رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وانج قوانجدا يكتب: التعاون الصينى مع مصر والدول العربية فى مكافحة الوباء

وانج قوانجدا
وانج قوانجدا

تربط بين الصين والدول العربية ذكريات مشتركة للتواصل الودى فى التاريخ، وكان الجانبان يتبادلان الدعم والمساعدة بروح الفريق الواحد فى المهام المشتركة لتحقيق الاستقلال الوطنى وبناء الدولة فى العصر الحديث، مما أرسى أسسًا متينة للتواصل والتنافع بين الحضارتين العظيمتين فى العصر الجديد. فى السنوات الأخيرة، عملت الأمتان الصينية والعربية استرشادًا بالدبلوماسية على مستوى القمة على تكريس روح طريق الحرير لبناء «الحزام والطريق»، والدفع بإقامة المجتمع الصينى العربى للمصالح والمستقبل المشترك. فى وجه الوباء، تساندت الصين والدول العربية حفاظًا على مصلحة الجانبين، مما أسهم فى توسيع مجالات التعاون الجماعى بين الصين والدول العربية والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مستوى جديد.
منذ حدوث وباء فيروس كورونا المستجد تعاونت الصين والدول العربية فى مكافحة الوباء وتغلبت على الصعوبات المرحلية، ودفعت بإقامة مجتمع الصحة المشتركة على نحو معمق. ولما كان الوباء يجتاح الصين، أعربت جميع الدول العربية الـ٢٢ وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى وغيرهما من المنظمات الإقليمية عن دعمها للجهود الصينية فى مكافحة الوباء.
وفقًا للإحصاءات غير المكتملة، أعرب أكثر من ٦٠ مسئولًا وعدد لا يُحصى من رجال الأعمال والشخصيات المدنية فى الدول العربية عن التقدير للإجراءات الاحترازية الصينية والتشجيع للصين، وهم سجلوا تقديرًا عاليًا لقدرة الحوكمة الصينية على مواجهة أزمة الصحة العامة، وقدموا الدعم الأخلاقى والمعنوى والمادى الثمين للصين.
قال الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إن مصر، حكومة وشعبًا، تدعم الجانب الصينى بكل ثبات، وتثق بأن الجانب الصينى يقدر على هزيمة الوباء على وجه السرعة، وأقر مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارًا للتعبير عن التقدير والدعم للجهود الصينية فى مكافحة الوباء. كما تبرعت الدول الأعضاء فى الجامعة العربية بنحو ١٠ ملايين كمامة وقرابة ٣.٢ مليون زوج من القفازات و١٠٠ ألف لباس واقٍ و٦٥ ألف نظارة واقية إلى الصين.
نظم مركز الدراسات الصينى العربى للإصلاح والتنمية الذى تم إنشاؤه بمبادرة الرئيس شى جين بينج قبل ٣ سنوات بنجاح ١٠ دورات دراسية للمسئولين العرب ودورة دراسية للأحزاب السياسية الصينية والعربية بشأن بناء «الحزام والطريق» بمشاركة ٢٩٨ مسئولًا على المستوى الرفيع من الدول العربية والجامعة العربية، حيث تبادلوا الخبرات حول الإصلاح والتنمية والإدارة والحكم بشكل مستفيض، وتباحثوا على نحو معمق حول مفهوم إقامة المجتمع الصينى العربى للمستقبل المشترك وسبل التعاون فى إطار «الحزام والطريق». أثناء تفشى الوباء، بعث المتدربون فى الدورات الدراسية برسائل المواساة للتعبير عن ثقتهم الثابتة فى الصين لهزيمة الوباء بالاعتماد على ميزة النظام وقدرة الحوكمة.
يعرف الصديق وقت الضيق، ففى ظل انتشار الوباء فى عدة دول ومناطق العالم، لم تبق الدول العربية الواقعة فى منطقة التلاقى بين آسيا وإفريقيا وأوروبا فى حالة الأمن بنفسها. لغاية منتصف يونيو، سجلت الدول العربية الـ٢٢ أكثر من ٤٠٠ ألف حالة مؤكدة، وأكثر من ٥٠٠٠ حالة وفاة. فى الوقت الصعب والخطر، لم ينس الشعب الصينى عرفان الجانب العربى، ومد يد العون فى اللحظة الأولى لتقديم كل ما فى وسعه من الدعم والمساعدة إلى الدول العربية بكل أشكالها لترجمة مفهوم تشارك المستقبل والتضامن فى مكافحة الوباء على الأرض بخطوات حقيقية.
