي من نبهتني أن هذا النص ينتمي للقصة القصيرة جدا ووجهتني إلى ضرورة قراءة نصوص تنتمي لهذا الجنس الأدبي خصوصا في أدب أمريكا اللاتينية وقد كان، فلها كل الشكر والتقدير.

وإليك النص في صورته الأولى:"خرج من كهفه مندفعا وعلى وجهه ترتسم انفعالات متضاربة من الدهشة والفرح والتساؤل.هل لايزال حيا؟! أم أنه في العالم الآخر؟! تصفح وجوه الناس لعله يجد إجابة! ولكنها كانت وجوه ساكنة وإسمنتية التعابير.
سأل أحدهم عن الزمان والمكان فجاءه صوت عميق متحدثا بلغة رقمية غريبة على مسامعه.
انتابته حالة من الهلع والخوف جرفته إلى كهفه وهناك شعر بألفة وسكينة ودفء جعله يعود هانئا إلى سباته الأبدي."

- هل هناك شخصية في فيلم مفضلة لك؟ ولماذا؟

شاهدت العديد والعديد من الأفلام العربية وغير العربية الزاخرة بالشخصيات المدهشة، ولكن تبقى شخصية توكو ( القبيح ) التي أداها العظيم إيلي والاش في فيلم ( الطيب والشرس والقبيح ) أحد أجزاء ثلاثية الغرب الأمريكي للمخرج الإيطالي القدير سيرچيو ليون، هي أغرب الشخصيات وأكثرها غنى.

- هل لك موقف مع كاتب أو فنان كبير تذكره دائما؟ ما هو؟

طبعا لي أكثر من موقف لعل أبرزها مع الأديبة الكبيرة د. سهير المصادفة عندما توجهت إليها في مكتبها بالهيئة المصرية العامة للكتاب بمخطوط مجموعتي القصصية القصيرة جدا ( لا أحد هناك ) آملا أن ينشر من بين منشورات الهيئة وكانت دهشتي أنها مع لجنة القراءة قد تحمسوا وأجازوه للنشر لاحقا رغم كل اللغط المثار حول القصة القصيرة جدا. ويمر عامان ويفوز الكتاب بجائزة الدولة التشجيعية.

- ما هي القصة التي تحلم بكتابتها يومًا ما؟

سؤال صعب علي ربما لأنني اجتهد في كتابة الشعر حاليا ولكن يوما ربما أستدعي عدة شخصيات تاريخية ليكونوا أبطال رواية أو مجموعة قصصية.

- لو معك تذكرتين للسينما من تدعوه من الشخصيات التاريخية؟

لو اعتبرنا أن الراحلين من سنين غير بعيدة شخصيات تاريخية فأظن أن الاختيار سيكون صعبا جدا عليّ بين الراحلين الخالدين الكاتب العظيم محمود السعدني والموسيقار الألمعي سيد مكاوي.

- هل تؤمن بالسحر أو الأعمال؟ وهل مررت بموقف شبيه؟

بالطبع لا أؤمن بهما على الإطلاق لأن لا بشر على وجه الأرض يملك قدرات الإله.. المسألة كلها إيحاء من مُمَارِس السحر واستعداد وقبول مسبق من المُمَارَس عليه الفعل.

- إذا كتب قصة من سطر واحد عن الموت كيف ستكون؟

" عندما استيقظ حفار القبور من نومه، وجد الموت جالسا بجانبه يحتسي الزئبق الأحمر."