رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين مواجهة كورونا والحرمان من العائلة.. ما الذي يدفع أطباء إلى الانتحار؟

كورونا
كورونا

رصد الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالشرق المتوسط، الوضع الحالي الذي يمر به العالم جراء فيروس كورونا، كاشفا واقع مرير يمر به العاملين بالمجال الصحي موضحا أن هناك تقارير حديثة تفيد بمحاولات انتحار في صفوف العاملين الصحيين، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المكتب الإقليمي للمنظمة.

ونستعرض في السطور التالية، تحليل الأطباء النفسيين حول محاولات انتحار العامليين بالمجال الصحي.

من هم الأطباء المتأثرين بفيروس كورونا؟ وما عددهم؟

سلط الدكتور أحمد المنظري الضوء على هؤلاء العاملين بالمجال الطبي، مشيرا إلى أن العاملين أنهم في الخطوط الأمامية للمعركة في مواجهة هذا المرض ومشددا على أنهم أكثر من تأثروا بالفيروس المستجد كوفيد 19، والذين يبلغ عددهم 50 مليونًا تقريبًا على مستوى العالم، منهم حوالي 3.5 ملايين في الإقليم، مشاركين مباشرةً أو غير مباشرة في الاستجابة للفيروس، يتضمنوا فرق الترصد التي تكشف عن حالات الإصابة المحتملة، ومقدمي خدمات الرعاية الصحية الذين يشخصون المرضى ويعالجونهم، العاملين في المختبرات، والعاملين في مجال صحة المجتمع، والموظفين بوزارات الصحة الوطنية مؤكدا أنهم معرضون طوال الوقت بخطر فقدان حياتهم.

عالم الأطباء مليئ بالضغوط

يتحدث الدكتور على عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي، اليوم للدستور حول اسباب دفعت بعض الأطباء إلى إنهاء حيواتهم، قائلا: "الأطبلء بشر مثلهم مثل باقي البشر، يتأثرون بالضغوط، وهذه هم خط الدفاع الوحيد أمام هذا للمرض، وأثناء سيرهم رحلة العلاج مع المريض يكون هدفهم الأسمي شفاء المريض وعودته للحياة" ويشير الاستشاري النفسي، أنه يحدث ما هو غير متوقع بفقدان المصاب، فحينها يصيب الأطباء نوعا من الضيق والحزن الشديد والاحباط.

الأطباء يودعون أصدقائهم يوما بعد يوم

يعمل الأطباء فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ العالم، وسط ضغوط عمل شديدة جدا، فيشير دكتور على عبد الراضي، إلى أن الأطباء يودعون اصدقائهم يوما بعد يوم، بسبب إصابة بعضهم بالفيروس، وهو ما يصيبهم بالحزن الشديد والكرب، الذي يجعل بعض الأطباء يفكرون فى الانتحار وانهاء حياتهم.

احصائية: 22 ألف عامل مصاب في المجال الطبي بسبب "كورونا"
أعلن الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالشرق الأوسط، إنه حتى 8 أبريل الماضي أُصيب أكثر من 22 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية في 52 بلدًا بمرض كوفيد-19، وفقا للتقارير الواردة إلى المنظمة، وتتراوح نسبة العاملين الصحيين المصابين في اقليم شرق المتوسط من 1% إلى 20%، ونظرًا لعدم إبلاغ المنظمة بطريقة منهجية عن حالات العدوى بين العاملين الصحيين، نعتقد أنَّ هذا العدد ربما لا يُمثِّل العدد الحقيقي لحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 بين العاملين الصحيين.

وما يؤكد معاناة العاملين بالصحة، أن الاحصائيات الحديثة تشير إلى أن أكثر من 90% منهم يصابون بالعدوى داخل المرافق الصحية حيث يتعرَّضون للفيروس الفتاك‎، ويبلغ متوسط أعمار العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا 35 عامًا، وترتفع نسبة الإصابة قليلًا بين الإناث عنها بين الذكور، وتفيد التقارير بوقوع حالات العدوى في صفوف التمريض والأطباء أكثر من أي مهنة أخرى.

