رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معبود الجماهير.. أيام الوعظ والسلطنة «12»

محمد الباز يكتب: حسن أبوعتمان بين كشك وعدوية.. «جينا نقعد شدوا الكراسي»

محمد الباز
محمد الباز

- حسن أبوعتمان صاحب ٨٠٪ من أغانى عدوية
- أبوعتمان كتب لـ«محمد رشدى» أغنيته «عرباوى» ولحنها حلمى بكر
- الشاعر كتب أغنية «عيلة تايهة» لابنته أخلاق
- أغنية «كركشنجى دبح كبشه» كانت ممنوعة من التسجيل فى مصر

يخيل إلى أن الشيخ كشك لو لم يحترف الخطابة ويسوقه الله إليها، لكان مناسبا له جدا أن يكون منشدا أو مطربا.
وقبل أن تتعجب مما أقوله، راجع فقط ما كان يقوله من على منبره أو فى دروسه التى يلقيها بين الصلوات عن المطربين والفنانين ونجوم السينما وأسماء الأفلام ومؤلفيها ومخرجيها وقصصها وما يقال فيها من عبارات.
كان الشيخ يتلكك- فيما يبدو- ليتحدث لجمهوره عن الفن وما يفعله أهله.. ولم يكن يذكر أسماء المطربين فقط، بل يذكر كلمات أغانيهم، بما يؤكد أنه كان حافظا لأغانيهم، ومستمعا جيدا لهم ومستمتعا جدا بهم.
وإذا قلت إنه كان يفعل ذلك من باب النقد لما يقدمونه، ولحماية عموم المسلمين من بضاعتهم التى يراها فاسدة ومحرضة على الفسق والفجور كما كان يحلو له- سأقول لك: بدا لى وأنا أسمعه منذ صغرى، ثم عندما أعدت سماع كل خطبه وأنا أكتب عنه الآن، أنه كان صاحب مزاج فى السماع، وكان يمكن أن يغير القدر مساره تماما لو أنه قابل واحدا من الذين صنعوا نجومية أحمد عدوية.
تخيل مثلا لو أن صدفة فى بداية الشيخ كشك صاحب الصوت الندى جعلته يقع فى طريق الريس بيرة بحالته المزاجية الرائقة، أو قابل الشاعر الكبير حسن أبوعتمان الذى كان صاحب نصيب الأسد من أغنيات عدوية، فقد كتب له وحده ما يقرب من ٨٠ بالمائة من أغنياته.
منطق كشك فى الوعظ لم يكن يختلف فى قليل أو كثير عن منطق عدوية وشعرائه وملحنيه فى السلطنة، كل طرف كان يجر الجمهور إلى مساحته.
كان كشك كما عدوية تماما، لم يهتم أيهما لا بترقية جمهوره ولا النهوض بذوقه، بل كان يستغله لحشده وراء مصلحته، وإذا كان المغنى بريئا من اللعب بمشاعر الناس، فقد كان يحاول إسعادهم بطريقته، وبما يعتقد أنه صحيح، فإن الواعظ كان يتلاعب بمشاعر جمهوره حتى يحشده لمناصرة الجماعات الإسلامية التى كان يعتقد أنها جماعات معتدلة، رغم أنها فى حقيقة الأمر لم تكن إلا جماعات متطرفة وإرهابية، ولم تكن فى حاجة إلا لفرصة ولو صغيرة لإظهار أنيابها، وهو ما جرى عندما وصلت جماعة الإخوان التى كان ينتمى لها كشك ويدعمها إلى السلطة.
لم يكن الموت رحيما بالشيخ كشك من هذه الزاوية، فلم يمهله حتى يرى غرس يديه، وإن كان قد نجا أيضا من رؤية رجاله والمصريون يطاردونهم فى الحوارى والشوارع والطرقات، لأنهم أفسدوا عليهم حياتهم وكانوا يخططون لاختطافها تماما.
لو أن كشك قابل حسن أبوعتمان لتغيرت أشياء كثيرة فى حياته، الفارق الزمنى بينهما لم يكن كبيرا.
