رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزارة الزراعة فى الطريق الخطأ .. والرحمة بالجيش


يترك وزير الزراعة نقابة الزراعيين التى ينتمى إليها دون نظام تأمين صحى وصرف المعاشات بها متأخر لعام كامل يحتاجه كبار السن ثم يدغدغ مشاعر الفلاح بالحديث عن التأمين الصحى عن الفلاح.

عجيب والله أمر وزير الزراعة الحالى والذى شغل منصب رئيس مركز البحوث الزراعية لخمس سنوات متتالية مع الوزير أمين أباظة قبل ثورة يناير من 2005 إلى 2010، ثم اختاره حسنى مبارك وزيرا للزراعة فى وزارة أحمد شفيق بترشيح مباشر من يوسف والى حيث طلب مبارك ذلك صراحة من أحمد شفيق بأن يرجع إلى يوسف والى فى ترشيح وزيرى الزراعة والرى، ومن قبلها تولى هيئة شئون البيئة بنفس الدعم اليوسفى، والعجيب الذى أقصده فى أمر وزير الزراعة أنه يخرج علينا هذا الأسبوع فى صورة وخلفه كومة من قش الأرز وتصريحاته بأن وزير الزراعة يبحث حل مشكلة قش الأرز وكأنها مشكلة استجدت هذا العام فقط بعد أن أصبح وزيرا وليس أنها مشكلة مستمرة منذ خمس عشرة سنة ومنذ بداية ظهور ظاهرة الاحتباس الحرارى ومعرفة أسباب السحابة السوداء، فلا مركز البحوث الزراعية ولا الهيئة العامة للبيئة أجريا فى عهده أو بتوجيهاته أى أبحاث لمعالجة مشكلة حرق قش الأرز ثم يأتى بعد عودته الميمونة للوزارة فى عهد الببلاوى والذى فضل الاستعانة بالعديد من وزراء مبارك فى خطأ لا يغتفر يعكس عدم وجود رؤية سياسية ولا تقدير لموقف لبلد بعد ثورة 30 يونيو بكونها فى حالة حرب شائعات أقلها الادعاء بعودة رجالات مبارك ولكن للأسف هذا هو قدر مصر بعد الثورة فأهل الثقة مازالوا فى الصدارة. ولا ننسى للسيد وزير الزراعة الحالى اقتراحه الميمون للوزير أمين أباظة بإنتاج مكبس لقش الأرز يتكلف 13 ألف جنيه ويمكن لوزارة الزراعة بيعه مدعوما للفلاح فقط بعشرة آلاف جنيه بالتقسيط على ثلاث سنوات ليستخدمها فى كبس قشه والتحريش به للبهائم فى غيبوبة كاملة وتامة عن معرفة أحوال الفلاح فى مصر والذى أصبح مطلوبا منه شراء مكبس بهذا المبلغ الكبير مقابل لاشىء يمكن أن يعود عليه فالعلماء يعلمون أن قش الأرز لا يحتوى على قيمة غذائية ومن قديم الأزل لم يستخدم أبدا كعلف حيوانى ولا كسماد عضوى وبالتالى لم يضفه الفلاح للتربة أبدا وبالتالى فإن استخداماته الزراعية محدودة للغاية وأقصى استفادة منه تكون بحرقه للاستفادة من رماده وعودة ما يحتويه من العناصر الغذائية للتربة وبالمرة قتل بعض بذور وجذور الحشائش المتبقية فى التربة، أما بخلاف ذلك فإن استخداماته الصناعية فهى الخيار الأفضل فى تصنيع الخشب الحبيبى والكونتر والسليكا وأشباه الموصلات وتصنيع الورق وجذب أو توفير الاستثمارات اللازمة لذلك، ونحذر من الآن من خطورة استخدام اليوريا المسرطنة لتحويل القش إلى أعلاف أو سماد فهى ممنوع استخدامها عالميا إلا فى الصناعة فقط وستضر بالبشر والحيوانات والتربة وجميع الحاصلات الزراعية.

