رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أشرف عبدالشافي يكتب: نجاة والشناوي.. 150 كيلوجرامًا من الحب.. لا تكفي

جريدة الدستور


كامل الشناوى أحب نجاة بعنف لكنه كشف «خيانتها» فكتب «لا تكذبى»



لم أحب المطربة نجاة الصغيرة، ولم ألتفت إلى صوتها وعذوبته إلا فى أيام الجامعة، كانت القراءة فى حياة المشاهير وقصص حياتهم تستهوينى، ووقع فى يدى كتاب للراحل يوسف الشريف عن الشاعر كامل الشناوى، فوقعت فى غرام هذا الرجل الذى كان وزنه ١٥٠ كيلو من الحب والضحك والألم أيضًا، تعلقتُ به وتخيلت دموعه التى سقطت على القصيدة الدامية لرجل رقيق المشاعر اكتشف خيانة حبيبته فجلس وحيدًا يكتب: «لا تكذبى إنى رأيتكما معًا»، ولأن خيال الشاعر واسع فإنه لم يرهما ويسمعهما فقط بل شاهد بعينيه حالة العشق الكاملة: عيناكى فى عينيه.. فى كفيه.. فى قدميه.. ويداك ضارعتان ترتعشان من لهف عليه».
يا نهار جاز على الشعر وسنين الشعر والحب وبلاوى الحب حتى مع هذا الشاعر الكبير الذى تعلق بمطربة صاعدة عرفنا كلنا أنها نجاة الصغيرة، كانت الدراما كبيرة، وقد أجاد الكاتب يوسف الشريف وصفها لدرجة جعلت دموعى تنساب فى رومانسية وشجن مع كل حرف عن هذا الشاعر النبيل الجميل.
مع الأيام أصبحت قصة الشناوى ونجاة مادة خصبة مشحونة بالدراما والعواطف الجياشة لمن يتخيل صورة الشاعر الكبير بجسده الضخم، وقد وقع فى غرام فتاة صغيرة محندقة لا يتجاوز وزنها الـ«٤٠» كيلوجرامًا، تتقافز مثل فراشة وهى لا تدرى أن قلبًا بحجم قلب الشناوى قد أحبها.
مصطفى أمين، الكاتب الكبير والصديق الأقرب إلى الشناوى، كتب القصة فى «شخصيات لا تنسى»، وبكى هو الآخر على حال صديقه، الذى جاءه حسب روايته منهارًا باكيًا مرتعشًا فأدخله غرفة المكتب وتركه يسكب الغضب فى «لا تكذبى» التى ما أن انتهى منها حتى تحركت أصابعه نحو قرص التليفون ليطلب مطربته ومحبوبته الصغيرة لتغنى القصيدة بصوتها، وكأنه لا يكتفى بعذاب واحد وجرح واحد إنما يستزيد ألمًا على الألم، فتلك روح الشناوى الشاعر الذى يهوى العذاب ويهرب من الموت بسهرات الليل الذى كان يناجيه «أيها الليل يا حبيبى اترك عناء نومى للنهار» ويبكى ويضحك ويدبر المقالب للأصدقاء حتى وصل إلى الثالثة والخمسين فقرر أن يبكى فقط ولا يبحث عن الضحك، واستغل يوم الاحتفال بعيد ميلاده ليكتب لنا القصيدة المحزنة والمحبطة والتى تشبه العدودة «عدت يا مولدى.. عدت أيها الشقى.. الصبا ضاع من يدى.. وغزا الشيب مفرقى ليت يا يوم مولدى.. كنت يوما بلا غد»، ويزيدها صوت الأستاذ فريد الأطرش دراما وألمًا، ويكاد المستمع يلطم خديه إن مرّت على أذنيه خاصة فى عيد الميلاد فلا يعرف هل يمدح عبقرية الشاعر الذى لعب على أوتار الروح وهزّ الوجدان أم يلعن اللى خلفوه.
عشرات الكتب تناولت حكاية كامل الشناوى ونجاة الصغيرة وجميعها اختلفت على اسم الشخص الذى شاهده الشناوى بين أحضان حبيبته، وهل هو كاتب القصة الشاب يوسف إدريس أم المخرج عزالدين ذوالفقار، أم شقيق الشاعر نزار قبانى، الذى كان يشبهه إلى حد كبير، على أن الحب كان البطل الذى صنع رائعة «لا تكذبى»، ولا قيمة لأى حواش أخرى، فقد يكون الشاعر صعد بالخيال إلى برجها الفاتن فتصورها شمعته التى تضىء ظلام الحياة ووعدته بأن تخلص له وحده كما كتب إليها رسائله فيما بعد: وقد يكون لقاء القبلات الساخن مبالغًا فيه، إلا أن القصة لم يتبق منها إلا «لا تكذبى».