رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«شيوخ السوشيال ميديا»: اللحية خفيفة.. الملابس كاجوال.. والمحتوى شبابى

جريدة الدستور

احترفوا «ساوند كلاود» و«يوتيوب» و«إنستجرام».. وتعلموا ذاتيًا مونتاج الفيديوهات


استغل عدد من الشباب مواقع التواصل الاجتماعى بطريقة مختلفة عن غيرهم، وبدأوا فى جذب المتابعين إليهم، الذين وصل عددهم إلى الملايين، عن طريق نشر فيديوهات دينية قصيرة، لتوصيل المعلومات ببساطة إلى غيرهم من الشباب.
وظهر هؤلاء الشباب، الذين أطلق عليهم «شيوخ السوشيال ميديا»، فى صور احترافية، وبملابس «كاجوال»، وينشرون فيديوهات تتماشى مع «التريند»، وأصبحوا بمثابة «الدعاة الجدد» بالنسبة لرواد مواقع التواصل الاجتماعى.
«الدستور» تحاور فيما يلى هؤلاء الشباب، الذين يقدر عددهم بالعشرات، وتمكنوا من جذب ملايين المتابعين وحصد ملايين أخرى من الإعجابات والمشاركات، واتسموا جميعًا بالأسلوب السهل والبسيط، وبعضهم يلجأ إلى الفكاهة والدعابة للتخفيف عن متابعيه وجذبهم أكثر، خاصة أن الكثير من الشباب يشعرون بملل من «جمود الصورة الدينية» التى يتلقونها.


مؤمن ندا يشرح أمور الدين فى «5 معلومات».. وتسجيلاته تحقق 5 ملايين مشاهدة


«أنا مش شيخ.. أنا مجرد ناقل بسمع الحديث أو الآية وأطلع أقولهم فى الفيديو بعد مراجعة شيوخ فى الأزهر».. كلمات يلخص بها «مؤمن ندا» نفسه وما يقدّمه على مواقع التواصل الاجتماعى، وتحديدًا «فيسبوك»، فهو يحضر جلسات مكثفة مع شيوخ الأزهر، ليستمع ويعرف المعلومات ثم يبسطها بشكل يتناسب مع الشباب من المتابعين.
ويظهر «مؤمن» على صفحته الشخصية بلحية خفيفة وملابس «كاجوال»، وهو شاب يبلغ من العمر ٢٢ عامًا، ويدرس فى كلية الهندسة جامعة طنطا، ويقدم فيديوهات احترافية تتضمن معلومات دينية بشكل مبسط.
بدأت حكايته عندما كان فى المرحلة الثانوية، حين تعلم طريقة تصوير الفيديو والمونتاج من خلال الإنترنت، ليبدأ فى إنتاج الفيديوهات بإمكانيات متواضعة، وخلال عام تمكن من تطوير محتواه، وأصبح يُقدم فيديوهات احترافية، نالت إعجاب واستحسان جميع متابعيه على صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
ورغم أن الفيديوهات الأولى التى نشرها، لم تتخط الـ٢٠٠٠ مشاهدة، إلا أنه مع الوقت زادت شعبيته وأصبحت الفيديوهات تحقق ملايين المشاهدات، حتى وصل أحد الفيديوهات إلى ٥ ملايين مشاهدة، كما ازداد عدد متابعيه حتى وصل عددهم إلى نحو مليون ونصف المليون متابع.
يقدم «مؤمن» فيديوهات تتراوح مدتها بين الثلاث والسبع دقائق، ومن أشهر ما قدمه «سلسلة ٥» التى يقدم فيها ٥ معلومات عن موضوع معين فى الدين، عن الرزق أو الدعاء أو عن فريضة ما، لكنه يقدّم أيضًا موضوعات أخرى مثل وصف الجنة أو النار أو خطوات التوبة.


