رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إبراهيم سعدة.. قصة سندباد الصحافة من الميلاد إلى الرحيل

إبراهيم سعدة
إبراهيم سعدة

لم يكن الكاتب الصحفي إبراهيم سعدة، مجرد قلم عابر في تاريخ الصحافة المصرية، بل كان صاحب «آخر عمود» واحدًا من أصحاب السير المهمة والمؤثرة التي تستحق رحلتها داخل بلاط صاحبة الجلالة أن تروى، فهي مرحلة من حياته تستطيع أن تنسج من وحيها حلقات وحلقات.

«سعدة» الذي غادر الحياة الدنيا منذ قليل، تقول سيرته إنه مواليد محافظة بورسعيد عام 1937، وهناك تلقى تعليمه في مدارسها، لكن طيف العمل داعب خياله مبكرًا؛ فبدأ في مراسلة العديد من الصحف، قبل أن تطيب لها الأمور فيما بعد بالعمل في جريدة "أخبار اليوم" عام 1962.

بدأ إبراهيم سعدة مشواره بالعمل في قسم التحقيقات، وتدرج بين الأقسام، واستطاع أن يحقق نجاحات صحفية، جعلت من اسمه شخصا مرادفا للموهبة والاجتهاد.

في عام 1980 أراد نفخ القدر من روحه في حياة «سعدة»؛ فبينما الرئيس السادات وقتها يكيل الاتهامات لمهنة الصحافة والعاملين عليها، متهما إياهم بتلقي تمويلات من الخارج، إذا به يفاجئ الجميع بتعيينه رئيسا لتحرير «الأخبار» وهو في الثلاثينات من عمره، وكان منطق الرئيس حينها يعود إلى رفض «إبراهيم» تلقي أموال من الخارج.

بنشوة المنتصر دخل «سعدة» على مقعد رئاسة التحرير، ذلك المكان الذي جلس عليه من قبل قامات مثل مصطفى أمين وموسى صبري، ولم يكن يدر بعقله أنه سيصبح لاحقا ظاهرة عابرة للأجيال، بعدما نجح في الاحتفاظ بمنصبه 25 عاما منها 24 قضاها في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، بل أنه نجح في أن يزيد من الشعر بيتا بجمعه بين رئاسة التحرير ورئاسة مجلس الإدارة.

«إبراهيم سعدة» كان من أوائل الشخصيات التي سنت سنة الكتابة بأسماء مستعارة، فقد اختار اسم «أنور وجدي» لكتابة عمود صحفي، استطاع من خلاله الهجوم على كافة رموز المجتمع سواء من أهل السياسة والفن وكل خصوم «مبارك».

وفي مفاجأة من العيار الثقيل، خرج «سعدة» على الجميع معلنا استقالته من رئاسة مجلس إدارة الأخبار، في عرف كان غائبا عن ثقافة العاملين في أغلب مؤسسات الدولة الحكومية، معلنا الاكتفاء بكتابة مقاله الصحفي.

اختفى سعدة عن الأنظار، لكن جاءت ثورة يناير لتخرجه من كهف البيات الذي مكث فيه طويلًا، بعدما لاحقته اتهامات إهدار المال العام، وهو ما دفعه للسفر إلى سويسرا والبقاء فيها حتى وقت قريب.

ومع وفاة الكاتب الصحفي إبراهيم نافع في دبي، طلب «سعدة» من السلطات المصرية السماح له بالعودة إلى مصر، لقضاء أيامه المعدودة على أرضه، مؤكدا أن أقصي أمنياته هو الوفاة على أرضها.

وبالفعل لقي طلبه قبولا، تم استقباله من العاملين في الصحافة خير استقبال، واختارته مؤسسة «أخبار اليوم» ليكون شخصية العام الصحفية، ليرحل وهو آمن مستقرًا.