رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاء المحرقة.. كيف استفادت إسرائيل من ذكرى «الهولوكوست»؟

جريدة الدستور

التقى نحو ٤٠ زعيم دولة، فى مركز النصب التذكارى للمحرقة النازية «ياد فاشيم» فى القدس المحتلة، للاحتفال بالذكرى السبعين لتحرير معسكر «أوشفيتز» النازى الذى قتل فيه نحو ١.١ مليون شخص، أغلبهم من اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، حيث ألقى زعماء فرنسا وروسيا وألمانيا ونائب الرئيس الأمريكى، مايك بنس، وولى العهد البريطانى، الأمير تشارلز، كلمات خلال هذه المناسبة. ويأتى الحدث وسط توترات سياسية داخلية فى إسرائيل على خلفية بدء الاستعداد لانتخابات «الكنيست» الثالثة المقررة فى مارس المقبل. وربط رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضى، بين «الحل النهائى» الذى وضعه النازيون لإبادة يهود أوروبا والتهديد الذى تشكّله إيران. وقال إنّ «ثلث الشعب اليهودى قضى حرقًا فى المعسكرات النازية، ثم أقيمت دولة إسرائيل، لكن محاولات تدمير الشعب اليهودى لم تتوقف، إذ تعلن إيران كل يوم أنها تريد أن تزيل إسرائيل عن وجه الأرض». «الدستور» تستعرض، فى السطور التالية، ظروف وترتيبات وملابسات القمة وتداعياتها السياسية، خاصة أنها أكبر تجمع دولى يعقد فى إسرائيل على الإطلاق.

47 وفدًا شارك فى «احتفال القدس».. ورئيس رابطة العالم الإسلامى: ديننا لا يقبل ارتكاب مثل هذه الجرائم

شارك نحو ٤٧ وفدًا دوليًا فى إحياء ذكرى الهولوكوست بإسرائيل، بينهم رؤساء وملوك ورؤساء وزراء، وكان أول من سافر حاكم أستراليا العام، ديفيد هيرلى، الثلاثاء الماضى، ثم وصل الآخرون بالتتابع على متن طائرات خاصة. وشملت قائمة الضيوف: نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس، ورئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، والرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى والأمير البريطانى تشارلز، وقادة من رومانيا وإيطاليا والنمسا واليونان وقبرص وألبانيا وكرواتيا وجورجيا وبلغاريا والسويد والدنمارك والتشيك والمجر وفنلندا والبوسنة وأيسلندا وأرمينيا وأستراليا وكندا ودول أخرى.
وأعلن رئيس بولندا، أندريه دودا، أنه لم يحضر لأن المنظمين لم يدرجوا اسمه كمتحدث فى المنتدى، مستنكرًا السماح لممثلى الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بالتحدث ورفض طلبه فى المقابل. وردت منظمة «ياد فاشيم» قائلة إن المتحدثين سيمثلون الفائزين فى الحرب العالمية الثانية والدولة التى ارتكبت المحرقة «ألمانيا». وزار الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى، الشيخ محمد العيسى، سعودى الجنسية، معسكر الإبادة الجماعية لليهود فى بولندا «أوشفيتز». ونشر حساب «إسرائيل بالعربية»، التابع للخارجية الإسرائيلية، مقطع فيديو لـ«العيسى» يؤم وفدًا من رجال الدين المسلمين فى الصلاة بالمعسكر.
وهذا الاتجاه بدأه «العيسى» قبل عامين، عندما زار متحف المحرقة فى واشنطن، حيث عبر عن تعاطفه مع الضحايا، مشددًا على أن «الإسلام الحقيقى لا يمكن أن يقبل مثل هذه الجرائم»، كما زار متحف الهولوكوست فى واشنطن لاحقًا.
وقال «العيسى» حينها: «إنكار الحقائق التاريخية يساعد هؤلاء الذين يواصلون الترويج لأفكار الكراهية العنصرية والتطهير العرقى والدينى كما نشهده فى هذه الأيام فى أعمال التطهير العرقى بحق أبناء الروهينجيا بميانمار.. العبر التى يجب استخلاصها من الهولوكوست تنطبق على العالم بأسره، ومن مسئولية المسلمين فى جميع أنحاء المعمورة أن يتعلموا هذه العبر وينضموا إلى المجتمع الدولى بالتعهد بأن الهولوكوست لن يتكرر أبدًا».
وشدد على أن الرابطة التى يرأسها «تعتبر أى محاولة لإنكار المحرقة أو التقليل من نطاقها تشويهًا للتاريخ وإساءة إلى ذكرى الضحايا واستهزاء بالبشرية جمعاء، إذ إننا نتشارك نفس القيم الإنسانية والروحانية».


