رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالقادر شهيب: الصحافة تحتاج إلى صنايعية.. وتأريخ فترة عدلي منصور مشروعي المقبل

عبد القادر شهيب/
عبد القادر شهيب/ تصوير: محمد اسد

قال الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "دار الهلال" السابق، أنه قضى مشواره الصحفي رافعًا شعاري المهنية والوضوح، فهو– على حد وصفه- لم يكن من مجيدي فنون المراوغة أو حيل المهادنة، فحياته كما يراها أشبه بالخط المستقيم، حلقة وصل بين نقطتين، لا تعرف الطرق الملتوية.

"شهيب" سرد في حواره مع "الدستور" مقاطع رئيسية من سيرته الذاتية، أكد أن الصحافة حاليًا تعيش حالة من خريف الغضب نتيجة عوامل شتى عرقلت مسيرتها، مشددًا على أنها بحاجة إلى حلول غير تقليدية للفكاك من أسر النهيار المحاطة به.

وأضاف أنه بصدد إصدار مؤلف يتناول شهادات حية لفترة حكم المستشار عدلي منصور، بما شهدته من كواليس وكوابيس وأحلام، مبديًا في الوقت ذاته تقلبه لأي منصب يتم تصعيده له من قبل القيادة السياسية، قبل أن يُعلق ذلك على شرط القدرة على إضافة جديد.. وإلي نص الحوار:

◘ بدايًة.. لماذا جذبتك نداهة العمل داخل بلاط صاحبة الجلالة دون غيرها من المهن الأخرى؟

- يقول: أزعم منذ أن كنت في المهد صبيًا، وأنا أحمل في جيناتي وبين جنباتي عشق خاص لمهنة الصحافة، فقد كنت أهواها وأحبها حبًا جمًا منذ أن وقعت عيناي على والدي وهو يقرأ الصحف، حيث كان حريصًا على مطالعتها بصورة يومية، وهو ما دفعني لأن أقوم بعمل محاكاة لبعضها.

وخلال المرحلة الابتدائية بدأت في إصدار عدد من مجلات الحائط، وكان مدرس اللغة العربية آنذاك يُخصص حصة شهرية لمناقشة الموضوعات التي كانت تتناولها تلك المجلات، وقتها كان ارتباطي بالصحافة ينمو عامًا تلو الآخر، قبل أن يشتعل ذلك الحب بداخلي إبان التحاقي بالجامعة لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، حينها كنت قد حسمت أمري بضرورة البدء في ممارسة تلك المهنة بصورة احترافية.

◘ ولماذا لم تلتحق مباشرة بكلية الإعلام بدلًا من دراسة الاقتصاد والعلوم السياسية؟

- لم أكن حينها أملك سلطة القرار، فوالدي كان راغبًا في التحاقي بكلية الحقوق، بعدما لمس اهتمامي المبكر بالشأن السياسي، حيث أن معظم السياسيين تخرجوا من بين جدرانها؛ وقتها كانت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حديثة العهد، وقد وجدت نفسي أشعر بالإنجذاب ناحيتها والارتياح لدخولها، فاتخذت قراري بالالتحاق بها. وأذكر أن دفعتي كانت تضم عددًا من الأسماء التي صارت لاحقًا من أبرز القامات في مصر، أمثال الدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور عثمان محمد عثمان وزير التخطيط الأسبق وغيرهم كثيرين.

◘ ومتى بدأت بشكل فعلي في ممارسة الصحافة بصورة احترافية؟

- عندما التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بدأت بمعاونة الزملاء في إصدار مجلة حملت عنوان «اللواء السابع»، وبحكم الخبرات كنت أنا المسئول الأول عنها، وأذكر أنها نجحت في حصد المركز الأول على مستوي الجامعة، وفي التوقيت ذاته، كانت منظمة الشباب قد بدأت في فتح أبوابها، وباعتباري عضوا بها، فإنها نجحت في أن تمد أواصر الصلة بيني وبين مجلة الشباب، ونجحت خلال تلك الفترة في أن أكون أحد الأقلام الفاعلة بقوة على صفحاتها، فقد كنت كاتبًا للتقارير السياسية ومؤلفًا للقصة ومسطرًا للمقالات، وهو ما أضاف لي الكثير من الخبرات ومنحني وهجًا صحفيًا كبيرًا.