شريف على وِرد قرآن يومى.. فيديوهات على «فيسبوك».. والخطبة فى «ساوند كلاود»


«إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ».. آية قرآنية تتصدر الصفحة الشخصية لـ«شريف على»، أحد الدعاة الجدد الذين ذاع صيتهم على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة «فيسبوك»، حيث يتابعه نحو نصف مليون شخص على الموقع فقط، مقسمين بين متابعين لحسابه الشخصى، وآخرين متابعين لصفحة تحمل اسمه.
«لحية كثيفة وملامح هادئة».. أبرز ملامح صورته الشخصية التى تظهر على حسابه، ولا يظهر الشاب العشرينى بزى محدد أو بملابس ثابتة، فتارة يلبس الجلباب والطاقية الإسلامية، وتارة يرتدى ملابس شبابية عادية، ويهتم بنشر صور بجودة عالية له فى أماكن عديدة، أو صور لأماكن مقدسة يزورها أو حتى لرحلات يقوم بها.
تخرج «شريف» فى كلية الهندسة جامعة الزقازيق، ودرس إدارة الأعمال فى الجامعة الأمريكية، وهو ما أتاح له تنظيم لقاءات مع الشباب من أعمار مختلفة فى أماكن عديدة، سواء فى مراكز تعليمية أو فى الجامعات، ليتحدث ويشرح لهم دروسًا فى عدة مجالات دينية، منها شروح لمعانى أسماء الله الحسنى، أو شرح لقصص القرآن الكريم، وينشر يوميًا صفحتين من القرآن عبر صفحته الشخصية، لتتم قراءتها ومشاركتها من قبل متابعيه، ويستغل التكنولوجيا فى تسهيل العبادة على الشباب.
الفيديوهات إحدى الوسائل التى يستغلها الشاب فى نشر دروس قصيرة مدتها دقيقة واحدة، ليتحدث فيها عن فضل عبادة ما، أو يشرح حديثًا قصيرًا، أو آية قرآنية يبرز المعانى المهمة بها، وتلقى رواجًا كبيرًا بين المتابعين، كونها قصيرة وسريعة، إضافة إلى فيديوهات أخرى، لا تزيد على ٣ دقائق لشرح الموضوعات الأكبر.
يستعين الداعية بطرق أخرى لنشر المعلومات الدينية مثل موقع «ساوند كلاود» حتى يتمكن الجميع من الاستماع إلى الخطبة دون الحاجة إلى الفيديو.



أمير منير صيدلى «يركب التريند».. ويداعب متابعيه بـ«متنسوش اللايك والشير»


«الشير والمنشن واللايك والحاجات الحلوة اللى بتفرح ديه مش هوصيكم عليها».. هذه الجملة التى غالبًا ما يختتم الداعية أمير منير حديثه بها، أو يغيرها بحسب الموسم الذى يقدم فيه برنامجه، ففى الفيديو الذى نوه فيه عن برنامج رمضان الماضى يقول: «هوب استنى متقفلش هنقدم لكم برنامج».
يبدو أن هناك ارتباطًا بين الرقم «٧» والدعوة فى حياة «منير»، بحيث إنه يجمل جميع النصائح الدينية فى هذا الرقم، ويستخدمه فى جميع فيديوهاته المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعى باختلافها، من «فيسبوك وتويتر ويوتيوب وإنستجرام وغيرها»، كما يعرض حاليًا برنامجًا بعنوان «الساعة ٧»، كما أنه اختص موسم رمضان بفيديوهات تحمل اسم «قواعد الحب السبعة».
تخرج الداعية الأربعينى فى كلية الصيدلة، جامعة القاهرة، وأعقبها بدراسة حرة بالجامعة الأمريكية، التى قبل عروضها فيما بعد لتقديم الدعوة لطلابها فى ندوات بغير مقابل مادى، حسبما ذكره أحد الطلاب المنظمين لهذه الندوات، والذى أكد أن «منير» لم يتقاض أى أجر عن جميع المرات التى قصدوه فيها لتقديم الوعظ، شأنه شأن جميع المشايخ الذين جاءوا لنفس الغرض.
ويصف «أمير» نفسه فى سطور قليلة، قائلًا إنه «داعية مصرى شاب زى أى مصرى شاب نفسى أوصل صورة الإسلام الصح للعالم كله».. إنه التعريف الخاص به، الذى كتبه عبر الصفحة الخاصة به بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، والتى تضم قرابة مليونين وربع المليون متابع، وهو ليس أكثر من مجرد داعية شاب يرغب فى أن تصل رسالة الإسلام للعالم، ولذلك اتخذ من المنصات الإلكترونية جميعها سبيلًا له.
ولا يتردد الداعية أمير منير فى «ركوب التريند»، ففى الفترة الأخيرة ظهرت مصطلحات خاصة بالفتيات على «فيسبوك»، والطريقة التى يتعاملن بها مع بعضهن البعض، فقرر أن يخصص فيديو للحديث عن هذه الظاهرة، وانتهى إلى شرح عدم جدوى هذه الألفاظ بشكل لطيف كعادته الفكاهية، ونال الفيديو من «التريند» نصيبًا كبيرًا، حيث تجاوز عدد مشاهداته نصف مليون مشاهدة عبر صفحته بـ«فيسبوك».


