رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المتناقض".. رحلة معز مسعود من الدعوة إلى "قلب شيري"

جريدة الدستور

أثار الداعية الإسلامى معز مسعود، جدلًا واسعًا، بإعلانه الزواج من الممثلة شيرى عادل، إحدى بطلات مسلسل «السهام المارقة» الذى أنتجه مؤخرًا، وعلى ما يبدو فإن الداعية صاحب الـ٤٠ عامًا وقع فى حب «شيرى» ليترجم ذلك إلى الزواج بها منذ أيام.

ولد «مسعود» فى عام ١٩٧٨، وصنف ضمن أكثر ٥ دعاة تأثيرًا فى العالم الإسلامى، حسب مجلة الإيكونوميست، وتخرج فى الجامعة الأمريكية عام ٢٠٠٠، ودرس العلوم الشرعية الإسلامية، كما يلقى دروسه حول العالم بالإنجليزية إلى جانب العربية، ونال درجة الماجستير من جامعة «كامبريدج» فى الدراسات الدينية وعلم اللاهوت، وعاش بداية حياته فى «الكويت» وسط أسرة معتدلة دينيا.

مسلسل «السهام المارقة» الذى كان سببًا فى زواج الداعية الشاب من الممثلة «شيرى» يُعالج قضية تنظيم داعش الإرهابى، واستعراض ما يدور داخل هذا التنظيم، وكيفية التعامل معه، ولم يكن إنتاج «مسعود» للمسلسلات بعيدًا عن شخصيته العاشقة للموسيقى، حيث احترف عزف الجيتار، وعرف نفسه فى أحد التصريحات، قائلًا: «اللهو والعبث كلمتان تستطيع بهما تلخيص حالى فى فترة مراهقتى حتى أواخر ١٩٩٥».

أقاويل عديدة ترددت مؤخرًا، عن سر اتجاه «عاشق الجيتار» إلى الدعوة والوعظ، بعضها يشير إلى إصابته بورم وإجرائه جراحة لاستئصاله، وهو ما جعله يمر بتجربة قاسية واجه خلالها الموت، لكنها لم تكن كافية لهذا التحول، بل جاءت التجربة الثانية فى نفس العام، وبعد حضوره حفلًا لرأس السنة، وفى أثناء عودته تعرض لحادث سير كاد يودى بحياته، وبعدها بدأت تتغير حياته.

ربما لم يكن الداعية الذى كان يُدخن السجائر كالكثيرين من أبناء جيله، يعلم أنه بعد ما فعله فى شبابه من حفلات، سيتحول إلى ظاهرة دينية يثار حولها كل هذا اللغط.

ومن التصريحات المنسوبة إليه قوله: «كنت أشرب السجائر لكنى تركت المعاصى الكبيرة، فكنت أذهب للبار، ولكنى لا أرقص أو أفعل المحرمات الكبيرة».

وأضاف: «بعدها بعام ونصف العام التقيت بشخص كفيف فى نفس عمرى ١٩ عامًا، يحب الله ويتقرب إليه، ويملك صوتًا جميلًا حين يقرأ القرآن، وحفظت القرآن بسبب هذا الأمر، وتغيرت حياتى».

وقدّم «مسعود»، العديد من البرامج الدعوية، من بينها «الطريق الصح»، «رحلة لليقين»، «ثورة على النفس»، وله العديد من البرامج المؤثرة فى النطاق الدعوى.

وفى عام ٢٠٠٣ تزوج مسعود من فتاة تدعى سارة، وكان يُطلق عليها لقب ملكة جمال الجامعة الأمريكية، حيث كانت زميلته فى الدراسة، غير أن طلاقهما لم تُعلن أسبابه أو توقيته بالتحديد، وعاد فى عام ٢٠١٧ ليُعلن زواجه من المرشدة السياحية الشهيرة بسنت نورالدين، بعدما كتب عنها عبر صفحته على «فيسبوك»: «جميل أن تعيد اكتشاف تاريخ بلدك وجمالها نتيجة جهد يستحق الاحترام.. سعيد بفيديوهات بسنت نورالدين»، ثم انفصل عنها بعد ٦ أشهر فقط.

وكتبت «بسنت» حينها: «فى الآخر الدنيا (دنيا) والأشياء ليست دائمًا تبدو كما نتمنى»، مضيفة: «الحمدلله، تم انفصالى مؤخرًا، مش مهم أنك تقع، المهم أنك تقوم وتكمل الحياة من تانى، حاليًا أنا مركزة فى طريقى وفى تقديم محتوى أقوى، ادعولى».

