رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية "عم حسان" مع العربة الملكية والخوص القديم

صوره من الحدث
صوره من الحدث

أربع عجلات خشبية مرتفعة عن الأرض بحوالى متر، صندوق كبير مغلق، له فتحه باب واحدة، أو اثنان على الأكثر، في مقدمته مقعد خاص بالسائق، وفوق رأسه مظلة صغيرة، يتدلى منها خشبتين طويلتين مخصصتان للدواب التي تسوق العربة.

هكذا بدت العربات الملكية القديمة، إلا أنها ينقصها الحرير، والأقمشة المبهرجة التي تزينها من الخارج، والتي كان يستقلها الأمراء، وكبار رجال الدولة، البشوات، أولاد الذوات، وغيرهم من أعضاء الطبقات الاجتماعية الراقية في عصور الملكية.

وجه أسمر اللون، عينان محدبتان، وشارب أبيض، ملامح صعيدية، حملها عم حسان، خلال جلسته على أحد المقاعد، مرتديًا جلبابًا رصاصي اللون، ضاممًا يده على صدره، متعجبًا من حال الدنيا التي أوصلته إلى هنا.

بشارع سوق السمك، في منطقة السيدة زينب، التابعة لمحافظة القاهرة، وقف عم حسان إلى جوار العربة الملكية إلا أنها جار عليها الزمان، وأزاح كل ما عليها من رونق جمالي، تاركًا الخشب عاريًا، وبدون جواد، وضعًا عليها عدد من الأسبتة المصنوعة من الخوص القديمة عن هذا العصر، حيث تم استبدلها بمثيلتها البلاستيكية.

ورث "عم حسان" عربته الخشبية عن جده الأكبر، الذي كان يعمل سائقًا لعربة أحد البشوات في عهد الملك فاروق، والذي ظل يعمل بها حتى اشتعال فتيل ثورة 1952، والتي أطاحت بكل ما يخص الملكية من طباع.

خاف حينها سائق العربة من أن تطوله أيد الانتقام من العادات الملكية، ففر هاربًا بها بين طيات أحد الأحياء الشعبية، وأزال ملامح الرقي عنها، فأصبحت أشبه بعربات الكارو المغلقة.

وتناقلت العربة الكارو بين الأحفاد حتى وصلت لـ"عم حسان"، والذي استغلها في بيع الأسبتة المصنوعة من الخوص القديم، التي يقوم بتصنيعها بنفسه باستخدام قطع الخوص الرفيعة ويدمجها معًا حتى يتكون السبت.

قال "عم حسان"، إنه يعمل بهذه المهنة منذ سنوات عديدة، وتعتبر هى مصدر رزقه الأول، كما أنه قرر استخدام العربة لتظهر عليه بضاعته للمارة، وتكون مختلفة عن باقى محتويات السوق، رافضًا بيعها لأى سبب لأنه قرر أن تظل العربة الملكية هى الميراث الوحيد لعائلته.