كشك مواليد ١٠ مارس١٩٣٣ وأبوعتمان من مواليد ١٩ يونيو ١٩٢٩، يكبر الشاعر الواعظ بـ٤ سنوات، لكن الأقدار قضت أن يكبر الشاعر وينمو ويتطور فى بلدته بالمحلة الكبرى، بينما نما كشك بين بلدته فى البحيرة والقاهرة.
بحثت عن حسن أبوعتمان كثيرا، هناك معلومات متناثرة عنه فى تقارير صحفية وصور قلمية حاول أصحابها أن يظهروا وكأنهم يعرفون كل شىء عنه، لكنى عثرت على ما أعتبره كنزا، حوار مع أولاده الثلاثة محمد وكريم وأخلاق، نشرته مجلة صباح الخير للزميل محمد حمدى القوصى فى ٦ سبتمبر ٢٠١١.
وقبل أن تتوقف عند اسم ابنته «أخلاق»، سأقول لك إن لهذا الاسم قصة، كما لكل شىء فى حياة شاعر عدوية الأكبر قصة وحكاية.
أحب حسن أبوعتمان زوجته وكان يغار عليها غيرة قوية جدا، كان يمنعها من الخروج من البيت إلا للشديد القوى كما يقولون، ومن حبه لها اختار أن يسمى ابنته أخلاق، حتى تصبح زوجته عندما يناديه أحد «أم أخلاق»، قد لا يعنى هذا الأمر بالنسبة لكم شيئا، لكنه كان يعكس فطرة هذا الرجل الذى صنعته الحياة على عينها، أو بالأدق هو الذى صنع نفسه على عين الحياة.
لم يكمل حسن أبوعتمان تعليمه، واصل دراسته حتى السنة السادسة من المرحلة الابتدائية، وقتها أصيب بسحابة بيضاء أحاطت بعينه، وبدلا من أن يصر أهله على علاجه استسلموا، وأخرجوه من المدرسة، وبعد عامين فقط من مغالبة الحياة وربما معاندتها أصبح عاملا فى شركة «مصنع الغزل والنسيج» بالمحلة.
على صوت ماكينات الغزل كان أبوعتمان يكتب الأزجال والأشعار الخفيفة، بل شارك فى الأعمال الفنية التى كانت تعرض على مسرح الشركة، أيامها كانت الشركات الكبرى لها فرق مسرحية وموسيقية، فالإنسان ليس آلة تعمل وينتهى الأمر كله بعد ذلك.
بعد عشر سنوات فى العمل فى مكاتب وعنابر مصنع الغزل والنسيح، قرر أبوعتمان أن يكون حرا طليقا، يعمل لحساب نفسه دون أن يتحكم فيه أحد، أو يخضع هو لأحد، خرج ليعمل فى صالون حلاقة خاص به، كان يعتبر الحلاقة فنا، يستطيع من خلاله أن يرسم وجه الإنسان بالطريقة التى يراها دون أن ينازعه فى ذلك أحد.
كان أبوعتمان يعتبر الحلاقة نوعا من الخلق الخاص، ثم إن عمله هذا جعله يسمع لكثيرين بما شكل وعيه الاجتماعى، وشحنه بصور وتعبيرات شعبية لا أول لها ولا آخر، وكان طبيعيا أن تنتقل حالة أبوعتمان إلى أشعاره وأزجاله.
يوم قرر عامل الغزل والنسيح وحلاق المحلة بعد ذلك أن يكون شاعرا غنائيا، قرر أن يغنى له كبار المطربين، ولم يكن يومها فى العام ١٩٦٤ أكبر من محمد رشدى المطرب الشعبى الأول فى مصر.
استقر حسن أبوعتمان فى «أبوقتادة»، حى من أحياء بولاق الدكرور يطلقون عليه تخفيفا وتخففا «أبوأتاتا»، وبدأ يبحث عن محمد رشدى، وقبل أن يصل إليه كتب أغنية «بنت الحلال»، التى تقول كلماتها: «بنت الحلال اللى عليها النية تسوى ملايين بس لو بإيديه قولوا لأبوها المهر غالى عليا».