العاملين بالصحة محروميين من عائلاتهم

يحلل الدكتور على عبد الراضي، ظاهرة محاولات انتحار بعض الأطباء، لمعاناتهم الشديدة، والتى تعود لحرمانهم من دفء العائلة بسبب ضغوط العمل، كما يتوهمون الإصابة بالفيروء وانهم يخشون انخراطهم مع أسرتهم او اخريين، لعد إصابتهم او نقل العدوى لهم وهذه كلها أفكار سلبية تضغط على تفكير بعض العاملين بالصحة لانهاء حياتهم.

عدم التقدير.. سببا فى اللجوء إلى الانتحار

ويوضح استشاري الطب النفسي جمال فرويز، أن سبب انتحار الاطباء الضغط النفسي الشديد الذي يتعرضون له، ومدى الخطورة التي يدركوها على أنفسهم وعلى عائلاتهم، مضيفا أن السبب يرجع إلي "عدم تقدير الأشخاص للدور الذي يقيمون به، لا معنويا ولا ماديا"، والعمل لساعات طويلة أيضا يؤثر على الصحة النفسية، كذلك النوم في أماكن لا تصلح سوى للحيوانات، ورؤيتهم للحالات الخطيرة والوفيات من مصابي فيروس كورونا أمامهم، وأكل غير منتظم بعيد عن الاسرة.

بين 100 طبيب يتعرض 3 لمرض العصابي
ويرصد دكتور جمال فرويز، الفئة التي تلجأ للانتحار من الاطباء تتمثل في الأشخاص المصابين بمرض العصاب، تلك الأشخاص التي لا تتحمل الضغوطات والبعد عن عائلاتها لفترات طويلة والحياة المرهقة، وبين كل ١٠٠ شخص حول العالم يتعرض ٣ منهم لهذا المرض العصابي.

تقديم الدعم النفسي ضرورة

يدعو دكتور على عبد الراضي جميع من حول العاملين بالصحة إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي لكل الطواقم الطبية لأنهم يعيشون فى رعب وعلى خط النار، فكثيرا ما تصيبهم حالة من الانهاك الشديد.

محمد محمود: هؤلاء أصيبوا باكتئاب حاد

قال محمد محمود طبيب نفسى فى مستشفى العباسية للصحة النفسية وعلاج الادمان إن الجيش الابيض خلال الفترة الماضية تعرض لضغوط نفسية كبيرة بعد ارتفاع نسب الإصابة بفيروس كورونا المستجد، كوفيد -١٩.

تابع أن الضغط الكبير الذي قد يقع على كاهل الفرق الطبية في مستشفيات الحجر الصحي قد يدفعهم إلى ثلاث طرق، الطريق الاول هو الرضوخ النفسي أو اللامبالاة بالمعني الدارج لدى العامة، هذا يسبب حالة من فقدان الإقبال على الحياة والشعور بانه لا يوجد اي دافع للقيام بأي شيء حتى علاج المرضي، موضحا أن المصاب بهذا الشعور النفسي يمكنه الفرار منه والافاقة بعد عدة أيام، لكنه في بعض الحال يصل إلى الانفصال عن الواقع وعدم ادراك الواقع.

أما السبيل الثاني فأوضح أنه هو الانهيار العصبي الحاد الذي ينتهك روح الإنسان حال عدم قدرته السيطرة على أمر معين أو مواجهة شيء يفوق قدراته الجسدية والعقلية، والذي يظهر جليا من خلال الارق الشديد، والصراخ المستمر.

أضاف أن الأخير هو الاكتئاب النفسي الحاد، والذي يحاول فيه المرء الهروب من الواقع بالموت أو الانتحار، وهذا ما أصاب عدد من الفرق الطبية في العالم خلال مواجهة كورونا، مؤكدا أنه من الضروري تقديم دعم نفسي للأطباء والتمريض والعاملين في مستشفيات الحجر الصحي.