رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متحف الكتاب.. معجزة ثقافية في بلجراد

جريدة الدستور

- مليون كتاب نادر ضمن محتويات المتحف.
- سلماوي يهدي المتحف كلمة نجيب محفوظ بخط يده في حفل تسلم "نوبل".
- المتحف يضم كتابا مصنوع من عظام الإنسان.



خلال جولتنا بمدينة بلجراد على هامش فعاليات معرضها الدولي للكتاب، التي حلت فيه مصر كضيف شرف الدورة الـ64، اقترح على الوفد المشارك السفير المصري عمرو الجويلي، سفير مصر ببلجراد زيارة متحف الكتاب، الذي يعد من أغرب وأهم المتاحف الموجودة في المدينة، وبالفعل ذهبنا برفقة السفير، الكاتب محمد سلماوي، الدكتور ممدوح الدماطي، إلى المتحف الذي يقع على مشارف بلجراد.
كان في استقبالنا مدير المتحف فيكتور لازيتش، كتاب وباحث، الذى اصطحبنا في جولة لتفقد أركان المتحف المكون من 10 غرف، تضم أغرب الكتب، وأهمها في العالم، عدد من المخطوطات النادرة، بعض مقتنيات كثير من الكتاب والأدباء، الذين رحلوا منذ مئات السنين.

يعد متحف الكتاب، فريد من نوعه، يضم مجموعة من أغرب الكتب، وما يتصل بها من أدوات ومستندات، وخلافه، كما يضم بعص متعلقات عدد كبير من الكتاب والأدباء من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك بعض الفائزين بجائزة نوبل، والغريب في الأمر أنه ملك مؤسسة خاصة، تبرع المؤسسون لها والبالغ عدد 52 شخصًا، وهي غير هادفه للربح وتتلقى الهدايات والهبات من مختلف أنحاء العالم، وتتراوح المعروضات ما بين أصغر كتاب في العالم والذي لا يزيد حجمه عن ثلاثة ونصف ملي متر، وغرفه المكتب الكاملة لأحد كبار الشعراء الصربيين "ميودراغ بافلوفيتش"، وتضم كتبه ومكتبه، وبعض أدواته الشخصية، وكذلك أخر زجاجة نبيذ كانت له قبل رحيله.

وتجد في تلك الغرفة مقتنيات الشاعر الذي يعد أحد مؤسسي المتحف، ويعتبر واحد من أهم الكتاب الصربيين في فترة ما قبل الحرب، منها مكتبه الشخصي ورسالة الدكتوراه الخاصه به، ورسومات حتى التيشرت المفضل له، ومن بين المقتنيات 6 ألاف كتاب، على سبيل المثال كل الكتب الخاصة عن الشخصيات وأهم الكتاب الذين مروا بتاريخ صربيا، ومن بين المقتنيات بعض الخطابات الغرامية بينه وبين واحدة من أهم الكتابات الصربيات في القرن العشرين وهي "إيزيدورا سيكوليتش".

ويضم المتحف أعمال أرسوذكسية مكتوب على أوراق مصنوعة من جلد الحيوانات، ويعوود الفضل لجب هذه الكتب إلى السفارة الصربية في أديس أبابا، ومن أغرب المعروضات كتاب من أندونسيا صنع غلافه من عظام آدمية، وروى مدير المتحف أن هناك قبيلة في الأحراش لها تقليد غريب، إذا ارتكب أحد أفرادها جريمة قتل أو اغتصاب، يتم تجريده من ادميته فى طقس شعبي خاص، يتحول فيه المذنب إلي حيوان، في نظر أبناء القبيلة، وتأكيدا علي أنه لم يعد إنسانا يأكله أفراد القبيلة، وعادة تستخدم عظامه في صناعة بعض الأدوات من بينها كان غلاف الكتاب المعروض بالمتحف الذي يتضمن بعض طقوس السحر.

وفؤجئنا بوجود مجموعة كتب من مصر، بينها كتاب الزوجة الثانية، كتاب المنابر، كتاب جبران خليل جبران، بعض أعمال طه حسين ونجيب محفوظ، وقد قام الكاتب الكبير محمد سلماوي الذي اختاره نجيب محفوظ ممثلا شخصيا له في احتفالات نوبل بإهداء المتحف صورة من خطاب محفوظ بخط يده حاملا، وهو الخطاب الذي ألقاه سلماوي نيابة عنه في حفل استلام جائزة نوبل بأستوكهولم عاصمة السويد عام 1988.

وأخبرنا أن المتحف لديه مجموعة كبيرة من توقيعات مختلف الكتاب العالميين، وطالب الوفد المصري بإرسال توقيعات وكتب المصريين، مؤكدا أنه يريد توسيع المجموعة المصرية في المتحف.

