رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تضحيات رجال اليوزباشي رفعت وثورة يناير


أمس احتفلت مصر بذكرى «عيد الشرطة» و«ثورة 25 يناير»، ومما لاشك فيه أن ثورة 25 يناير 2011 نجحت فى تغيير مفاهيم عديدة فى مصر لتصبح نموذجًا أشاد به العالم، ومع ثورة يناير حاول البعض إهالة التراب على ذكرى «عيد الشرطة» رغم أن عيد الشرطة يمثل ذكرى واقعة عظيمة فى تاريخ مصر.. وفى مقالى هذا أذكركم – وأذكر نفسى – ببسالة رجال الشرطة المصرية فى مواجهة المحتل البريطانى.



كانت منطقة القناة تقع تحت سيطرة القوات البريطانية بموجب اتفاقية 1936، وكانت «الجماعات الوطنية المصرية» تنظم عمليات فدائية ضد الاستعمار البريطانى داخل منطقة القناة، مكبدة إياها خسائر بشرية ومادية كبيرة بمساعدة قوات الشرطة المصرية.

ووصلت للحكومة البريطانية معلومات مؤكدة بأن رجال الشرطة يساعدون الفدائيين، وحينها قررت بريطانيا إجلاء جميع أفراد الشرطة المصرية من منطقة القناة، على أن يكون ذلك فجر يوم 25 يناير 1952، وفوجئ رجال الشرطة بعد وصولهم إلى مقر عملهم فى مبنى محافظة الإسماعيلية، بقائد قوات الاحتلال البريطانى فى المدينة «إكسهام» يطالب «اليوزباشى مصطفى رفعت»، قائد بلوكات النظام المتواجدة بمبنى محافظة الإسماعيلية، بإخلاء مبنى المحافظة خلال 5 دقائق، وترك أسلحتهم بداخل المبنى، وفى حالة عدم استجابتهم لهذه التعليمات سيقتحمون المبنى بالقوة. وفى قرار تاريخى رفض «اليوزباشى مصطفى رفعت» الانسحاب وترك مبنى المحافظة.. ودخل فى معركة حقيقية مع قوات الاحتلال، وكان اللافت للنظر أن عدد قوات الشرطة المصرية نحو 800 نصفهم مسلح بالعصىّ فقط فى مواجهة 2000 من البريطانيين يحملون أحدث الأسلحة وعشرات من الدبابات.. وتواصلت المواجهات وبدأت الذخيرة فى النفاد من رجال الشرطة المصرية، ولكنهم رفضوا حتى مجرد طرح فكرة الاستسلام، فقرأوا جميعًا فاتحة كتاب الله والشهادتين، بمن فيهم الضابط القبطى «اليوزباشى عبدالمسيح مرقص» فى موقف يدلل على وحدة وتماسك الشعب المصرى. وخلال المواجهات قرر «اليوزباشى مصطفى رفعت» الخروج من المبنى لقتل قائد قوات الاحتلال «إكسهام» فى محاولة لفك الحصار عن مبنى محافظة الإسماعيلية، وعند خروجه من مبنى المحافظة وجد ضابطًا آخر أعلى رتبة من «إكسهام»، ولحظة أن شاهد هذا الضابط «اليوزباشى مصطفى رفعت»، أدى له التحية العسكرية، فما كان من اليوزباشى رفعت إلا أن بادله التحية، وكان هذا الضابط هو الجنرال ماتيوس، قائد قوات الاحتلال البريطانى فى منطقة القناة.

وفتح «الجنرال ماتيوس» حوارًا مع اليوزباشى «مصطفى رفعت»، وأشاد فى جرأة يحسد عليه بأداء القوات المصرية فى مواجهة القوات البريطانية رغم ضعف إمكانيات الأسلحة التى يحملونها، وطلب من «اليوزباشى رفعت» وقف المواجهات، ووافق اليوزباشى مصطفى رفعت على ذلك مع اشتراطه نقل المصابين وأن يخرج رجال الشرطة المصرية من المبنى بشكل عسكرى يليق بهم مع تركهم أسلحتهم داخل المبنى، فما كان من الجنرال ماتيوس إلا أن وافق على هذه الشروط.

ونجم عن المعركة التاريخية البارزة فى تاريخ مصر استشهاد نحو 50 من رجال الشرطة وإصابة 80 آخرين.