رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفراعنة عرفوا أسرار القمر وقدسوه وشيدوا المعابد لعبادته

خونسو
خونسو

يترقب العالم خلال الساعات القليلة المقبلة حدوث أطول خسوف زمني في هذا القرن، وهو ما يعرف باسم «الخسوف الدموي» وفي هذه الظاهرة الفلكية سيتحوَّل لون القمر بشكلٍ جزئي إلى البرونزي، وفي لحظة الخسوف الكلّي، سيكون القمر في مركز ظلّ الأرض، قبل أن يبدأ بالخروج منه ليصبح في حالة الخسوف الجزئي، إلى أن يخرج تمامًا من ظلّ الكرة الأرضية ويدخل في ظليل الأرض ويعود إلى شكله الطبيعي، وطالما كان القمر نصيب بالغ للغاية من الاهتمام في مختلف الحضارات وأقدمها، فالمصريين القدماء من أكثر من 7 آلاف عام تمكنوا من اكتشاف أسرار القمر، وأفردوا له مكانة خاصة للغاية وصلت إلى حد التقديس والعبادة.

وقال الأثري الطيب غريب، كبير مفتشي معابد الكرنك في الأقصر، إن المصريين القدماء تمكنوا من اكتشاف أسرار القمر منذ نحو 7 آلاف عام، فعروفوا التقويم القمري، وكان طلوع هذا القمر هو بداية السنة، وكان مرتبطًا بفيضان نهر النيل، وفي هذا التقويم تتكون السنة من 12 شهرا ومجموع أيامها 354 يوما، وأضافوا لها شهر قمري من 30 يوما ليصبح مجموع أيام السنة القمرية 384 يوما، وكان الشهر الثالث عشر مخصصا للإله "تحوت" إله القمر، وانقسم الشهر القمري الي أربعة أسابيع كل منها يمثل مرحلة من مراحل القمر وهي التربيع الأول، والقمر المكتمل (البدر)، والتربيع الثاني، والقمر الجديد، ومن المعروف أن كلمة شهر باللغة المصرية القديمة تسمى "آبد"، وصور مخصصها على هيئة هلال.

وأضاف أن المصريين القدماء قدسوا القمر وجعلوا منه إلهًا وأطلقوا عليه اسم «خونسو» يعنى (المتجول)، أو (الذى يجوب السماء)، باعتباره التجسيد الربوبى للقمر الكائن فى السماء، وهو العضو الثالث فى ثالوث "طيبة" (آمون، موت، خونسو)، واختلفت أشكال تجسيد هذا الإلهه من فترة زمنية إلي أخرى ففي بداية ظهوره الأولى عنها فى عصر الدولة الحديثة، وارتبط بالعديد من الأرباب، مثل "أوزير"، و"شو"، و"ﭽحـوتى"، واعتبر المعبود "خونسو" ربًا للشفاء، وذلك وفق ما ورد على لوحة من الدولة الحديثة (الأسرة التاسعة عشرة) وجدت فى معبده فى "طيبة"، كما اعتبر أيضًا ربًا للسلام تحت اللقب "نفر- حتب"، والذى حمله منذ الدولة الحديثة.

وأشار غريب إلى أن الإله "خونسو" عادة فى الشكل الآدمى، غالبًا شابًا داخل لفائف المومياء، أو رداء ضيق محكم، لذا فإن يديه تكونان كلها أو نصفيًا غير مقيدتين. ويعلو رأسه الهلال والقمر، وتتدلى من رأسه خصلة شعر. وعادة ما يقبض على مجموعة من الشارات والصولجانات، وهى (حقا، واس، ﭽد، نخخ)، وأحيانًا ما يصور برأس الصقر كرب سماوى، ويميز عن المعبودين "رع" و"حور" بقرص القمر والهلال.

وتابع: أن طيبة وعي الأقصر حاليًا وعاصمة مصر القديمة كانت هى مكان العبادة الرئيسى للمعبود "خونسو" كأحد أعضاء الثالوث الخاص بها، إلا أنه وجدت له العديد من المقاصير الخاصة بالعبادة فى أماكن عديدة فى أرجاء البلاد، ومعبده فى نطاق معابد "الكرنك" من عصر الملك "رمسيس الثالث"، وتم توسيعه بواسطة عدد من خلفائه، وكان "خونسو" يشارك فى العديد من الاحتفالات والأعياد الدينية، مثل (عيد بداية السنة)، حيث كان تمثاله المقدس ينتقل فى مركب من معبده فى "الكرنك" إلى معبد "الأقصر"، حيث يشارك أبويه "آمون" و"موت" فى الاحتفالات.

ولفت كبير المفتشين في الأقصر إلى أن معابد الكرنك تضم معبد خونسو، والذي بناه بطليموس الثالث إرجيتس المعروف بباب العمارة، وهو من أروع أمثلة الزخرفة في العمارة البطلمية التي عثر عليها في الأقصر، ويؤدي الباب أيضا إلى طريق الكباش.

وأكد أن الأقصر تحتفل في كل عام بتعامد القمر على معبد "خونسو" (إله القمر) داخل معابد الكرنك الفرعونية، وتأتي تلك الظاهرة الفلكية الغريبة ضمن 4500 ظاهرة فلكية شهدتها مصر القديمة في تأكيد لريادة قدماء المصريين لعلم الفلك في العالم.