أرسلت الصين فرق الخبراء الطبيين إلى العراق والسعودية والكويت وجيبوتى والجزائر والسودان وفلسطين وغيرها من الدول تباعًا، وقدمت المستلزمات الطبية إلى ٢٠ دولة عربية، بما فيها مصر وتونس وقطر والأردن، وساعدت العراق والسعودية وفلسطين على بناء مختبرات فحص الفيروس. فى يوم ٢٥ أبريل، تم إنجاز غرفة الفحص بالأشعة المقطعية بمساعدة الصين فى بغداد العراقية.
أثناء تفشى الوباء، تبادل القادة الصينيون والعرب ٢٣ برقية مواساة، وأجرى الرئيس شى جين بينج ٩ مكالمات هاتفية مع القادة العرب. يولى الجانب العربى اهتمامًا بالغًا للاستفادة من الخبرات والتجارب الصينية الناجعة لمكافحة الوباء، وعليه، عقد الجانبان الصينى والعربى ٢٠ جلسة افتراضية لتقاسم الخبرات حول مكافحة الوباء. فى عملية مكافحة الوباء، تبادل الجانبان الصينى والعربى الدعم وأجريا التعاون المخلص من خلال التواصل الفعال والمساعدة السخية وتقاسم الخبرات، الأمر الذى يعد نموذجًا يحتذى به للتعاون بين الدول النامية.
تقدر الدول العربية تقديرًا عاليًا جهود الصين ودورها كدولة مسئولة وكبيرة لدعم مكافحة الوباء فى العالم التزامًا بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. أعرب الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فى المكالمة الهاتفية مع الرئيس شى جين بينج عن شكره للجانب الصينى على تقديم مواد الفحص والمستلزمات الطبية للسعودية، مؤكدًا وقوف الشعب السعودى الدائم والثابت مع الجانب الصينى. وأشار أستاذ مساعد للعلوم السياسية فى جامعة زايد فى أبوظبى جوناثان فولتون، مستشهدًا بمقالة منشورة فى جريدة «نيويورك تايمز»، إلى أن الصين أصبحت «رائدة مسئولة فى العالم فى أوقات الأزمة العالمية» فى خضم التعاون الدولى فى مكافحة الوباء.
فى بداية حدوث الوباء، أضيئت المعالم الرمزية فى الإمارات ومصر باللون الأحمر، وتضامنت وسائل الإعلام العربية مع الصين بأساليب مختلفة، وقامت بتغطية الإنجازات التى حققتها الصين فى مكافحة الوباء واستئناف العمل والإنتاج وسجلت تقييمًا إيجابيًا لخروج الصين من مأزق الوباء قبل الآخرين، الأمر الذى يدل على أن الصداقة مع الصين تظل تيارًا رئيسيًا فى الرأى العام ووسائل الإعلام العربية. عندما قامت الولايات المتحدة والغرب بتسييس الإجراءات الوقائية الصينية وربط الفيروس بالصين وإساءة سمعتها، نشرت العديد من الدول العربية مقالات عرضت الإنجازات الصينية فى مكافحة الوباء، دفاعًا عن العدالة والإنصاف.
خلاصة القول، تتخذ وسائل الإعلام العربية الرئيسية موقفًا موضوعيًا وإيجابيًا من تطورات الوباء فى الصين، الأمر الذى يتماشى مع الصداقة الصينية العربية، ويسهم فى جعل علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية أكثر عمقًا وفعالية، فى السنوات الأخيرة، لاقى فكر شى جين بينج الدبلوماسى وتطبيقاته الدبلوماسية قبولًا واسع النطاق فى الدول العربية. فى أعوام ٢٠١٤ و٢٠١٦ و٢٠١٨، قدم الرئيس شى جين بينج عروضًا مهمة حول السياسة الصينية أمام العالم العربى، الأمر الذى أدخل علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية إلى عصر جديد.
فى مطلع العام الجارى، قام مستشار الدولة وزير الخارجية وانج يى بزيارة لمصر، باعتبارها المحطة الأولى فى جولته الخارجية الأولى منذ رأس السنة، حيث التقى مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، الأمر الذى يعكس بجلاء الاهتمام البالغ من الجانب الصينى بتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر وعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية.
إن الصين كثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وفت بمسئولياتها تجاه قضية الصحة العامة العالمية، وأثبت ما أظهرته من صورة دولة مسئولة وكبيرة فى مواجهة الوباء أنها تستحق الثقة فى مجالات أخرى للتعاون الدولى. نحن على ثقة تامة بأن علاقات الصداقة الصينية- العربية ستزداد عمقًا ومتانة، وستقبل على آفاق أرحب بفضل التعاون فى مكافحة الوباء.
أستاذ بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاى المدير التنفيذى لمركز الدراسات الصينى العربى للإصلاح والتنمية