رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"جروبات القرى".. كيف ساهمت "السوشيال ميديا" في تطوير حياة الأهالي؟

المجاورة
المجاورة

في السابق كان أهالي القرية يتجمعون في منزل عمدة القرية، لمناقشة مشكلاتهم والبحث عن طرق لتطوير قريتهم، وكان الإعلان عن افتتاح محل ما أو تقديم خدمة ما يحتاج إلى دعاية عبر أوراق يتم توزيعها يوم الجمعة، أو على الحائط في الشوارع، أما حالات الوفاة أو ضياع الأطفال، فكان يتم إعلام الأهالي بها من خلال سيارات تجوب القرية بمايكرفونات.

لكن الأحوال تبدلت الآن، بعد انتشار السوشيال ميديا، وظهرت فائدة مجموعات التواصل عبر "فيسبوك"، فأصبح لكل قرية جروب خاص بها، ليحل محل كل ما كان يتم في السابق، فالإعلان عن شيء ما أو فتح المناقشة في أمر ما لم يعد يحتاج سوى إلى "بوست"، وأخذ الرأي في مشكلة لم يعد يتطلب سوى "لايك".

تستعرض "الدستور" عددا من قصص نجاح لأهالي قرى تمكنوا من استغلال مجموعات "فيسبوك" في تطوير قراهم، وحل مشكلاتهم ونشر مبادراتهم.

جروب قرية بهوت - الدقهلية
التأسيس 2010

كون محمد الشافعي، طبيب تحاليل شاب من أبناء قرية "بهوت" مركز نبروه بمحافظة الدقهلية، مجموعة من الشباب البلد عن طريق "الجروب"، ونجح مع شباب القرية في بناء وحدة محلية ومستوصف متكامل وشراء أتوبيس لنقل الطلاب.

البداية كانت في 2010 عندما توفى أحد أصدقاء الطبيب الشباب أثناء مبارة كرة القدم، هذا الحادث الذي أثر في نفس الطبيب، وأدرك أنه إن كان الموت هو النهاية الحتمية لكل إنسان فلابد أن يترك بصمة في الحياة، وذكر طيب عن طريق تطوير الخدمات داخل قريته، ومن ثم قام بإنشاء المجموعة التي تحولت فيما بعد إلى جمعية "رؤية".

يقول الشافعي، صاحب الـ31 عام، إنه شرع في إنشاء الجمعية قبل أربع سنوات فقط، من أجل تطوير نشاط المجموعة، واستطاع خلال السنوات التسع أن يضم قرابة الأربعين متطوع من شباب وفتايات البلد، الذي جاءوا طواعية من أجل عمل الخير، وحبًا في قريتهم "بهوت"، بالإضافة إلى وجود قامات كبيرة في السن، تتخصص في أمور الإدارة حتى يظل الأمر في إطار العمل الجاد، فهم أصحاب الرأي والمشورة.

أول مشروع قدمته مجموعة الشباب كان عبارة عن "باص"، ينقل شباب القرية إلى العاصمة "المنصورة"، يخدم في المقام الأول طلاب الجامعات أو الأشخاص الذين يريدون السفر إلى المنصورة، وذلك من أجل تخفيف حمل السفر، خاصة وأن هؤلاء الشباب كان عليهم التوجه إلى المركز أولًا ومنه يستقلون السيارة إلى الجامعة، مما يهدر لهم الوقت، كما أن الأمر تزجب في فترة كان المركز يعاني فيها من ندرة الموصلات فكان الحل من أجل حل الأزمة.

مع مرور الوقت استطاع شباب القرية تجميع مبلغ أكبر، وبعد نجاح الفكرة الأولى، اشتروا "باص" أكبر ينقل عددا أكبر ويخدم معظم أبناء القرية، يقول الشافعي إنه بالنظر إلى باقي متطلاب القرية والتي نعمل على حلها في المقام الأول، وجدنا أن القرية تعاني من فقر شديد في الخدمات الطبية، حتى أن أبنائها من الأطباء يذهبون إلى "نبروه" المركز ليفتحوا به عيادتهم، خاصة أطباء العيون، إذ لم يكن هناك طبيب عيون واحد بالقرية، والسيدات الكبار لن يستطيعو الذهاب بعيدًا عن موطأ قدمهم، فجاءت فكرة المستوصف والذي أطلقو عليه اسم "رؤية" نسبة إلى الجمعية.

