رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أم كلثوم لن يخفى دورها نقاب


إذا كان البعض قد حاول أن يخفى معالم وجه أم كلثوم فى غفلة من أهالى المنصورة بوضع نقاب على وجهها وتغطيت التمثال الذى تم وضعه فى ميدان بالمنصورة تخليدا لذكراها، فإن هذه جريمة ندينها، ونقول لهم: لن يستطيع أحد أن يطمس تاريخ أم كلثوم.

إنها أعظم فنانة فى تاريخ الوطن العربى، فهى سيدة الغناء العربى فى كل زمان ومكان، وقمة من قمم الفن المصرى وامرأة شاركت فى خدمة قضايا وطنها، وقامت بدور وطنى فى القضايا القومية الكبرى، وهو شيء يجعل اسمها محفورا فى وجدان المصريين حتى لو حاول البعض إخفاء وجهها، إن أم كلثوم كما نعرفها كجيل عاصر أحداثا كبرى وتغيرات جذرية فى مصر نشأنا على سماع صوتها يتغنى بأحداث الوطن، ويصحب كل المحبين إلى عالم رفيع المكانة فى دنيا الخيال والإلهام والنقاء، هى أيضا تحولت إلى قدوة لغيرها من أهل الفن بل لغيرها من النساء العربيات، فلن تنسى مصر عشقها لها ولأهلها حين هبت بعد نكسة يونيو عام 1967 لتتقدم الصفوف فى حملة قومية لجمع التبرعات من أجل المجهود الحربى لاسترداد الأرض المحتلة وإعلاء الكرامة العربية، فأقامت الحفلات فى أنحاء الوطن العربى لتقدم ملايين الجنيهات كمساهمة فعلية للقوات المسلحة ومساندة المجهود الحربى، وفى عام 1943 قامت بتأسيس نقابة للموسيقيين فى القاهرة حيث تم انتخابها عدة مرات نقيبا للموسيقيين بالقاهرة.

فى حياة الملك فاروق لقبت بصاحبة العصمة، ثم بفنانة الشعب فى عام 1972، أم كلثوم كما نعرفها هى قصة كفاح وموهبة استثنائية لا يجود الزمان بمثلها للأوطان إلا قليلا، فهى الفلاحة المصرية البسيطة التى وعت دورها فى خدمة قضايا وطنها، ولدت فى قرية طماى الزهايرة بمحافظة الدقهلية فى عام 1898، وخلال مسيرة حياتها الثرية يذكر لها أن حفلها فى الخميس الأول من كل شهر كان من الطقوس المهيبة فى مصر والعالم العربى، حيث يلتف الناس حول أجهزة الراديو ليستمعوا إليها، وعن ذلك قال صحفى أمريكى شهير فى مجلة «لايف الأمريكية» فى الساعة العاشرة ليلة الخميس الأول من كل شهر يحدث شىء غريب فى الشرق الأوسط، إذ تهدأ الأصوات فى شوارع القاهرة فجأة، وفى الدار البيضاء يكف الشيوخ عن لعب الطاولة فى المقاهى، وفى بغداد تتوقف مظاهر الحياة فى الشوارع، وفى الصحراء يأوى الأعراب إلى خيامهم ينتظرون، فالجميع ينتظر صوت أم كلثوم الذى ينبعث من راديو القاهرة»، كما نالت أرقى صور التقدير فى حياتها فى عدد من الدول العربية، كما حصلت على العديد من الأوسمة مثل قلادة النيل ووسام الأرز اللبنانى وغيرهما، ويوم وفاتها فى فبراير من عام 1975، نعاها إلى الوطن العربى د. عبدالعزيز حجازى رئيس وزراء مصر حينذاك، وشيعتها مصر فى جنازة مهيبة لا تنسى.

إن أم كلثوم كما نعرفها وكما احترمناها وأحببناها، وما زلنا نتغنى بأغانيها رفيعة المستوى ويرددها كل المصريون وهم منصتون فى احترام، إنها موهبة عبقرية فذة فى تاريخ الغناء فى جميع أنحاء العالم، ومصرية وطنية نفخر بأنها عاشت بينناعلى أرض هذا الوطن العزيز، ومهما حاول البعض أن يشوه وجهها فإنه لن يستطيع أن يخفيه لأنه محفور فى وجدان المصريين، وفى تاريخ هذا البلد، وأطالب بمعاقبة من قاموا بهذا وكل من يتطاول على رموز الفن المصرى الرفيع