رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علشان الشوك اللى فى «الوفد»!


المهندس حسام الخولي، نائب رئيس حزب الوفد، أعلن أمس، أنه ترك «الوفد» دون أزمات.. وأنه سيكون أمينًا عامًا لـ«مستقبل وطن». وفي اليوم نفسه قال الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد السابق، إنه تقدم باستقالته من المجلس الاستشاري للحزب. وطبيعي أن تتراقص أمامك عشرات الأسئلة حين تعرف أن الكواليس شهدت ما هو أكثر، بالتزامن مع تعيين «العميد» محمد سمير «المتحدث العسكري» السابق، مساعدًا لرئيس الحزب كده (خبط لزق) بمجرد توقيعه على استمارة العضوية!.

الخولي، بعد ٣٤ سنة قضاها في «الوفد»، وبعد منافسته على رئاسة الحزب في الانتخابات التي جرت نهاية مارس الماضي، قال لـ«الدستور»، لزميلتنا سعيدة عامر، إنه تقدم باستقالته رفضًا للقرارات الفردية وغياب الشفافية وحجب المعلومات الخاصة بالحزب عن أعضاء الهيئة العليا أنفسهم. وأشار إلى أنه وقع استمارة عضوية لحزب مستقبل وطن، ليتولى منصب الأمين العام للحزب، وذلك رغبة منه في مواصلة العمل السياسي، بحزب يُدار بطريقة حديثة ليتمكن من تطبيق رؤيته للتطوير. بينما قال «البدوي» في تصريحات صحفية إنه سيحتفظ بأسباب الاستقالة من المجلس الاستشاري لنفسه، وتمنّى التوفيق للجميع في إدارة الحزب!.

محمد سمير صار أحد ألغاز هذا الزمان.. كان المتحدث العسكري لقواتنا المسلحة، من ١ يوليو ٢٠١٤ إلى ١ يناير ٢٠١٧، وبعد أسبوعين من تركه الخدمة قال بيان صادر عن شركة «شيري ميديا»، المملوكة لرجل الإعلانات إيهاب طلعت، إن المذكور صار نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، وإنه تسلم رسميًا إدارة شبكة قنوات العاصمة، المملوكة لملك الأعشاب سعيد حساسين. وقال «سمير» إن «العاصمة» في ثوبها الجديد ستضم العديد من الكوادر الإعلامية المتميزة في مصر، كما سيحتل الشباب النصيب الأكبر في القناة. ولأن رمضان كريم، فسأكتفي بالإشارة إلى فشل التجربة (أو التجارب) ربما بسبب عشرات الموضوعات والأفكار التي تزاحمت في عقل الأستاذ «سمير» بمجرد أن شرع، منتصف فبراير ٢٠١٧، في اختيار موضوع مقاله الأول بجريدة «المصري اليوم»، وبعد شهر و«كام يوم»، أي في ٢ أبريل ٢٠١٧، انضم إلى جريدة اليوم السابع، وانطلق يكتب أشياء يصعب تصنيفها!.

لا علاقة لنا بما حدث خلال تلك الرحلة القصيرة، المليئة بالقفزات والرقصات والاشتباكات والتشابكات. ولا علاقة لنا كذلك، بالمشروعات التي دخل فيها المذكور أو خرج منها، أو الخلافات، أو الخيبات، أو المعارك، لأن «مصارين البطن بتتعارك».. ولا شأن لنا بحياته الشخصية حتى ولو جعلها هو نفسه مادة للأخذ والرد والقيل والقال و«اللغوصة»، بالضبط، كما لا يعنينا من غسل يديه قبل الأكل وبعده، أو غسل هدومه «ملابسه» دون تفريغ جيوبها، فغسل فلوسه أو فلوس واحد صاحبه. أما ما يعنينا فهو هذا الحزب، الذي كان عريقًا، قبل أن يصبح واحدًا من عشرات الأحزاب، التي ستحصل على جائزة برونزية لو استطعت أن تذكر أسماء خمسة منها، وعلى جائزة فضية لو ذكرت عشرة، ولن تحصل على الذهبية لو كانت ذاكرتك تحتفظ بأكثر من ذلك، لأنني وقتها سأموت من الفرحة أو من «الخضّة»!.