◘ رغم ثناءك الشديد في كل أحاديثك على تجربتك الصحفية داخل جدران مجلة "الشباب"، إلا أنك غادرتها دون أن تستكمل أحلامك الصحفية.. فما السبب في ذلك؟

- أولًا؛ عندما تخرجت من الجامعة عام 1969، كانت هناك خطة شاملة لتحديث القوات المسلحة وإعادة تجديد شبابها، عن طريق إلحاق حملة المؤهلات العليا بها، ولم يكن مُتاحًا الالتحاق بأي وظيفة ما، إلا بعد الانتهاء من أداء فترة الخدمة العسكرية، وقد حاولت كثيرًا العمل في أي صحيفة، فذهبت محاولتي سُدي، وكانت الجهة الوحيدة التي قبلتني هي الجهاز المركزي للمحاسبات، وكان معي حينها الصديق أسامة الغزالي حرب.

ثانيًا؛ خلال تلك الفترة نجحت في الجمع بين الحُسنيين، حيث كنت أؤدي واجبي الوطن داخل صفوف الجيش المصري، بجانب الكتابة في مجلة الشباب، وإن كان بصورة أقل مما تعودت عليها.

لكنني وعلى حين غفلة من أمري، وجدت نفسي متهمًا في أحد القضايا السياسية المعروفة بقضية الطليعة العربية، وهو ما كان سببًا في إنهاء علاقتي بالقوات المسلحة ومجلة الشباب.

◘ بعد أن أظلمت الدنيا في وجهك وعانيت من ضنك المعيشة ولو بصورة مؤقتة، ألم تُفكر في مغادرة ملعب الصحافة والعمل في أي مجال آخر؟

- لا؛ فكرة الاستغناء عن العمل الصحفي لم تُخطر على ذهني أبدًا، ففي تلك الآونة اخترت أن أطرق أبواب العمل داخل جريدة الجمهورية، وكان يرأس آنذاك مجلس إداراتها الراحل مصطفي بهجت بدوي، وبالفعل لم يُخب رجائي، ووافق على انضمامي للعمل بها، وكانت مؤسسة "دار التحرير" وقتها قد شرعت في تأسيس قسمي الأبحاث والتعليقات السياسية، والتحقت بالفعل للعمل في الأخيرة تحت رئاسة الكاتب الصحفي الراحل حسين عبد الرازق، وبقيت هناك حتى مطلع عام 1975، قبل أن يُلقي الكاتب الصحفي محسن محمد بكلمة النهاية.

وحدث أنه لما تولى رئاسة مجلس الإدارة بديلا لـ "بدوي"، أقسم على تطهير الجريدة من الناصريين واليساريين، وبالفعل ضيق علينا جميعًا، لنجد أنفسنا بين يوم وليلة مطرودين من جنة العمل في تلك المؤسسة العريقة.

◘ وهل ذلك كان السبب في انضمامك اللاحق للعمل في جريدة "روز اليوسف»"؟

- بالفعل؛ فقد ذهبت إلي مجلة "روزاليوسف"، وكان يُشرف على رئاسة تحرير المجلة كلا من الكاتبين الكبيرين صلاح حافظ وفتحي غانم، وفي بداية عملي كنت أعمل تحت إشراف الأخير، حيث كنت أعمل عرض لأحد الكتب في حدود 350 كلمة، وتلك نقطة.

أما النقطة الأخرى، فأستطيع أن أقول الانطلاقة الحقيقية لشخصي داخل رحاب صاحبة الجلالة، بدأت منذ اللحظة التي بدأت العمل فيها تحت الإشراف المباشر لصلاح حافظ، ففي تلك الفترة نجحنا في تقديم سلسلة من التحقيقات الصحفية، بدأنها بالحديث عن موضوع "القطط السمان" الخاص بظاهرة الأثرياء الجدد، تلاها فيما بعد تقديم مجموعة من الحملات الصحفية المماثلة أبرزها كانت حملة بعنوان "إمبراطورية الإذاعة وعزبة التليفزيون"، وعندما بدأ اسمي في اللمعان جاءت انتفاضة 1977 لتقضي أمرًا كان مفعولًا.