غنى كارم محمود هذه الأغنية، ولحنها الموسيقار الكبير محمود الشريف، الذى كان صديقا مقربا جدا من أبوعتمان، لكن يبدو أن كارم محمود لم يكن مقصد حسن، لم ير فيه المطرب الذى يمكن أن يحمله إلى الشهرة والنجومية، لم تكن حنجرته لتتحمل مدفعية الغناء الشعبى الثقيلة التى كانت تحملها أفكاره وأشعاره.
راقب حسن أبوعتمان محمد رشدى جيدا، كتب أغنيته «عرباوى» فى ورقة، وألقى بها فى سيارة رشدى وفى آخرها رقم تليفون أقرب محل للشقة التى يقيم فيها، وبعد أيام وجد رشدى يتصل به، ويتفق معه على الأغنية التى لحنها حلمى بكر.
كانت «عرباوى» التى هى من أنجح أغنيات رشدى فاتحة خير على الشاعر القادم من المحلة الكبرى، لكن يبدو أن منغصات الحياة لاحقته.
رواية أولاد أبوعتمان تشير إلى أنه ظل يتعاون مع رشدى لمدة عشر سنوات كاملة، بدأت فى بدايات الستينات وانتهت فى أوائل السبعينات، وخلال هذه الفترة كتب له أغنيات «والله فرحنا لك يا وله» و«حسن ونعيمة» و«عشرية».
لكن هناك رواية أخرى تؤكد أن أبوعتمان كتب أغنيات قليلة لرشدى ولم يكمل مشواره معه، حيث ضاق به بسبب ما قاله عنه حلمى بكر.
كان حلمى بكر يرى أن مهنة أبوعتمان القديمة «حلاق» يمكن أن تمثل مطعنا فى شعبية وجماهيرية رشدى، فخصومه ومنافسوه عندما يعرفون أن كاتب أغنياته فى الأصل حلاق، يمكن أن يستغلوا ذلك فى الإساءة إليه والتشهير به.
يمكنك أن تقول إن مهنة الحلاق ليست عيبا، وأن «أبوعتمان» يكفيه شرفا أنه كان يأكل من عرقه بدلا من أن يتسول أو يتحول إلى مجرم، ثم إنه أصبح شاعرا وأغنياته ناجحة جدا.
ويمكننى أن أقول لك إن هذا كلام نظرى ومثالى جدا، ولا يمكن فعليا الاعتماد أو التعويل عليه كثيرا، نردده ربما لنريح ضمائرنا لا أقل ولا أكثر من هذا.
من الصعب الجزم بأى من الروايتين هى الصحيحة، لكن المنطق الذى يتحدث به حلمى بكر ويتعامل به طوال مسيرته الفنية وحتى الآن، يجعلنى أصدق أنه يمكن أن يقول ذلك، ويمكن أن يضطهد شاعرا بعينه بعيدا عنه، أو يتعامل مع من يلحن لهم، بسبب اعتراضه على مهنة سابقة يعمل بها هذا الشاعر، فلديه نظرة خاصة لمن يعملون فى الفن، يمكن أن تختلف معها، لكن لا تستطيع أن تنكرها عليه، لأنه على الأقل يقتنع بما يفعل وما يقول.
فى بداية السبعينات التقى حسن أبوعتمان بعدوية، كان المطرب الشعبى وقتها قد بدأ الطريق إلى النجوم بالفعل، كانت أغنية «السح الدح امبو» قد سادت واستولت على السوق، وبدأت تشكيل الذوق من جديد، وبدا الطريق مفتوحا على آخره للمغنى القادم من مقاهى محمد على.
عندما تعرف الأغنيات التى كتبها حسن أبوعتمان لعدوية ستكتشف أنه كان الشاعر الأهم فى مسيرة المطرب الشعبى الكبير، وصناعة نجوميته، منها مثلا «زحمة يا دنيا زحمة»، و«سلامتها أم حسن»، و«كله على كله»، و«يا بنت السلطان»، و«يا ليل يا باشا يا ليل»، و«عيلة تايهة» و«أديك تقول مخدتش» و«كركشنجى».