لم تكد تهدأ أزمة الطلاق، حتى عاد الداعية ليثير الجدل من جديد منذ أيام، معلنًا زواجه من الممثلة شيرى عادل، وأصبح بعدها حديث النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعى، حتى إن بعضهم أطلق عليه «الداعية الفشنك» الذى يُخالف ما يقوله للناس عبر برامجه الدينية.
وفى أحد الفيديوهات المنشورة لـ«مسعود» الذى يلخص رأيه فى الحجاب، قال الداعية: «هناك أشخاص أساءوا فهم تصريحاتى فى إحدى الحلقات، وكل ما أود قوله هو عدم توصيل إحساس الانتقاص من غير المحجبة، رغم أنها تكون محتشمة فى زيها وتقيم الفروض الدينية».

وأضاف: المرأة غير المحجبة تواجه ظلمًا لمجرد أن مظهرها ناقص، وكان هناك سؤال مهم «ما معنى الحجاب؟»، هل هو مجرد تغطية الشعر، أم عورة بالنسبة للمرأة؟، وأقول إن هناك رجالًا غير محجبين، بمعنى أنهم لا يغطون عورتهم كاملة رغم أن مساحتها أصغر بحكم الاختلافات الجسدية.
وتابع: «هناك من يظن أننى أنكر الحجاب، وأصبحت هذه التصريحات مأخوذة ضدى لمجرد أننى حاولت شرح الأمر وتفكيك السؤال والإجابة عنه بطريقة موضوعية».
وفى أحد الفيديوهات الأخرى، ظهر «مسعود» وهو يؤكد أن ظهور المرأة بزى محتشم هو فرض مذكور فى القرآن، فيما قال إن المرأة بحكم طبيعتها ورغبتها فى الظهور جميلة هو السبب وراء أمر الله للمرأة بأن تستر عورتها.

ووفقًا لكتاب «دولة الدعاة الجدد» الذى نُشر فى عام ٢٠٠٩، لمؤلفه وائل لطفى، فإن «معز» يعد من الجيل الثالث من الدعاة الجدد بعد عمر عبدالكافى وياسين رشدى، ومن الجيل الثانى من الدعاة التليفزيونيين بعد الداعية عمرو خالد، موضحًا أن تحليله لشخصية الداعية الشاب يرى فيه أنه تأثر بأنماط الوعى الأمريكى، وهذا ما يتفق مع تعليمه وقضائه أوقاتًا فى الولايات المتحدة.

وأضاف: «التأثر بالوعظ الأمريكى بالنسبة لمعز واضح أكثر من عمرو خالد، نتيجة أن مُعز أعمق من خالد فى التعامل مع الإقناع العقلى، فى وقت يعتمد فيه الثانى على الحماس والعواطف. بدايته مع الوعظ من أمريكا وفقًا للكتاب كان مع تقديم برنامجه الأول باللغة الإنجليزية فى أثناء إقامته هناك، وجعله ذلك يتأثر بأنماط الوعظ البروتستانتية، وهم موجودون بكثرة فى أمريكا وغيرها، لذلك بدا واضحًا على خطابه البساطة، وليس لديه الزى الخاص برجال الدين، بل إنه يرتدى زى الجمهور الذى يستهدفه، ويتحدث بنفس لغتهم فى الخطاب، كما يستخدم الموسيقى، كثمة من السمات الفنية، والموجود فى الحوار الأمريكى، حيث يضع مضمونًا متسقًا مع أفكاره.

ويُفسر الكتاب ظاهرة الدعاة الجدد الذين ينتمى إليهم معز مسعود، بأنه يظهر للعامة، وينتج فنًا محافظًا ليست به مخدرات أو علاقات خارج إطار الزواج، وأضاف: «بدأ الدعاة الجدد يتحدثون بأن الدين يحب الأغنياء، ويحب الثروة، ورغبتهم فى تكوين ثروة كبيرة ليكون المسلمون أفضل، والتخلى عن اللهجة السائدة حول أن الدين يدعو إلى الزهد، فبات ظاهرًا أنه من ضمن أفكار الدعاة الجدد، التشجيع على جمع الثروة والنجاح المادى والعمل».