محمود قمصان منهج مختلف فى استقطاب الشباب.. و«الدعوة عنده مش هزار»


«إن لقلبك عليك حقًا».. أول جملة تشاهدها بمجرد دخول صفحته الشخصية، ويبدو عليه أنه شاب ذو لحية كثيفة وتزين «زبيبة الصلاة» جبهته. إنه الداعية الشاب محمود قمصان.
التحق الشاب العشرينى، والذى يبلغ من العمر ٢٥ عاما بقطار الدعوة منذ فترة قريبة، ولم يصل بعد إلى نفس الملايين من المتابعين لدى غيره، لكنه على الدرب يسير.
يبنى «قمصان» منهجًا خاصًا فى الدعوة، وبدايته كانت عن طريق منشورات تضم أحاديث نبوية شريفة عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك» والجروبات الخاصة بالدعوة، ثم تطور الأمر فى الآونة الأخيرة، إلى أن ضم إليها عددًا من الفيديوهات التى تتحدث عن الصلاة وكيفية التقرب إلى الله.
تخرج الداعية الشاب فى كلية التجارة جامعة عين شمس، وقرر أن يسلك طريق الدعوة حبًا فى رسول الله، قدوته، الذى يريد أن تسير سنته بين المسلمين جميعًا، فيقول الداعية الشاب، إنه متأثر فى كتابته بالصحابة والتابعين، ولا يجد فى الأئمة المعاصرين، مَن يمكن أن يكون ملهمًا له فى دعوته إلى الله، إلا قليلًا.
واستنكر «قمصان» على بعض الدعاة، المحتوى الذى يقدمونه، قائلًا: «أنا أكتر حاجة بتضايقنى فى مشاهير الفيس من الدعاة واللى بيقدموا محتوى دينى إيه.. أنك فى وسط ما إخواتك بيتقطعوا حتت وعيالهم بيتشردوا ونسائهم يترملوا.. الإخوة الأفاضل مقضينها ضحك وهزار وبيقدموا محتوى دعوى بعيد كل البعد عن فقه الواقع».
واستشهد الشاب فى رفضه لما يُقدّم على ساحة السوشيال ميديا بقول صلاح الدين الأيوبى «كيف لى أن أضحك والأقصى أسير»، متابعًا: «وإحنا ما شاء الله مابنبطلش ضحك ولا حول ولا قوة إلا بالله».
ورغم رؤيته السابقة، إلا أنه يعتقد أن الدعوة عن طريق «السوشيال ميديا»، الأقرب إلى الصواب، خاصة أن الشباب يلتفون حول هؤلاء الأئمة، كما أن هذه الطريقة تسهم فى توصيل المعلومات إليهم بشكل أسرع من أى وسيلة أخرى، بالإضافة إلى أنه لا ينكر دور وفضل المساجد فى توصيل الدعوة، «فجميع الأماكن تصلح أن تكون سبلًا للدعوة».