سآخذك بعيدا عن كلمات حسن أبوعتمان قليلا الآن، سأضعها بعد قليل وجها لوجه أمام ما كان يقوله الشيخ كشك على منبره من خطب وعظات ودروس، وأعدك أن تجد عجبا.
لكن الآن لا تزال لدى مساحات مهمة على خريطة الشاعر، منها مثلا أريحيته فى الكتابة، وتداخل حياته الشخصية مع ما كان ينتجه من أغنيات، وخاصة أغنيات أحمد عدوية.
تعرفون أغنيته «عيلة تايهة»، التى تقول كلماتها: عيلة تايهة يا ولاد الحلال ببلوزة نايلون على جيبة ترجال الحلوة خوخة جت بعد دوخة واللى يلاقيها يخطرنا فى الحال يا ولاد الحلال عيلة شاطرة وشطورة قمرة وقمورة غنوة ومكتوبة من أصل وصورة يا ولاد الحلال عيلة تايهة القدرة قلبتها على فمها مطلعتش لبابا طلعت لأمها يا ولاد الحلال عيلة تايهة طالعة مهندمة البنت منمنمة ودى ماشية زى الساعة بس مقدمة يا ولاد الحلال ستة على ستة نوارة الحتة مساها شربات وصبحها قشطة.
لم تكن هذه الأغنية لعدوية، ولم تكن لجمهوره، بل كانت لبنت حسن أبوعتمان، أخلاق، حدث بينهما خصام شديد، ولأنه كان يحبها جدا، لم يستطع أن يقسو عليها، فكتب هذه الأغنية ليعاتبها بها.
وكما كتب أبوعتمان لابنته أخلاق، كتب أيضا لابنه محمد أغنية تقول كلماتها: ستو بسبستلو بسبوسة بالسمن والسكر والعسل عسل وكسل يا حوسة عاطل ونايم فى العسل خلاصة ومش خلاصة ده سلاح من غير رصاصة ولا فالح فى الدراسة ولا يسد فى عمل.
غنى عدوية هذه الأغنية، كما غنى من قبل أغنية «عيلة تايهة»، ربما دون أن يعرف أن «أبوعتمان» كان يؤدب أولاده من خلاله، أو يرسل لهم رسائل عبر حنجرته.
لقد عانى أولاد حسن أبوعتمان مع والدهم، ظل بعيدا عنهم أكثر من عشرة أعوام، هى العشرة أعوام الأولى له فى القاهرة، كان يشق طريقه إلى المجد، بينما هم ينتظرونه هناك، وبعد أن جاء بهم إلى القاهرة، وكانوا ينتظرون أن يعيشوا معه فى شقة فاخرة من عائد أغنياته، إلا أنه عاش بهم فى شقة صغيرة بشارع النويش بالجيزة، والغريب أنه رفض أكثر من مرة الانتقال إلى شقة فاخرة، وكان العرض يأتيه من عاطف منتصر صاحب شركة صوت الحب التى تنتج أعمال عدوية.
هل كان حسن أبوعتمان سعيدا بعمله مع عدوية؟
السؤال ليس غريبا، وقبل أن تقول إن أى شاعر فى هذه الفترة كان يسعى للعمل مع عدوية، سأقول لك: الوضع مع حسن أبوعتمان كان مختلفا بعض الشىء، كانت أغنياته تحديدا تتعرض لمضايقات من جهاز الرقابة، وتخيل مثلا أن أغنية «كركشنجى دبح كبشه» التى جرب واستعرض فيها حسن أبوعتمان قدراته اللغوية والقدرة على التشبيك بين الكلمات التى تحتاج إلى تركيز لفهمها، لم يقدر له أن يتباهى بها، فى الوقت الذى كان أحمد عدوية يتباهى بغنائها، ويردد ما قاله عبد الحليم حافظ عندما سمعها ودهشته من قدرته على ترديدها بكل هذه السهولة، تم منعها من التسجيل فى مصر فى البداية، فتم تسجيلها فى اليونان، وكانت تباع فى مصر سرا، وتحرر أكثر من محضر لبائعى الكاسيت لأنهم كانوا يبيعون الأغنية.
