رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مذكرات سلماوي


مذكرات سلماوى أصدرها فى كتاب ضخم بعنوان «يومًا أو بعض يوم». تلك التى شرح فيها بالتفصيل مرحلة فى حياته ربما يجهلها الكثير، والتى سرد فيها نشأته الأولى وأصوله العائلية وتربيته الراقية، وموقفه من ثورة يوليو ١٩٥٢، وهو موقف يثير الكثير من التساؤلات، إذا علمنا أن الثورة أممت ممتلكات والده، وتركت له ولإخوته القليل، فكان ينبغى أن يكون موقفه منها عدائيًا، ولكنه انحاز للناصرية ودافع عنها، وبسببها أدخلوه السجن فى مظاهرات الخبز فى يناير عام ١٩٧٧، كان هذا بسبب إصراره على إنشاء حزب ناصرى.
موقف سلماوى من الناصرية شرحه فى مذكراته بالتفصيل، ولم يقل كلمة نابية عن الثورة أو عبدالناصر كما كتب الكثيرون قبله ممن أضيروا من الثورة، أو حتى لم يضاروا بسبب الثورة أو ممن سماهم الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس، جرحى الثورة، لم يشعرنا سلماوى فى مذكراته أنه من ضحايا الثورة.
المذكرات تكشف النقاب عن كثير من الأشياء الجميلة التى ربما تشبع فضولى ككاتب من ناحية شغفى بالتفاصيل الدقيقة، مثل تلك التى تتعلق بالكاتب الكبير توفيق الحكيم، ولم أكن أعرف أن سلماوى كان شقيق زوجة ابن توفيق، الموسيقى الذى كتب عنه توفيق فى الأهرام أنه يشعر بالذنب لأنه تغافل عن ابنه، وتركه يشق طريقه، دون أن يرعاه جيدًا. وحكى عن زيارة السيدة جيهان السادات، كمعزية لأسرة توفيق الحكيم، وسرد سلماوى ما تحدثه تلك الزيارات لأسرة المتوفى، والتى بقدر ما تربكها، فإنها ترضيهم، وأشاد بإلمام سيدة مصر الأولى بتفاصيل ومواقف أسرة توفيق الحكيم، وقتها كان سلماوى ممنوعًا من الكتابة، فبشرته بأنه سيعود للكتابة فى الأهرام.
كما حكى عن لمسة وفاء وعرفان قامت بها السيدة هدى عبدالناصر مع سلماوى وزملائه الذين سجنوا بسبب ناصريتهم، عندما زارتهم فى السجن متنكرة فى هيئة سيدة قريبة لسلماوى مع زوجته، دون أن تعلن عن نفسها.
وقد تألمنا كثيرًا، وشعرنا بغصّة مع سلماوى، عندما تنكرت له مؤسسة الأهرام وهى المؤسسة العريقة التى يعمل بها، ورفضت أن تقدم للمحكمة ما يفيد وجوده بمقر الأهرام يوم القبض عليه، وادعاء أمن الدولة بأنه كان محمولًا على الأعناق ويدعو للتظاهر. وهو موقف وإن كان غير مبرر من صحيفة عريقة، إلا أن موقف نقابة الصحفيين ربما ساهم فى تخفيف آلامه بسبب الاعتقال.
الحقيقة كتاب سلماوى ثرى وغزير، ومكتوب بلغة أدبية راقية، وسرد لطيف، يجبرك على التهام الكتاب ولا تتركه لتستريح. تعاطفت مع سلماوى عندما حكى بأسى موقف الأهرام منه، ربما لمس ما عانيته من وزارة الداخلية يوم نشرت كتاب «يوميات ضابط فى الأرياف»، وتنكرها لى لدرجة أنهم بعد أن دعونى لمؤتمر تقيمه الوزارة تناقش فيه الملكية الفكرية فى الإبداع، تنكروا لى وأعطونى موعدًا لافتتاح المؤتمر مخالفًا لليوم المحدد حتى لا أحضره وأشياء أخرى أتعفف عن ذكرها تتعلق حتى بأولادى فى مسائل عملهم.
كنا نتمنى أن يكمل سلماوى تاريخه الحافل بعد أن أنهاه عند خروجه من السجن عام ١٩٧٧.
أشياء كثيرة كنا نتمنى أن يكشف النقاب عنها، ومنها صراحة موقفه مع المعارضة فى اتحاد الكتاب، والحقد غير المبرر الذى رآه من البعض، وموقفه من ثورة يناير ٢٠١١، ولجنة كتابة الدستور التى رأسها السياسى عمرو موسى. وأشياء كثيرة ننتظرها فى كتابه القادم بإذن الله.