المعنى الحرفي للـ«أي كلام»، ستجده في «أول تصريح من المتحدث العسكري السابق بعد انضمامه لحزب الوفد». وما بين التنصيص عنوان نشره موقع «مصراوي»، وتحته نقل عن المذكور أن «حزب الوفد أعرق تجربة ديمقراطية في مصر، وأنه يفخر بالانضمام لحزب الأمة». وأكد «ضرورة أن تكون المعارضة هي معارضة وطنية وتكون جزءًا أصيلًا من الدولة المصرية، وتقوم على التشاور حول الأخطاء وتقديم الحلول والبدائل من أجل الأخذ بأيدي الدولة إلى الأمام». وقال إنه «معجب بالسيد رئيس الحزب بهاء أبوشقة فهو إنسان رائع لديه آمال وطموحات يرغب في تقديمها لصالح حزب الوفد». ومن بين كل هذا الـ«أي كلام»، لم تستوقفني غير «نكتة» خلطه بين «حزب الوفد» و«حزب الأمة»، ومنها لله مسلسلات الطرابيش، التي جعلت الجيل الجديد يطلق على الوفد «حزب الأمة» متجاهلًا وجود حزب بهذا الاسم أسسّه الحاج أحمد الصباحي، رحمه الله، الذي يمنعني «رمضان» من كتابة سطر إضافي عنه!.

نتعلق في رضا ربنا، وفي أي حزب له ثقل أو قيمة من بين الأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، مع أن منها ١٩ لها مقاعد بالبرلمان. والأكثر من ذلك، هو أنني عجزت عن معرفة العدد الفعلي لتلك الأحزاب!. دراسة عنوانها «خريطة الأحزاب السياسية الحالية» أصدرتها لجنة شئون الأحزاب، في ٢٨ سبتمبر ٢٠١١، ذكرت أن عدد الأحزاب الرسمية ٤٧، منها ٢٣ تم تأسيسها قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، و٢٤ بعدها. وبوابة معلومات مصر، التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقول إنها ٨٣ حزبًا.. وهي ٩٠ حزبًا في دراسة للدكتور أحمد أبوالحسن زرد، عنوانها «النظام السياسي المصري وتحولاته في خمس سنوات (٢٠١١- ٢٠١٦)»، نشرتها الهيئة العامة للاستعلامات. ثم قفز الرقم إلى ١٠٦ طبقًا لما نشرته جريدة «الأهرام»، في ٢١ يوليو ٢٠١٥، نقلًا عن «استطلاعات رأي أجرتها عدة مراكز بحثية ذات ثقة والتي أوضحت أن شعبية الأحزاب والقوى السياسية متدهورة وخارج الخدمة». وكان تفسير ٩٥٪ من المستطلعة آراؤهم هو أن «كل الأطر الفكرية للأحزاب المصرية الـ١٠٦ جامدة وبعيدة عن الواقع».

في كل تلك الأحزاب، عادي وطبيعي أن يحصل أي عابر سبيل، لا علاقة له بالحزب، أو بالسياسة إجمالًا، على أي موقع قيادي، من الرئيس ونائب ومساعد الرئيس و«انت نازل»، لكن الوضع مختلف في الأحزاب الحقيقية (أو التي كانت)، وعليه، كان على الأستاذ سمير أن يبتعد عن الشوك اللي في «الوفد»، ويستفيد من تجربة الأستاذ سعيد حساسين، شريكه في اللعب و«اللّغوصة»، الذي صار «على سهوة»، عضو المجلس الرئاسي لشيء اسمه «تيار الاستقلال» وصار أيضًا رئيس الهيئة البرلمانية لحزب اسمه «السلام الديمقراطي». ومر الموضوع في هدووووء، دون أن يبصق له أحدهم في الطبق، أو يسأله آخر عن العلاقة بين السياسة والقصب.. والعلاج بالأعشاب!.

نتعلق (أو بنتشعلق) في رضا ربنا، وفي أي حزب يمكن أن «تقوم له قُومة» من بين الأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، التي لا قيمة لها ولا وزن. وعلى غير «الوفد» لا يمكننا الرهان أو العشم، رغم خيبات الأمل التي ركبت الجمل، طوال سنوات.