ما تعرضت له «كركشنجى» تعرضت له بقية أغنيات حسن أبوعتمان التى غناها عدوية، ومن المفروض أن يعجبه ذلك، فكل ممنوع مرغوب، ثم إن أغنيات عدوية التى كانت تمنعها الإذاعة ويرفضها التليفزيون، كانت تنتشر مثل النار فى الهشيم، فهل يغضب شاعر من انتشار أغنياته بهذا الشكل.
الأغنيات كانت تنتشر أيضا، لكنها كانت تنسب جميعها إلى عدوية، إذاعة الأغنية فى الإذاعة والتليفزيون كانت تعنى الإشارة إلى المؤلف والملحن، لكن إذاعتها عبر شرائط الكاسيت وبطريقة سرية أيضا، حال ذلك دون أن يأخذ الشاعر حقه، ثم إن المنع لأغانى أبوعتمان لم يكن بسبب محاذير سياسية أو دينية، ولكن لأسباب أخلاقية، فقد كانت الرقابة تتهمه بالابتذال، وأعتقد أن مثل هذا الأمر كان مزعجا له جدا.
لكن حسن أبوعتمان كان يصبر نفسه، فالجمهور الذى لا يحترم كلماته اليوم، سيأتى يوم ويقدره ويمنحه حقه.
عاش حسن أبوعتمان وهو يشعر بالقهر الشديد وذلك من بابين.
الباب الأول أنه كتب أغنيات كثيرة وطنية ودينية ولمطربين آخرين، لكن لا يتذكر له أحد شيئا من ذلك، يتعاملون معه فقط على أنه شاعر عدوية فقط.
والباب الثانى أنه وبعد أن ارتضى أن يكون شاعر عدوية، لم يجد الأغنيات تنسب له، كما يحدث مع الشعراء الآخرين الذين تنسب لهم أغنياتهم، كان حضور عدوية حاجبا للآخرين، فلم يجد أى شاعر أو ملحن مساحة إلى جواره ليقف فيها.
لا أعرف أين كانت تقف أغنية المراسى التى كتبها حسن أبوعتمان وغناها عدوية من حياته، لكننى أعتقد أنها تمثل الجانب الأكبر منها، أو على الأقل كان يتحدث فيها عن نفسه، ويصف حياته، ولم يكن هذا غريبا عليه، فالشاعر الذى كتب لأولاده ليس بعيدا أن يكتب لنفسه.
يقول حسن أبوعتمان فى المراسى: وجينا نبعد قالوا لنا نقعد وجينا نقعدوا شدوا الكراسى ده زى ما يكون فرح وجينا من غير ما صاحبه يكون داعينا.
غالبا لم تخرج حياة أحد صناع أحمد عدوية عن هذا المعنى، ولذلك كم كان صادقا فى مشهد حياته الأخير.
كان مريضا فى مستشفى الهرم يعانى من آلام الشعب الهوائية، نظر إلى ابنه محمد الذى كان يرافقه وقتها، وقال: مكنش العشم يا دنيا أشوف الذل بعنيا، ولما عاتبه ابنه على ما قاله، وطلب منه أن يخفف عن نفسه هذا الإحساس، وأن ينام قليلا ليرتاح، وجده يردد ما يمكننا اعتباره آخر أشعاره: أنام أنا إزاى أنام وفين أهرب من الأيام ده أنا لو يوم غلبنى النوم بأكون آخر عيون بتنام.
لم يمت حسن أبوعتمان وهو مرتاح، تقول سيرته ذلك.. وأغلب الظن أنه مات كذلك لأنه لم يحصل على حقه كاملا.. لأن هناك من كان يحصد كل شىء.. المال والشهرة والأضواء.. كان هناك عدوية.