10 آلاف شرطى لحماية الحدث ورسالة تحذير لـ«حماس» من أى تحرك

انتهزت إسرائيل القمة كى تثبت للعالم أنها مكان آمن وقادرة على تنظيم فعاليات دولية، حيث اتبعت إجراءات أمنية مشددة لحماية القمة، أولها أنها أرسلت رسالة إلى حركة «حماس» حذرتها فيها من مغبة تخريب الحدث، موضحة أنه فى حال قيام الحركة بأى أعمال عنف فإن الجيش الإسرائيلى لن يتردد فى الرد بقوة، حتى فى أثناء وجود زعماء العالم، وفقًا لما ذكرته القناة الإسرائيلية الـ١٣.
وجاءت هذه الرسالة فى وقت عاد فيه التوتر بين إسرائيل و«حماس»، بعد أن قررت الحركة التصعيد أمنيًا على خلفية التلكؤ فى الدفع قدمًا بالتفاهمات المتعلقة بالتهدئة طويلة الأمد بين الجانبين، حيث عادت هجمات البالونات الحارقة، وقبلها إطلاق صاروخ من القطاع نحو بلدة سديروت فى غلاف غزة، فردت إسرائيل بمهاجمة مواقع تابعة للحركة فى القطاع.
وحسب التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية «الشاباك» فإن هناك توقعات بإرسال المزيد من البالونات المفخخة فى اتجاه المناطق المحيطة بقطاع غزة، أو إتاحة المجال أمام الفصائل الصغيرة لإطلاق الصواريخ نحو جنوب إسرائيل. وقبل أيام زعمت إسرائيل أن ٣ شباب فلسطينيين عبروا الحدود من قطاع غزة، وأطلقت القوات عليهم النار من دبابة بعد مزاعم بأنهم ألقوا قنابل يدوية.
وذهب بعض المحللين إلى أن أسباب العودة إلى الأساليب التى تراجع عنها الفلسطينيون، مثل التسلل عبر الحدود وعودة مسيرات العودة هى أن القائد الجديد لمنطقة شمال غزة بـ«سرايا القدس»، التابعة لحركة الجهاد الاسلامى، تيسير الجعبرى، يحاول إحراج إسرائيل أمام قادة العالم.
ونشرت إسرائيل حوالى١٠ آلاف شرطى فى القدس المحتلة والطرق السريعة المؤدية إليها، قبل وصول الوفود، ووفقًا لرئيس عمليات الشرطة، القائد يشاى شاليم، فإن المنتدى العالمى الخامس للمحرقة مثل إحدى أكبر العمليات الأمنية وأكثرها تعقيدًا على الإطلاق للشرطة الإسرائيلية. وأطلقت الشرطة الإسرائيلية على عملية تأمين القمة اسم «عملية المستقبل»، التى تعاونت فيها جنبًا إلى جنب مع وحدة الأمن ٧٤٠ التابعة للشاباك، المسئولة عن حماية المسئولين رفيعى المستوى، كما وفر الجيش الإسرائيلى الحماية لقادة العالم الذين زاروا الضفة الغربية.
أما عن ترتيبات القمة، فقد أقامت الوفود الأجنبية فى الفنادق الفاخرة فى شارع الملك داود بالقدس المحتلة، ونتيجة لذلك جرى إغلاق هذا الطريق. وجاء برنامج القمة كالتالى: مساء الأربعاء الماضى جرى عقد الجزء الأول من هذا الحدث، وهو عشاء رسمى فى مقر الرئيس رءوفين ريفيلين، أما صباح أمس الأول الخميس فقد أقيم الحدث التذكارى فى متنزه ساكر بالقدس المحتلة، فيما تم إغلاق الطريق بين منتزه ساكر وشارع الملك داود، وتلاه الحدث الرئيسى فى متحف ياد فاشيم، وكذك تم غلق الطرق بين ياد فاشيم وعدة أماكن فى القدس. وخلال هذا الوقت تم تشجيع الجمهور على استخدام وسائل النقل العام، لا سيما القطار الخفيف قدر الإمكان، من أجل الحد من حركة المرور، فيما بدأت الوفود فى المغادرة يوم الجمعة.