ومثل غيره من باقى الوزراء الهواة ألقى بالمشكلة وصدرها إلى الجيش والتصريح بأن القوات المسلحة ستقوم باستلام القش من المزارعين والتصرف فيه لتستمر الشائعات وتقوى على قواتنا بجهالة دون أن يعلموا أن كل جيوش العالم تضم وحدات للخدمة الميدانية والتى تقدم خدماتها للشعب، الأمر نفسه الذى فعله أبو حديد فعله أيضا وزير الرى فى انهيار جسر ترعة الصف بسبب إهمال مهندسيه واستغاث بالقوات المسلحة لسرعة ترميم جسر الترعة المنهار ومثله محافظ الفيوم فى غرق منازل الفلاحين بمياه الصرف الزراعى ويا عينى عليكى يا قواتنا المسلحة وجيشنا العظيم الذى أصبح هو القطاع الوحيد الفاعل فى هذا البلد، وبالمثل أيضا استعان به وزير الإسكان لبناء مليون وحدة لمحدودى الدخل واستعانت به وزارة الطرق فى ترميم الكبارى، ثم استعانت به الشرطة المصرية لدعم الأمن الداخلى لأن الجيش ليس وظيفته كما يدعى خربى التفكير من أصحاب السمع والطاعة بالوجود على الحدود والدفاع عن الوطن ضد العدو الخارجى بل أيضا ضد العدو الداخلى لمن لا ولاء ولا انتماء ولا عهد ولا ميثاق لهم وتأتى «مصر» العظيمة فى مؤخرة اهتماماتهم فهم يعبدون أصنامهم من قادتهم فى مكتب الإرشاد والجماعة منتزعين السمع والطاعة من رب العالمين «وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» لكى تذهب للبشر من دون الله الواحد القهار. كفاكم تحميل الجيش فوق طاقته أيها الوزراء من أصحاب الهواية وعدم الاحتراف وابحثوا عن حلول علمية تخفف الأعباء عن جيشنا ويكفيه حماية الداخل والخارج من الأعداء فلديكم مراكز الأبحاث المعطلة ووراءكم جيوش من العلماء والفنيين والفلاحين تفشلون فى توظيفها لصالح مصر وخير الفلاح ورخاء الوطن.

يأتى أيضا ضمن سوء تصرفات وزير الزراعة قوله بأنه سيوزع أراضى على شباب الخريجين فى توشكى، هذه المنطقة الوعرة البعيدة عن العمران بمعدل خمسة أفدنة على كل خريج فى أجواء شديدة الحرارة وتتطلب رأس مال كبيرا ولا يصح طبقا لقرارات المجالس القومية المتخصصة إلا تخصيصها لكبار المستثمرين فقط وهم بدورهم يقومون بتشغيل الشباب فى مختلف التخصصات فى هذه المشروعات حيث يوفرون لهم الإقامة والإعاشة والتى لا يمكن لشاب أن يتحملها. وهروبا من هذه النقطة فإذا بالوزير يبشرنا بعودة مشروع أحمد نظيف وأمين أباظة والذى عمل معه أبو حديد لأكثر من خمس سنوات بقيام الشركات الكورية والصينية بإدارة الزراعة فى مصر – التى هى أم الزراعة فى العالم – فيدير لها الصينيون والكوريون زراعتهم العريقة غافلون عن خبرتنا الزراعية لسبعة آلاف سنة. المشروع الذى طرحه أمين أباظة وأحمد نظيف ويبشرنا أبو حديد بعودته هو أن تقوم شركات كبيرة بتجميع الأراضى من الفلاحين فى الوادى والدلتا والصحارى مقابل أسهم تعطيها لصاحب الأرض ثم تقوم الشركة بزراعتها وإدارتها وتوزيع الأرباح «أو الخسائر» فى نهاية كل عام على أصحاب الصكوك والسندات وينتهى تماما علاقة صاحب الأرض بأرضه ولا يمكنه دخولها بل ويمكن أن يستعان به للعمل كأجير فى الأرض فيكون مالكا على الورق وأجيرا فعليا فى الوقت نفسه بعد أن أخذوا منه أرضه مقابل ورقة ولن يستطيع استردادها بعد ذلك أبدا، هذا النظام شهد رفضا عارما من المزارعين من قبل والذى ينم عن غطرسة وجهالة بسلوك وفكر أهل الريف والصعيد وأى منهما يرفض أن يتحول من مالك إلى أجير فى أرضه فهى معيرة وعيبة كبيرة فى الريف. الغريب فى الأمر أن نفس هذا الوزير رفض نظام التجميع الزراعى من قبل حين سحب أراضى مشروع الأمير طلال بن عبد العزيز وادعى أنها بطولة بأن نسحب 75 ألف فدان ثم لا نجد حتى الآن أى مستثمر ليشتريها ويزرعها ويتحدث الآن عن شركات تسحب الأراضى من الخريجين وتديرها ولا يصبح لمالكها أى حكم عليها.

وأخيرا يترك وزير الزراعة نقابة الزراعيين التى ينتمى إليها دون نظام تأمين صحى وصرف المعاشات بها متأخر لعام كامل يحتاجه كبار السن ثم يدغدغ مشاعر الفلاح بالحديث عن التأمين الصحى عن الفلاح! وكأن هذا هو عمل وزارة الزراعة وليس وزارة التأمينات الاجتماعية والمالية والصحة، أو كأن بيده التأمين على 35 مليون مزارع لهم نقابتهم التى ينبغى أن تتولى هذا الأمر، فالتأمين الصحى على نقابتى الزراعيين والفلاحين لها أسس غائبة تماما عن فكر الوزير.

■ كلية الزراعة - جامعة القاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.