◘ وهل من الممكن أن تسرد لنا التفاصيل الخاصة بتلك القضية التي غيرت مسار حياتك جملة وتفصيلًا؟

- بشكل مبدئي أؤكد أننا لم أشارك في تلك المظاهرات أبدًا، بل أنني وقت اندلاعها كنت متواجدًا لأداء عملي داخل "روزا"، لكنني فؤجئت بورود اسمي ضمن الأسماء المطلوب القبض عليها، وعندما حاولت أن أبرهن على ذلك، أوصدت الأبواب في وجهي، وهو ما دفعني للهرب والاختباء لمدة 3 سنوات وثلاثة أشهر، وكانت المدة السابقة هي الفترة التي ظلت القضية فيها منظورة أمام المحاكم، حيث لم تقفل سجلاتها، إلا عندما أصدر المستشار حكيم منير صليب في أبريل من عام 1980، حكمه الذي أكد خلاله بأن تلك الأحداث كانت تظاهرات شعبية وليست انتفاضة حرامية.

◘ لكن سطور سيرتك تقول لم تعد للعمل في "روزا" بعد صدور الحكم ببراءتك.. ما تعقيبك؟

- بالفعل، ففي تلك الفترة كان الأستاذ عبد العزيز خميس قد حول أوراقي بصحبة مجموعة من الزملاء إلى اللجنة الثلاثية، والتي قضت بفصلنا من العمل، عندها لم أجد أمامي فرصة إلا طرق أبواب جريدة "الشعب"، الناطقة بلسان حزب العمل، وكانت واحدة من أكثر فترات العمل الصحفي توهجًا، بعدما نجحنا في تقديم تجربة ثرية وقوية، وقد كنت على شفا حفرة من تولي رئاسة تحريرها، لكن الأقدار كان لها رأي آخر.

وحدث أن جرى اتصال هاتفي بيني وبين الصديق مصطفي الفقي، تبادلنا خلاله أطراف الحديث، متسائلًا ومستفسرًا حول أسباب عدم عودتي لـ "روزا"، وأكد لي أنه سيعرض الموضوع على الرئيس الأسبق مبارك، وبالفعل أصدر قرارًا بعودتي للعمل.

◘ لكن بحكم السنوات الطوال التي قضيتها داخل "روزا".. لماذا لم يكن لك نصيب في رئاسة تحرير أحد مطبوعاتها الصحفية؟

- عندما عاودت العمل داخل جدران "روزا اليوسف"، نجحت في أن أستعيد شبابي مع الكتابة مرة أخري، وذلك عن طريق تقديم وجبات صحفية دسمة وذات مذاق خاص، كان أبرزها سلسلة من التحقيقات الصحفية أهمها كان الحملة التي خضناها ضد شركات توظيف الأموال وغيرها. بالإضافة إلى ذلك؛ نجحت خلال تلك الفترة في أن أكون جسرًا لعبور عددًا من الصحفيين مما صاروا لاحقًا من أصحاب الأسماء اللامعة أمثال نبيل عمر وإبراهيم خليل.

لكن إذا امتلكت الأشياء لابد من نقصان، ففي تلك الآونة أصُبت بانزلاق غضروفي، ألزمني بيتي لفترة، وعندما عُدت لممارسة مهامي من جديد، كان عادل حمودة قد تمت ترقيته كنائب لرئيس التحرير، وعندها وجدت نفسي غير مرحب بي وعانيت من التضييق في الكتابة، وهو ما جعلني أرغب في الإنصراف عن "روزا" بجسدي وليس بقلبي المُعلق بها.

◘ لكن تبقي تجربة عبد القادر شهيب في "دار الهلال" هي الأكثر ارتباطًا باسمك.. فما هي الكواليس الخاصة بتلك الفترة؟

- بعد أن رحلت عن "روزا" ساهمت في تأسيس جريدة "العالم اليوم" بصحبة عماد الدين أديب، لكنني فجأة وجدت الأستاذ مكرم محمد أحمد يُقدم لي عرضًا لأجل الانضمام إلى جريدة "المصور" الصادرة عن مؤسسة "دار الهلال"، لم يكن مني حينها إلا القبول، وبقيت هناك إلى أن تم تكليفي برئاسة مجلسي الإدارة والتحرير عام 2005.

