رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ليس وقت مواجهات" .... كيف نجح كورونا في التهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين؟

كورونا
كورونا

قبل أشهر قليلة، وصل التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين إلى ذروته على خلفية طرح خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ"صفقة القرن" التي رفضتها جميع الفصائل الفلسطينية، وبدا أن الأسابيع اللاحقة كانت ستشهد المزيد من الغضب في حال تنفيذ بنود الخطة إلى أن جاء "فيروس كورونا" ليقلب الأوضاع رأساً على عقب، ويضع حداً للتوتر ولو بشكل مؤقت، بعد أن تصدرت الصحة أولويات الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وتراجعت الملفات السياسية والأمنية.

بشكل لا يمكن إنكاره، أثبت فيروس الكورونا أن ثمة روابط لا يمكن تجاهلها بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء في المجال الاقتصادي أو المدني، فيعتمد الفلسطينيون على إسرائيل من ناحية العمل والتنقل، وتعتمد إسرائيل على اليد العاملة الفلسطينية.

وبعد انتشار كورونا الذي دفع بجميع دول العالم لغلق حدودها بدا أنه من الصعب إغلاق الحدود بشكل كامل بين إسرائيل والفلسطينيين، فعملية إغلاق كاملة للحدود بين الجانبين، والذي سينتج عنه منع دخول 120 ألف عامل فلسطيني من رام الله للعمل في إسرائيل والمستوطنات هذا الأمر سيقوض نسيج الحياة المدنية والتي هي ضرورية للطرفين، فيما يخص الوضع في الضفة الغربية.

لكن في قطاع غزة، الوضع أكثر تعقيداً. حتى الآن لم يظهر حاملون لمرض الكورونا في المنطقة، لكن مستوى خوف الجمهور الغزاوي مرتفع في الأساس، لأنه من الواضح له أن حكومة "حماس" لا تملك وسائل معالجة المرض إذا تفشى في القطاع.

إسرائيل من جانبها اهتمت بسيناريو "تفشي الفيروس في القطاع" والذي بطبيعة الحال سينتشر بسرعة بسبب الازدحام وضعف البنية التحتية، ورأت إسرائيل إنه إذا تفشت الكورونا في القطاع، سيكون من الصعب على إسرائيل أن تتنصل من المسئولية عن ذلك.

فالمجتمع الدولي لن يقبل الحجة الإسرائيلية بأنها لم تعد مسئولة عن الوضع في القطاع بعد الانفصال عنه في عام 2005. وحتى السلطة الفلسطينية المسئولة بحسب اتفاق أوسلو، ليست لها مسئولية حقيقية نحو القطاع، وهو ما دفع إسرائيل إلى التحرك بشكل إيحابي نحو السلطة الفلسطينية وغزة، مثل إدخال معدات مخبرية لاكتشاف كورونا إلى قطاع غزة عن طريق معبر إيرز بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والعديد من التسهيلات الأخرى فضلاً عن التنسيق المستمر لمواجهة الفيروس.

كما يبدو أن جميع الأطراف غير معنية بالتصعيد أو الاحتكاكات العسكرية خلال هذه الفترة، ليس هذا فقط، بل إن "كوفيد - 19" كما يبدو أنه أسهم بشكل كبير في "هدوء" ولو مؤقتا بين إسرائيل والفلسطينيين لمواجهة الفيروس، وأوضح للجانبين حقيقة أن "الصحة والحياة" الآن أهم من الخلافات الأيديولوجية والسياسية.