رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مظاهرات "أمهات السبت" في تركيا تجسد مأساة الاختفاء القسري

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تزداد الاعتقالات العشوائية في تركيا يوم بعد الآخر، فلم يكف أردوغان عن تلفيق التهم لمعارضيه فقط، بل ازداد قمعًا بالاعتقالات العشوائية التي أصبح يفعلها بشكلٍ يومي، ففي الأسبوع الـ772، طالبت أمهات السبت بإضاءة الشموع تخليدًا لذكرى مذبحة جوتشلو كوناق.

واستمرت تظاهرات أمهات السبت الباحثات عن عِظام ورفات أبناءهن المختفين قسريًا والمعتقلين منذ خمسة وعشرين عامًا للأسبوع الثاني والسبعين بعد المائة السابعة مطالبين بضرورة محاسبة المتسببين في اعتقال أبنائهن وإخفائهم.

وقامت أمهات السبت بحمل القرنفل وصور أبناءهن المعتقلين والمختفين قسريًا دون اتهامات منذ خمسة وعشرين عامًا أمام شعبة حقوق الإنسان في اسطنبول، وتلقين هؤلاء النساء الدعم المعنوي هذا الأسبوع من جانب "أويا أرصوي" النائبة في مجلس الأمة التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي ذات التوجهات القومية الكردية، بالإضافة إلى دعم "سزجين طانري قولو" عضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري.

أكدت "جولسرن يولري"، رئيس شعبة حقوق الإنسان التركية في إسطنبول- بينما كانت تقرأ بيان التظاهرات- أن النساء المعروفات إعلاميًا بأمهات السبت قد التقين وتظاهرن اليوم تخليدًا لذكرى مذبحة جوتشلو كونق منذ أكثر من أربعة وعشرين عامًا وأضافت أن النظام التركي يرتكب مخالفات وانتهاكات مروعة ضد حقوق الإنسان في تركيا من بينها إفلات المسئولين عن هذه المذبحة والإبادة وحملات الإخفاء القسري في تركيا من العقاب.

وأضافت "يولري" أن كل الطلبات والمذكرات القانونية التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والمنظمات الأهلية التركية إلى السلطات في الدولة لم يتم الرد عليها بل تجاهلتها السلطات تمامًا وأردفت القول أنهم لا يريدون سوى أن تتطلع السلطات القضائية في تركيا بدورها.

قالت أمينة قايا إربيك، ابنة أحمد قايا إربيك، الذي ذُبح في مذبحة جوتشلو كونان، إنهم لم يعودوا قادرين على الوقوف على أقدامهم، وأضافت: "نريد العدالة الآن. لكن ليس هناك عدالة في هذا البلد.. نصرخ كثيرًا، لكن لا أحد يسمع صوتنا ولا يهتمون.. نحن نبحث عن عظامنا منذ 25 عامًا".

ألقت فاطمة قايا بعدد من القصائد والأشعار التي ألفتها في هذه المناسبة لتأبين جدها الراحل، لن نستسلم في طلبنا للعدالة.

تحدثت بعد ذلك زبيدة تيبي، والدة فرحات تيبي، المراسل الحقوقي الذي اختفى قسريًا في عام 1993، "نصرخ منذ 25 عامًا، لكن هذه الحكومة والدولة صماء وبكماء. نريد العدالة، لكن لم نحصل على العدالة منذ 25 عامًا. لن نتخلى عن المطالبة بالعدالة".

تحدث بعد ذلك أحد محاميي المدعين في هذه القضية وهو "سزجين طانري قولو"، عضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري قائلًا: "دولة الحرب دائمًا ما تدافع عن سياسات الإفلات من العقاب... أتذكرها مثل بالأمس.. تم استخدام هذا الحدث كعملية للمراوغة وتشتيت ذهن المواطنين.. كان هذا الحدث هو السبب في نهاية وقف إطلاق النار في ذلك الوقت.. ثم ماذا حدث.. قبل ثلاث سنوات، قُتل ضابطان في جيلان بينار".

وبدأت الصحف ووسائل الإعلام الموالية للنظام بالقيام بدورها في التعتيم، حيث بدأت عمليات المراوغة والتعتيم وتعطلت عملية الحل، ثم بدأت الإجراءات القانونية المزيفة، وتمت تبرئة أولئك كافة المتهمين بحملات الإخفاء القسري والقمع، لكن منذ ذلك الحين مات عشرات الآلاف، فالدول تحتمي خلف الأكاذيب وتحاول إخفاء هذه الأكاذيب بعمليات التعتيم التي تؤكد أن هذه الأمور عبارة عن أسرار الدولة لحماية الأمن القومي.