استطاع مجموعة من الشباب، حوالي أربعين شاب وفتاة، توفير قطعة أرض، بالجهود الذاية وبتبرعات من أبناء القرية جميعهم، وبناء مستوصف يضم جميع التخصصات الطبية، للعلاج بالمجان، لجميع أبناء القرية، كما أنهم تمكنوا من توفير الأجهزة الطبية اللازمة، وتوفير أجهزة الرمد، وجميع التخصصات، التي تجاوزت قيمتها مئات الألف، كانت جميعها من أبناء القرية ولأبناء القرية.

كان هذا في السنوات الأولى من إنشاء الجروب، أما مؤخرًا فاستطاعوا تجميع مبلغ مالي أخر بلغت قيمته 360 ألف جنيه، من أجل شراء قطعة أرض أخرى بلغت مساحتها 450 متر، ولكن هذه المرة لإنشاء وحدة محلية، ومطافي وشهري عقاري، لخدمة أبناء القرية، الذين ساهموا بقطعة الأرض وسلموها للمحافظة لإنشاء المجمع، وبالفعل بدأت المحافظة في أعمال البناء وانتهت من وضع الأساسات والدور الأول للمجمع.

استمرت المجموعة في توفير وجبات أسبوعية للأسر المحتاجة على مدار خمس سنوات، بالإضافة إلى الوجبات الموسمية الخاصة بشهر رمضان، والتي تصل إلى 500 وجبة وشنطة في اليوم الأول من شهر رمضان، وعلاج شهري وصلت تكلفته إلى 40 ألف جنيه، كل هذا بالمجهود الذاتي وعن طريق الجورب الذي أنشأئه الطبيب عبر وسيلة التواصل الإجتماعي فيس بوك.

جروب قرية ميت ربيعة - الشرقية
التأسيس 2011

استطاع عمرو الخولي، في الثالثة والخمسين من العمر، خدمة أبناء قريته من خلال "جروب وصفحة" على "فيس بوك"، وتجميع أكبر قدر ممكن من الشباب والرجال، للعمل التطوعي والخدمي، لتقديم الخدمات اللازمة إلى أبناء قريته ميت ربيعة التابعة لمركز في محافظة الشرقية.

البداية كانت عن طريق توفير مجموعة من الشباب، والذين عملوا على تحفيظ الأطفال في القرية القرآن الكريم، بشكل مجاني، والذين تم التواصل معهم عبر مجموعة "فيس بوك" الخاصة بالقرية.

لم يتوقف الأمر عند الساحات الكبيرة والأطفال الكثيرة الذين ساعدوهم في حفظ القرآن الكريم، وإنما قاموا بإنشاء مجموعات لمحو الأمية، كان أبطالها من الشباب الذين تكفل كل واحد فيهم بمحو أمية عشرة من رجال وأطفال القرية، والسيدات ايضًا، وقد نجح الشباب في محو أمية عدد كبير من أبناء القرية بالمجهود الذاتي.

"نورنا الشواع الضلمة".. يقول الخولي، إنه قام بتجميع عدد كبير من أبناء القرية للمساعدة في إنارة الأعمدة في الشوارع التي تعاني من الظلام، حتى يطفي لون جمالي على جميع الشوارع في القرية، كما أنه قام بذلك من أجل تحقيق نسبة كافية من الأمان للأطفال والفتيات الذين يسرون في هذه الشوارع في ساعات متأخرة، مؤكدًا أن هذه الأشياء جميعها بالتبرع والمجهود الذاتي لأبناء القرية وشبابها.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، يقول الخولي، إنه مع قدوم موسم رمضان، القرية في حاجه إلى توفير شنط غذائيه، وملابس للعيد، يعمل الأن على توفيرها للأطفال والأسر المحتاجه، كان غير عن طريق التواصل عبر الإنترنت، بالشباب أبناء القرية الذين يعملون بالخارج، فأرسل لهم واستجابو في توفير طلبات القرية في الشهر الكريم، وتوفير ذبائح توزع جميعها على أهالي القرية، ويقسم المتطوعين أوقاتهم بين العمل الخدمي وحياتهم اليومية، ودروسهم الخاصة، من أجل ألا تتوقف حياة أحدهم، أو يتوقف العمل العام بالقرية.

