رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إرادة الشعب هى الشرعية


«مصر تستيقظ» لقد قال شعب مصر كلمته واستجاب الجيش المصرى العظيم لمطالبه.

إننا الآن أمام عهد جديد فتح أبوابه شعب حرر نفسه من نظام مستبد ودكتاتورية فاشية استخدمت الدين لتقمع شعباً عريقاً غير قابل للقمع ولا للقهر ولا للانكسار.

لم يدرك الرئيس المخلوع أن إرادة الشعب «هى الشرعية»، لم يدرك أن نهاية الدكتاتور دائماً ما تكون مأساوية، لم يقرأ التاريخ ولا حتى تاريخ مصر، إن نهايته تعيد إلى الأذهان نهاية مأساوية لدكتاتور نازى هو هتلر، فقد خرج مرسى بخطاب هو أيضاً شهادة انتحار..... فبدلاً من أن يستجيب لإرادة الملايين التى خرجت إلى الميادين وفى الشوارع من كل الفئات ومن كل الأطياف مطالبة إياه بالرحيل، فإنه ضرب بمطالب الشعب المشروعة عرض الحائط وخرج بخطاب يدعو إلى الاقتتال ويعتبر نفسه أنه «الشرعية»، ويتحدى إرادة الشعب والجيش.

إن هتلر فى عهده تأسست المنظمة الإجرامية التى عرفت باسم الجستابو والتى كانت تقتل وتقبض على الرافضين لنظامه الدكتاتورى، ثم تمت محاكمته مع نظامه على جرائم ضد البشرية كما جاءت نهايته المأساوية بالانتحار هو وعشيقته إيفا براون فى مخبئه ببرلين عقب هزيمته فى الحرب العالمية الثانية.

إننا الآن فى مفترق طرق، فإما أن نبدأ عصراً جديداً تعلى فيه رايات الحرية والأمن والرخاء والتوافق والتقدم ونعيد بناء مصر ودورها الرائد فى كل المجالات فى منطقتنا وفى العالم، بحيث نتمكن من عبور جميع الصعاب التى قد تواجهنا بعد رحيل هذا الاحتلال الإخوانى الفاشى الذى أهدر حقوق المصريين ، وخرب فى الوطن وسعى لطمس هويته التعددية، واستهتر بأرواح المواطنين وأدخلنا فى أزمات طاحنة فى كل المجالات وشهد الناس أسوأ أنواع القتل والسحل والخطف والاغتصاب والتحرش، وإما أن نتوقف أمام الخلافات بين التوجهات والتيارات والآراء، فتتوه منا البوصلة مرة أخرى كما تاهت من قبل عقب ثورة يناير.

إن هذا الشعب العظيم الذى تحمل ما لا طاقة له به من خلال عام أسود حاولت فيه جماعة الإخوان تخويفه وترويعه، وإدخاله فى كهوف الظلام، يستحق أن يتولى أموره قادة ورجال يضعون مصالحه ويضعون مصر فى القلب، وفى الوجدان، ويبدأون فوراً فى استعادة الأمن والاتجاه نحو تحسين أحواله المعيشية والاقتصادية، بشكل عاجل.

إن هذا شعب من الأبطال الذين فتحوا صدورهم من أجل التغيير والتحرر من احتلال فاشى غاشم يحمل الأسلحة ويستعين بالأجانب لقتل المصريين والثوار، هو شعب يستحق أن يستمع القيادات الجديدة إلى معاناته وإلى عذاباته، وتعمل على تضميد جراحه وتوفير خدماته الأساسية التى حرم منها.

إن هذا الشعب الذى خرجت نساؤه وأطفاله يستحق أن يفسح مجال لحقوق المرأة والمساواة فى كل المجالات، إن هذا الشعب يستحق أن يعرف من النائب العام الجديد كل المعلومات الغائبة والتى تم إخفاؤها عنه، وأن يفتح لنا ملفات قتلة المصريين منذ ثورة يناير وأثناء حكم الإخوان وحتى الأمس.

إن الشعب المصرى الذى يطلب القصاص لشهدائه من حقه أن يعرف من الذى قتل جنودنا فى رفح ومن خطف جنودنا البواسل، ومن الذى أصدر الأوامر بحفظ البلاغات فى الجرائم ضد الشعب المصرى، وأن يتم تعويضه.

إن من حق هذا الشعب أن يعرف من الذى حرق المجمع العلمى كما عرف من الذى فتح السجون أثناء ثورة يناير.

إن هذا العهد الجديد الذى يبزغ فجره والذى أبهر فيه الشعب المصرى العالم فى أكبر ثورة شعبية فى تاريخ البشرية، وأكبر حشد فى التاريخ كما وصفته شبكة تليفزيون «CNN»، هو شعب سيقود المنطقة فينتقل التغيير إلى دول أخرى بجوارنا وفى منطقتنا ضد النظم التى تستخدم الدين لقمع الشعوب...

إن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ هى ثورة ثانية فى تقديرى، وهنا تكمن عبقرية الشعب المصرى، فالثورة الأولى كانت من أجل الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أما الثورة الثانية من أجل الحرية والتخلص من الحكم الفاشى الذى يستخدم الدين لقمع الشعب، والدين منه براء.

و تحية لكل الأبطال المصريين من الملايين الذين شاركوا فى ثورة يونيو، والذين رأيت ابتسامة النصر تعلو وجوههم منذ اليوم الأول.

و تحية للجيش المصرى العظيم الذى استجاب لمطالب الشعب وتحرك لحماية الأمن القومى المصرى.

وتحية للقضاء الشامخ الذى وقف ضد كسره.

وتحية للأزهر الشريف رمز الوسطية ومرجعيتنا للإسلام الصحيح.

وتحية للكنيسة التى دعت إلى نبذ العنف ونشر التسامح الدينى.

وتحية للشرطة التى انحازت لإرادة الشعب.

وتحية للصحافة الخاصة والإعلام المستقل اللذين كانا السلطة الرابعة التى عبرت عن نبض الشعب، وحرصت على حقه فى المعرفة والاطلاع على الحقيقة.

أما الأيام القادمة فمهما كانت صعبة، فإن الفرحة بانتصار الثورة تطغى على أى مصاعب تلوح فى الأفق، لأنها فرحة شعب ذاق حلاوة الحرية بعد عام، حالك السواد....

و لكن الفرحة ستكمل بالقصاص للشهداء