◘ وماذا أضفت لمؤسسة "دار الهلال" خلال تلك الفترة التي توليت فيها رئاستها؟

- دائما ما أزهو وأفخر بأنني نجحت في أداء المهمة الثقيلة التي وكُلت لها خلال تلك الفترة، وهي تتجسد في الحفاظ على كيان مؤسسة "دار الهلال"، حيث واجهت خلال حقبتي تلك صعوبات جمة، كان أبرزها محاولة سطو وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على المطبعة الخاصة بالمؤسسة، مُستغلًا وجود بعض الديون القديمة على المؤسسة، بالإضافة إلى ذلك، نجحنا في استعادة قطعة أرض كانت تملكها "دار الهلال"، بجانب نجاحنا في إسقاط فوائد الديون.

وعلى الصعيد الصحفي، فـ "المصور" كانت الجريدة الوحيدة التي خاضت العديد من الحملات الصحفية مثل ملف العشوائيات والفساد، ونجحت في أن تحافظ على مصداقيتها لدى القارئ ولم تخض مع الخائضين في تقديم قرابين الطاعة وفروض الولاء للنظام أو أحد من أركانه.

ويكفي أن تعرف بأننا خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005، كنا المطبوعة الصحفية الوحيدة التي استضافت كل منافسي الرئيس الأسبق حسني مبارك وكان في مقدمتهم الدكتور نعمان جمعة.

وبجانب تلك التغطية المهنية، استطعنا أن نفتح صفحات المجلة أمام حركة استقلال الجامعات وحركة كفاية، فالجريدة آنذاك كانت منبرًا مفتوحًا ومعبرًا لكل أطياف المجتمع.

◘ لكن هناك من يقول بأن الحرية التي كانت تتمتع بها "المصور"، ظاهرها الرحمة وباطنها التعليمات الأمنية.. ما تعقيبك؟

- يُجيب قائلًا: لم يحدث طيلة فترة عملي أن حدث وجود نوعًا من التدخلات الأمنية، وأشهد بأنه لم يُطلب مني نشر شئ أو حجبه، وخلال إحدي الندوات استضفنا الدكتور حسن نافعة، وكان أحد الأسماء التي تؤرق النظام، ومع ذلك لم تتدخل سلطة المنع لحجب الحوار وحظره من النشر.

◘ باعتبارك واحدًا من الكُتاب القلائل الذين عايشوا عهد "عبد الناصر" وعصر "السادات" وزمن "مبارك".. ما تقييمك لفترات حكم هؤلاء؟

- أولًا؛ بالنسبة لـ "عبد الناصر" هو خُلق قائدًا ويكفيه انحيازه الحقيقي للفقراء، ونجاحه في صنع مكانة إقليمية وعالمية تستحقها الدولة المصرية، لكنه أمات تفعيل المبدأ السادس المرتبط بالديمقراطية، ولو أحياها كان ستتنقل مصر إلى مصاف واتجاه آخر.

ثانيًا؛ "السادات" تمتع بعقلية سياسية ليست بالهينة، وكان من هواة الدخول في معارك سياسية، لكنه كان يمتلك رؤى سياسية مغايرة لعهد "جمال"، ولم يكن لديه ذات الانحياز، فهو كان يستمد رهاناته من الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك، وأستطيع أن أقول انه دُفع دفعًا لأجل زيارة إسرائيل، وقد خذله كل من توقع أن يمدوا له يدي العون والمساعدة.

ثالثًا؛ مبارك لا يمكن الحكم على عهده كقطعة واحدة، فكل عشرية من سنوات حكمه الثلاثين لها سمة تُميزها، لكن الحقيقة تقتضي أن نقول بأنه كان حاكم وطني، كان حريصا أشد ما يكون الحرص على تماسك الجبهة الداخلية.

بجانب هذا فهو كان رافضًا أقصي ما يكون الرفض لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضي المصرية، ويكفيه عناده وصموده أمام بعض الرغبات التي حاولت إرغامه على تقديم تنازلات تتعلق بالقضايا الفلسطينية.

◘ نهلت من مشارب صحفية شتي وتعلمت على أيدي الكبار.. إلى من إذا تدين بالأستاذية؟

- كل قلم صحفي أخاذ اعتبر نفسي تلميذا في مدرسته، فمثلًا تعلمت من "هيكل" أناقة الجملة والتدقيق في المعلومة، بينما نهلت من مصطفي أمين وموسى صبري جرأة الاقتحام.