جروب قرية عنك - أسيوط
التأسيس 2010

شهد العام 2010 بداية انطلاق جروب قرية "عنك"، والذي عمل أصحابة على اتخذه كسبيل لتحقيق تغيرات داخل القرية عن طريق ابناءها، وساعدت المجموعة التي قاموا بإنشاءها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، على خلق حالة من التواصل بين أبناء القرية خاصة المقمين بالخارج منهم.
يقول إبراهيم عبدالغفار، أحد شباب قرية عنك، والمتحدث باسمها، إن هناك العديد من المشاريع التي تم إنجازها داخل القرية منذ التاريخ المذكور وحتى اليوم، ويتولي هو مهمة متابعة بعض هذه المشاريع على الرغم من إنه مقيم منذ فترة طويلة بدولة الكويت إلا أنه يستغل تواجده هناك ليكون همزة الوصل بين المقمين بالداخل والخارج خاصًا وإنه كان دارسًا للإعلام، ومرتبط ارتباط وثيق ببلده رغم بعده عنها على حد وصفه.

استطاع شباب القرية الذين اجتمعوا من خلال الجروب على إنشاء شركة نظافة خاصة بالقرية، وذلك بعد أن عانت القرية لسنوات طويلة من فكرة انتشار القمامة بين أحيائها، وتراكمها في الشوارع وأمام البيوت، هذه القمامة التي اختفت تمامًا بعد أن أنشأو شركتهم.

أما ثاني هذه المجهودات التي أثمر عنها الجروب، هي إنشاء سور حول المقابر الخاصة بالقرية حتى يتم فصلها عن الأهالي، وتعزيو روح التعاون لدى شباب القرية الذين يقمون بتوزيع اسطوانات الغاز على أهالي القرية، وكذلك الخبز الذي يصل إلى كل بيت فيها، حتى أنهم توصلوا إلى حل لحل المشاكل وفضل النزاعات فيما بينهم دون اللجوء للقضاء، الأمر الذي دفع بمحافظ سوهاج الذي تنمي القرية إلى حيز عمله، من عقد زيارة لها للوقوف على أخر ماتم فيها بالجهود الذاتية.

كما أنهم قاموا بتعزيز شبكة المياة وتبديلها بمواسير من الفخار القديمة، إلى النظام الحديث، وتتلقى القرية من أبنائها بالداخل والخارج الدعم النابع من حبهم لها حتى أنهم تقدموا بهذه المشاريع وأكثر منها بعد أن الجروب هو حلقة الوصل التي تجمعوا حولها فكان لها دورًا هامًا داخل القرية رغم ان القرية تفتقر لكثير من الخدمات الحكومية والمؤسسات التعليمية.

تحصل القرية على هذه الخدمات من خلال مصدرين من الدخل، أما أموال أبناءها المقيمن بالخارج، أو أصاب الأراضي الزراعية بالداخل، ويمكن القول إن "عنك" من أقدم القرى في تاريخ مصر المتخمة لمنطقة الأثار الفرعونية، أما اسمها فجاء من أصل فرعوني يعني "مفتاح الحياة".



قرية البنوان - المحلة
التأسيس 2011

تعليم كونغ فو للأطفال وتأهيل الشباب لاحتراف كرة القدم
عقب انطلق ثورة 25 يناير في عام 2011 قرر هيثم غزال الرجل الأربعيني، الشاب الثلاثيني إنشاء جروب على موقع فيسبوك، حتى تكون أداة تواصل بين مواطني القرية، يتواصلون من خلالها من أجل معالجة المشاكل أو للتعاون من أجل مواجهة أية صعوبات تواجههم.

