رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تجوز الأضحية بعجل سمين لم يكمل السنتين؟.. الأزهر يجيب

عجل صغير
عجل صغير

ورد للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، جاء نصه أريد أن أضحي وعندي عجل بقر ممتلئ لحمًا، أي سمين، إلا أنه لم يكمل السنتين، فهل يجوز أن أضحي به؟ وجاء رد اللجنة كالآتى:

إن الأضحية مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الإِجْمَاعً: أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: "فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ تَحْكِي فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، وَأُخْرَى تَحْكِي قَوْلَهُ فِي بَيَانِ فَضْلِهَا وَالتَّرْغِيبِ فِيهَا وَالتَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" أخرجه مسلم، وَأَحَادِيثُ أُخْرَى، وَقَدْ شُرِعَتِ التَّضْحِيَةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي شُرِعَتْ فِيهَا صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ وَزَكَاةُ الْمَـــال.

وللأضحية شُرُوطُ صِحَّةِ تَخْتَصَّ بِهَا، وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى الأْضْحِيَّة، وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمُضَحِّي، وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى وَقْتِ التَّضْحِيَةِ.

النَّوْعُ الأْوَّل: شُرُوطُ الأْضْحِيَّةِ فِي ذَاتِهَا: الشَّرْطُ الأْوَّل وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ: أَنْ تَكُونَ مِنَ بهيمة الأْنْعَامِ، وَهِيَ الإْبِل وَالْبَقَرَ وَمِنْهَا الْجَوَامِيسُ وَالْغَنَمُ ضَأْنًا كَانَتْ أَوْ مَعْزًا، وَيُجْزِئُ مِنْ كُل ذَلِكَ الذُّكُورُ وَالإْنَاثُ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ التَّضْحِيَةِ، بِأَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً أَوْ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ مِنَ الإْبِل وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ، وَجَذَعَةً أَوْ فَوْقَ الْجَذَعَةِ مِنْ الضَّأْنِ فَلاَ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا دُونَ الثَّنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ وَلاَ بِمَا دُونَ الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَعَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضّــــَأْنِ" (صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب: الأضاحي، باب: سن الأضحية) هكذا بأســـلوب الحصر "لا، وإلا" الذي لا استثناء فيه، والحديث أخرجه مسلم وَالْمُسِنَّةُ مِنْ كُل الأْنْعَامِ هِيَ الثَّنِيَّةُ فَمَا فَوْقَهَا، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتِ الأْضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ" (أخرجه الترمذي: كتاب الأضاحي باب: ما جاء في الجذع من الضأن في الأضاحي رقم 1499 وقال: حسن غريب).

وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الثَّنِيَّةِ وَالْجَذَعَةِ على النحو التالي: الرأي الأول: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَقِيل: مَا أَتَمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَشَيْئًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَ بِالثَّنَايَا لاَشْتَبَهَ عَلَى النَّاظِرِينَ مِنْ بَعِيـــــــدٍ، وَالثَّنِيُّ منَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ابْنُ سَنَةٍ وَمِنَ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَتَيْنِ، وَمِــنَ الإْبِل ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ.

الرأي الثاني: وهو قول المالكية أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا بَلَغَ سَنَةً (قَمَرِيَّةً) وَدَخَل فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ مُجَرَّدَ دُخُولٍ، وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنْ الْمَعْزِ بِمَا بَلَغَ سَنَةً، وَدَخَل فِي الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا كَمُضِيِّ شَهْرٍ بَعْدَ السَّنَةِ، وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنَ الْبَقَرِ بِمَا بَلَغَ ثَلاَثَ سِنِينَ وَدَخَل فِي الرَّابِعَةِ وَلَوْ دُخُولًا غَيْرَ بَيِّنٍ وَالثَّنِيَّ مِنْ الإْبل بِمَا بَلَغَ خَمْسًا وَدَخَل فِي السَّادِسَةِ وَلَوْ دُخُولًا غَيْرَ بَيِّنٍ.

الرأي الثالث: وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مَا بَلَغَ سَنَةً وَقَالُوا: لَوْ أَجْذَعَ بِأَنْ أَسْقَطَ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهِ قَبْل السَّنَةِ وَبَعْدَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَكْفِي وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنْ الْمَعْزِ بِمَا بَلَغَ سَنَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْبَــــقَرُ، وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا اسْتَكْمَلَتْ خَمْسَ سنين، ولا تجوز التضحية بجذعة من المعز لحديث البراء بن عقَالَ: "ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ قَـــــــالَ: " اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ" ثُمَّ قَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ" (صحيح البخاري: كتاب الأيمان والنذور)، ولا يجوز إلا ذبح المسنة لحديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ "، والراجح والمختار هو الأول.

وبناء على ذلك لا يجزئ أن يضحي بما لم يبلغ السن الذي حدده جمهور الفقهاء بناء على ما فهموه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوارد بأسلوب الحصر الذي لا استثناء فيـه.