ويضم المتحف كتابا دينيا ينتمي إلى البوزية، لا يقرأ إنما يوضع في اسطوانه ليتم تدويرها، وبذلك تنتشر كلمات هذه الابتهالات البوذية في الهواء.

واطلعنا المدير على وثيقة نادرة يعود تاريخها إلى 1348 تحمل توقيع أحد أباطرة الصرب، وتعود ندرتها إلى أن هذا الإمبراطور لم يكن يوقع بنفسه على أي وثيقة وإنما كان هناك شخص مكلف بالتوقيع باسم الإمبراطور، وفي أحد سفريات الامبراطور خارج البلاد، دعته الظروف لضرورة اصدار هذه الوثيقة ووقعها بنفسه.

وكشف مدير المتحف عن كيفية حصولهم على تلك الوثيقة غير المعروضة للجمهور، التي لا يعلم أحدا في بلجراد شيئًا عن وجودها بالمتحف، وأنه أطلعنا عليها من أجل الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار الأسبق، ويقول فيكتور: أنه في أحد الأيام، حضر أحد الأشخاص ومعه تلك الوثيقة، وعرضها عليهم لمعرفة إذا كانوا بحاجة إليها.

وتابع: حال رؤيتنا للوثيقة أصبنا بإنبهار، وسألنا ملكها عن المبلغ الذي يريده، لكنه لم يطلب كثير رغم أن قيمتها المالية لا تقدر بمال، وأخذ مبلغا قليلا من أجل دفع التأمينات الصحية الخاصة به.

وقال إن عدد الكتب الموجودة في المتحف تقارب المليون، بعضها نادرة أوغريبة، وقد اكتسب المتحف شهرة كبيرة مما يدفع الكثيرون لأن يهبونه مكتباتهم ليس فقط داخل صربيا وإنما أيضا من سائر دول العالم، بينهم الكاتب الألماني بيتر أولمن، الذي اشتهر بترجماته الدقيقة لأعمال الكاتب الروسي الكبير أندور تشيكوف.

وهناك أيضا بالمتحف بعض المعروصات التي كانت ضمن الهبات التي آلت إليه، بينها على سبيل المثال بعض الأسحلة القديمة التي كانت يستخدمها الصرب في معاركهم ضد الإمبراطورية العثمانية.

ويضم المتحف بعض الوثائق الخاص بواحد من أهم صناع السينما "Pavle Vuisić"، تتضمن وصيته وكلمات رثاء محبيه في جنازته، وفيها أوصى بعدم حضور كل معارضيه من رجال الإقتصاد الذين طالما كان على خلاف معهم، مهددًا بأنه إذا حضر أحدهم سيخرج من قبره ويضربه على رأسه.

وحكي فيكتور، أن الراحل كان رافض مقابلة الرئيس الصربي الشيوعي، رغم أن الرئيس أرسل له عدة مرات يطلب اللقاء، وبعد فشل كل المحاولات، كان "Pavle Vuisić" يجلس في أحد المرات على أحد أنهار المدينة يصطاد، مرتدًيا شورت، وفؤجىء بالحرس الخاص بالرئيس، يعتقله، وأخذوه إلى القصر، وهناك حاولوا أن يرتدي بدلة، لمقابلة الرئيس فرفض وقال: لن أقابله إلا وأنا بالشورت، وسمع الرئيس صوته، فخرج من مكتبه، وقابله.

ويوجد بالمتحف كتاب فن الحرب، نسخة نادرة، أهدته الصيين، لرئيس صربيا السابق بوريس تاديتش، كتاب مصنوع من "البوص"، على طريقة الكتب التي صنعت في الحرب العالمية، واستجلبت الحكومة الصربية الخامات الخاصة به من جزيرة ترفوا، وتحترم الحكومة الأدوات المصنوعة باليد، وتحافظ عليها وفقا لأحكام القانون، ولذا لم تستطيع أي مكتبة الحصول عليها.

ومن الغرائب الموجودة، كتاب على شكل مروحة يدوية نسائية التراث، يحمل وجه من رسومات مستوحاه من المعابد البنجابية الخاصة بالهند، والجزء الثاني منه مقتطفات من كتاب صربي مشهور بأسم تمثال المرأة للتغزل فيها.

وجاءت فكرة بناءه الكتاب من دولة المينيمار، لذا يحتوي على فصل عن قصة حياة الإلهة بوذا، لذا رسمت صورته على أحد أوجهه، وأيضًا صور متعبديه.

وأختتم مدير المتاحف: نمتلك 53 توقيعا لبيتر هاندكه الحاصل على جائزة نوبل هذا العام، وعدة توقيعات لمشاهير الأدب في العالم.