فيما اخترت السير على درب صلاح حافظ في التمسك برشاقة العبارة وسلاسة الكلمات في فن العمود الصحفي، وحذوت حذو الراحل أحمد بهاء الدين في الكتابة بطريقة السهل الممتنع.

◘ بصراحة.. ماذا عما تردد بخصوص ترشيحك أو تصعيدك لمنصب مرموق الفترة المقبلة؟

- هذا القرار ليس قراري، إنما هو عبارة عن حق تمتلك عصمته القيادة السياسية، وأنا لا أسعي لأي منصب، فقط أبحث دومًا عن أكون فاعلًا وليس مفعولًا به، ولهذا السبب اعتذرت سابقًا عن عضويتي في الهيئة الوطنية الصحفية.

◘ برأيك.. هل أمام الصحافة من مرد إلى سبيل يُعيد لها بريقها ومجدها المفقود؟

- قبل أن تستعيد الصحافة بريقها المتوهج، علينا أولًا أن ندرس الأسباب التي قادتها للردة للخلف، فالمؤكد أن هناك عدة عوامل تكاتفت فيما بينها لتصنع لك المشهد أهمها بالطبع العامل الاقتصادي والتطور التكنولوجي الهائل الذي نحياه.

وإذا كنا نبحث عن روشتة للإنقاذ فالصحافة مطالبة بإعادة صياغة نفسها ودورها من جديد، وذلك عن طريق البحث عن ضرورة جديدة لبقائها تستمد منها شرعية الوجود والاستمرار، وهذا لن يتم بغير اللجوء إلى المهنية، فلا عاصم من أمر الفناء الذي تعاني منه الصحافة سوى التمسك بذلك المبدأ. بجانب ذلك فالصحف مطالبة بتقديم تنويعات فكرية تعتمد على تقديم القصص الخبرية والتحليل الصحفي بجانب الاهتمام بمقالات الرأي وغيرها.

◘ بعد مرور عام على تشكيل الهيئات الصحفية والإعلامية.. ما تقييمك لها الآن؟

- أولًا؛ الهيئات الصحفية والإعلامية ورثت تركة ضخمة من المشاكل والأزمات، نجحت على استحياء في إيجاد حلول لبعضها، ولم تُوفق في حل المعظم؛ فالمشهد الصحفي والإعلامي يحتاج إلى جراحة عاجلة وشاملة تنقذه من براثن الأزمة المهنية والإدارية والمالية التي يمر بها.

ثانيًا؛ على الراغبين في إيقاف خريف الغضب الذي يجتاح الوسط الصحفي والإعلامي حاليًا، أن يدركوا بأن المهنة تحتاج إلى صنايعية يمتلكون ناصية الكفاءة والمهنية، ولهم من القدرة ما يجعلهم قادرون على وضع إستراتيجية طويلة تسير على هديها السياسة الإعلامية حين من الدهر.

◘ باعتبارك كنت شاهدًا من قلب الحدث حينها.. ما هو تقييمك لثورة يناير بعد مرور تلك السنوات على حدوثها؟

- تقييمي لثورة يناير الآن لن يختلف عن رأيي فيها إبان حدوثها؛ فمازالت عندي رأيي بأنها هي ويونيو من بعدها لا يمكن تسميتهم بالثورة؛ فهما ليس أكثر من انتفاضة شعبية، فكلمة الثورة تعني حدوث تغيير شامل في منظومتي القوي والقيم الاجتماعية الحاكمة لأي مجتمع.

وبشكل عام فأنا مؤمن بأن ثورة يناير كانت لحظة صدق في الجزء الأكبر من أحداثها، خرجت من أجلها الجموع وهي راغبة في مستقبل أفضل لأوطانها وأبنائها.

◘ أخيرًا.. هل تستعد لإصدار مؤلف جديد خلال الفترة المقبلة؟

- بالفعل، أستعد لطرح مؤلف يؤرخ لفترة حكم المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق، أرصد من خلاله تلك اللحظات الحرجة التي مر بها كيان الدولة الوطنية المصرية، عبر توثيق شهادات حية للعديد من الأطراف الفاعلة داخل مطبخ السلطة حينها، وأتمنى الانتهاء من ذلك العمل الهام في القريب العاجل.