رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما لا تعرفه عن الكنيسة البطرسية.. أسستها عائلة بطرس غالي قبل 105 أعوام.. الخديوي عباس حضر افتتاحها.. وتحوي زخارف وتماثيل نادرة.. تحولت إلى حطام في "انفجار الأحد"

جريدة الدستور

آثار دماء، أشلاء جثث، زجاج متطاير هنا وهناك، وتدمير شامل لأماكن الجلوس للمصلين داخل القاعة، جميعها مشاهد مروعة تحولت معها واحدة من أقدم الكنائس المصرية ذات الطابع الأثري إلي قطعة من الخراب في غضون دقائق معدودة مع الساعات الأولي من صباح اليوم الأحد.

كان كل شئ يسير كما هو معتاد في مثل هذا اليوم من كل أسبوع، الساعه تشير الي العاشرة صباحًا يتوافد العشرات علي الكنيسة البطرسية المتاخمة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مع تعالي دقات الجرس التاريخي المثبت أعلي أبواب الدخول إيذانًا بموعد بداية القداس الأسبوعي.

لكنها بضع لحظات كانت تفصلهم بين الحياة والموت، بعد أن هز انفجار شديد أرجاء محيط الكنيسة بالكامل، محدثًا آثار هائلة للدمار الذى لحق بالجدران الخاصة بالمبنى بعد انفجار القنبلة بداخله، ما أسفر عن مقتل 25 وإصابة 49 آخرين.

خسائر الحادث لم تقتصر فقط علي ضحاياه من القتلي والمصابين بقدر ما ألمَّ بواحده من أشهر الكنائس التاريخية من دمار في مكوناتها من غرف وأثاثات ومحتويات نادرة تعود إلي عقود مضت، وذلك لأهمية هذه الكنيسة من الناحية الفنية والتاريخية.

وتعد الكنيسة البطرسية أشهر كنيسة كُرِّسَت على اسم الرسولين "بطرس" و"بولس" وتقع هذه الكنيسة في شارع رمسيس بالعباسية.

وتولت عائلة "بطرس غالي باشا"، بناءها، فوق ضريحه عام 1911 على نفقتها الخاصة، تخليداً لذكراه، ويوجد أسفل الكنيسة المدفن الخاص بالعائلة، كما يرقد جثمان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، الذى وافته المنية فى فبراير الماضى.

بُنيت الكنيسة البطرسية على الطراز "البازيليكى" ويبلغ ارتفاعها 28 متراً وعرضها 17 متراً، ويتوسطها صحن الكنيسة والذي يفصل بينه وبين الممرات الجانبية صف من الأعمدة الرخامية في كل جانب.

تولى تصميم المبانى والزخارف مهندس السرايات الخديوية "أنطون لاشك بك ".

ويعلو صف الأعمدة مجموعة من الصور رسمها الرسام الإيطالي " بريمو بابتشيرولى" وقد أمضى خمس سنوات في تزيين الكنيسة بهذه اللوحات الجميلة والتي تمثل فترات من حياة السيد المسيح والرسل والقديسين.

وتضم الكنيسة العديد من لوحات الفسيفساء التي قام بصناعتها " الكافاليري انجيلو جيانيزى" من فينسيا مثل فسيفساء التعميد، والتي تمثل السيد المسيح، ويوحنا المعمدان في نهر الأردن، ويوجد أمامها حوض من الرخام يقف على أربعة عمدان، كما توجد صورة بالفسيفساء في قبة الهيكل تمثال للسيد المسيح العرش وعلى يمينه السيدة العذراء وعن اليسار "مارمرقس الرسول".

وقام البابا كيرلس الخامس، بتكريس وافتتاح الكنيسة فى حفل حضره مندوب الخديوى عباس حلمى وكبار رجال الدولة والطائفة.

وفى عام 1922، قام نظار الوقف بشراء الأراضى الموجودة حول الكنيسة بشارع رمسيس، لضمان عدم إقامة عقارات قرب الكنيسة وتشويه منظرها.

وفى عام 1960 قام المهندس واصف بطرس غالى، بتصميم امتداد جديد للكنيسة، شمل إلغاء الثلاثة مداخل المطلّة على شارع رمسيس، واستبدالها بباب واحد يفتح على صحن سماوى محاط بثلاثة أروقة.

بها مقر جمعية الآثار القبطية، وقاعة السيدة صفا التذكارية، نسبة لزوجة بطرس باشا غالى، والمتحف الذى يحتوى على مقتنياته.

اما العائلة البطرسية، فهي عائلة مصرية قبطية سطر أبناؤها العديد من صفحات تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وشاركوا في صنع العديد من الأحداث الفاصلة في تاريخ مصر منذ الثورة العرابية، مرورا بتوقيع إتفاقية السودان، وثورة 1919 ، وإتفاقية 1936 ، ووصولاً إلي توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ومباحثات كامب ديفيد، ووصول واحد من أبنائها إلي منصب الأمين العام للأمم المتحدة كأول مصري وعربي يصل إلي تلك المكانة المرموقة.