بدأ أغلب أهالي القرية ممن يجيدون استخدام موقع فيسبوك الانضمام إلى الجروب، وبدأ يتم استخدام أكثر تطورا له، حيث بدأت المبادرات تظهر من أجل تطوير القرية عبر المجهودات الجماعية، إلى جانب مبادرات فردية من قبل سكانها.

فظهرت مبادرة أحد الكابتن عبد الكريم الصباغ من أجل تعليم أطفال القرية رياضة الكونغ فو، فقد كان بطلا سابقا في اللعبة، ليقرر نقل خبراته إلى الأطفال عبر تجميعهم في مركز الشباب الخاص بالقرية، وتدريبهم وتأهيلهم من أجل المشاركة في بطولات الجمهورية.

استغل "الصباغ" جروب فيسبوك الخاص بالقرية، من أجل الوصول إلى جميع الأهالي بسهولة ويسر، فهو يعتبر أن هذا التجمع على فيسبوك أسهل من وضع إعلان على مركز الشباب لا يراه الجميع، وكذلك هو وسيلة مجانية للإعلان، بدلا من الإعلان عبر أوراق مطبوعة، أو سيارة متحركة تحمل مايكروفون.
تمكن الرجل من إشراك عدد من الأطفال الذين أظهروا تميزا في اللعبة في بطولات الجمهورية، وحصدوا مراكز متقدمة وشهادات تقدير، لذلك هو يرى أن جروب فيسبوك ساعده كثيرا في تحقيق هدفه الذي سيستمر في تنفيذه.

أما أحمد غانم فهو لاعب كرة قدم سابق في أندية الدرجة الثالثة، لم تنجح مسيرته الكروية كما كان يحلم، لذلك قرر محاولة مساعدة الشباب على تحقيق حلم احتراف كرة القدم، فأسس أكاديمية لتعليم كرة القدم بالقرية، ليدرب الشباب على ممارسة كرة القدم دون دفع مبالغ كبيرة.
حيث يجمع الرجل الأربعيني أموالا تكفي فقط بحجز ملعب كرة القدم الذي يتم استئجاره، ويجمع الشباب من خلال جروب فيسبوك، لينجح في جذب عدد كبير من الشباب ليؤهلهم.

قرية المجابرة - سوهاج
التأسيس 2011

بيت مال لمساعدة الفقراء وتركيب كاميرات مراقبة وكتّاب مجاني
جروب أطلقه أحمد النسر الشاب العشريني في عام 2011، حتى يكون أداة لتطوير القرية، وتمكن من جذب عدد كبير من أهالي القرية خلال فترة قصيرة لتبدأ المبادرات الفردية والجماعية في الانطلاق من خلاله.
البداية من محمد منير الذي تمكن من نشر فكرة جديدة عبر جروب فيسبوك الخاص بالقرية، حيث اقترح إنشاء ما يشبه بيت مال خاص بالقرية، يتم فيه تجميع المواد الغذائية من المتبرعين، وتكون متاحة للفقراء الذين لا يجدون المال لشراء الطعام.

لاقت الفكرة نجاحا عبر نشرها على "جروب القرية" وبدأ المتبرعون في وضع الطعام في بيت المال، حيث يتم به توفير المواد الغذائية الأساسية للفقراء، وذلك تحت إشراف مجموعة من رجال القرية الموثوق فيهم، من أجل مراقبة عملية التبرع ومنح الفقراء.

وقد أطلق صلاح عبد الحميد، مبادرة استغل بها جروب المجابرة على موقع فيسوك، من أجل تركيب كاميرات المراقبة على المنازل، من أجل بيوت القرية من السرقة، وذلك بأقل تكلفة ممكنة، حيث يتم شراء المواد التي يحتاجها بسعر التكلفة، ثم يتبرع بتركيبها إلى المنازل مجانا.

هذا إلى جانب إنشاء كُتّاب مجاني لتحفيظ أطفال القرية القران الكريم، حيث جمّعوا أطفال القرية عبر إعلانات على جروب القرية، من أجل تحفيظهم القرآن الكريم، ومنح الجوائز التشجيعية للمتفوقين منهم.