مكاسب نتنياهو: أفشل لقاء جانتس وبوتين.. وهاجم إيران مجددًا

استغل «نتنياهو» القمة لتحقيق عدة مكاسب سياسية، فى وقت تزايدت فيه أزماته، خاصة مع مواجهته خطر المحاكمة بشأن قضايا فساد، ومحاولته الحصول على حصانة قضائية تنجيه من تلك المحاكمة.
وتباهى «نتنياهو» بحضور قادة العالم إلى إسرائيل، ونشر تغريدة على تويتر قال فيها: «نحن نعيش ازدهارًا دبلوماسيًا واقتصاديًا وعملياتيًا وعسكريًا لا مثيل له».
وتجاهل «نتنياهو» أن الوافدين، وأغلبهم من أوروبا، جاءوا بسبب خجلهم من ذكرى «الهولوكوست»، بل إن هناك مواطنين من تلك البلاد كانوا ضحايا لها.
وأراد «نتنياهو» أن يرسل عدة رسائل من القمة، أولاها أن قادة العالم تتعامل معه دون تحفظ على الرغم من تورطه فى شبهات الفساد، وأنهم جاءوا إلى إسرائيل رغم التهديدات بفتح تحقيقات فى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى.
وعمل «نتنياهو» على عرقلة إجراء أى لقاءات بين قادة العالم ومنافسه فى الانتخابات زعيم تحالف «أزرق أبيض»، بينى جانتس، ونجح بالفعل فى إفشال لقاء الأخير مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
من ناحية أخرى، انتهز «نتنياهو» القمة ليشن حربًا جديدة ضد إيران، وهى الساحة المفضلة له للهجوم. فقد قارن بين الإبادة الجماعية النازية لليهود والبرنامج النووى الإيرانى. وقال فى مقابلة تليفزيونية مع أشهر القنوات المسيحية TBN: «الآن لدينا القدرة على الدفاع عن أنفسنا. أعتقد أن العبرة التى استخلصناها من أوشفيتز هى القدرة على مواجهة التهديدات، مثل إيران وهى دولة ليست صغيرة الشأن، لكن إذا امتلكت الأسلحة النووية ستكون أسوأ بكثير، كما يجب عليهم أن يدركوا أن اليهود لن يكونوا عزلًا أبدًا فى وجه أولئك الذين يبغون قتلهم».


«أوشفيتز».. معسكر بالغازات والمنتجات الكيماوية المخصصة للإبادة

٧٥ عامًا مرت على تحرير معسكر «أوشفيتز» النازى الذى كان يتكون من ٣ معسكرات هى «ستاملاجير»، و««بيركيناو» وبه العديد من غرف الغاز المخصصة للإبادة، و«مونوفيتز» الخاص بتوظيف منتجات كيماوية تستخدم فى الإبادة، وجميعها يضم ٤٨ مخيمًا فرعيًا.
وبنت ألمانيا النازية المعسكر فى بولندا التى احتلتها فى الحرب العالمية الثانية، وشارك فى البناء عدد من المنظمات والشركات وآلاف العمال الألمان والأجانب، وتحول الموقع من ثكنة عسكرية إلى معسكر لأسرى الحرب والسجناء السياسيين، وقد تم تصميمه وفق رغبة وزير الداخلية آنذاك، هاينريك هملر، ومنذ ١٩٤٢ وحتى عام ١٩٤٤ جرى نقل اليهود بالقطارات إلى غرف الإعدام بالغاز فى المعسكر، قادمين من جميع أرجاء أوروبا الواقعة تحت الاحتلال النازى.
وعرف الألمان بساديتهم فى التعامل مع المعتقلين بالمعسكر، حيث تعرض السجناء للضرب والتعذيب والإعدام لأسباب تافهة، وبدأت أولى وقائع القتل مع السجناء السوفيت والبولنديين فى أغسطس ١٩٤١، بعد أن حاول ما لا يقل عن ٨٠٢ سجين الهرب من المعسكر، إذ لم ينج منهم سوى ١٤٤.
وبعد نهاية الحرب، اتهم رودولف هوس، القائد الأعلى للمعسكر، فى محكمة نورنبيرج، بإعدام ثلاثة ملايين شخص، ثم تم تعديل الرقم ليصبح ١.١ مليون، أكثر من ٩٠٪ منهم من اليهود، بالإضافة إلى ١٥٠ ألف بولندى، و٢٣ ألفًا من أقوام روما وسنتى، و١٥ ألفًا من السجناء السوفيت، وعشرات الآلاف من الجنسيات الأخرى.
وفى ٧ أكتوبر ١٩٤٤، قرر عدد كبير من السجناء الذين عملوا بالسخرة فى غرف الغاز الثورة على قادة المعسكر، إلا أن المحاولة باءت بالفشل وكان مصيرهم الإعدام.
ومع هزيمة قوات ألمانيا النازية دخلت قوات الجيش السوفيتى مدينة أوشفيتز فى ١٩٤٥ وحررت المعسكرى، ليتم الاحتفال بذكرى المحرقة.
وأدرج معسكر «أوشفيتز» ضمن مواقع التراث العالمى فى بولندا عام ١٩٧٩، ويزوره حوالى ٧٠٠ ألف زائر فى العام خلال العقود التى تلت الحرب.