رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وضع الأرض عام 2030 كما تراه المخابرات الأمريكية


أصدر مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي (ناشونال أنتليجنس كنسيل) تقريرًا عن توقعاته بالنسبة لوضع الأرض فى عام 2030 تناول فيه بصفة خاصة تأثير العوامل السكانية والمناخية والغذائية على مستقبل الإنسانية، مشيرًا إلى أن تزايد عدد سكان العالم سيؤدي إلى مشكلات غذائية خطيرة.

ويقوم هذا المجلس الاستخباراتي بدور التحليل واستكشاف آفاق المستقبل وصياغة فكر استراتيجي على المستوى الطويل، لتستفيد منه أجهزة المخابرات الأمريكية وصناع القرار في التعامل مع الواقع وما ينطوي عليه من تغييرات محتملة.

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تحليل نشرته اليوم في موقعها على الإنترنت أن التقرير قارن بين عام 2030 والأعوام الحاسمة في التاريخ المعاصر مثل عام 1815 الذي شهد نهاية إمبراطورية نابليون، وعام 1919 الذي شهد نهاية الحرب العالمية الأولى، وعام 1945 الذي شهد نهاية الحرب العالمية الثانية وعام 1989 الذي شهد سقوط سور برلين ونهاية المواجهة بين الشرق والغرب.

وأوضح التقرير أن طريق المستقبل لا يكون واضحًا تمام الوضوح في مثل هذه الأعوام الحاسمة حيث يواجه العالم عدة خيارات، وكذلك الحال بالنسبة للأعوام القادمة.

وأشار تقرير مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي إلى عامل بالغ الأهمية بين العوامل التي ستؤثر على مستقبل الإنسانية وهو العامل السكاني، حيث أن عدد سكان العالم سيصل في عام 2030 إلى 8.3 مليار نسمة مقابل 7.1 مليار نسمة في عام 2012 ، كما أن عدد كبار السن سوف يزداد كثيرًا، بالاضافة إلى تزايد عدد سكان المدن.

وكانت دراسة دولية نشرت في سبتمبر الماضي قد توقعت أن يصل عدد سكان المدن في العالم إلى حوالي خمسة مليارات نسمة في عام 2030. وكان عدد سكان المدن في العالم لا يزيد على 750 مليون نسمة في عام 1950 عندما كان مجموع سكان العالم لا يتجاوز 5.2 مليار نسمة.

والواقع أن وجود 60  بالمائة من سكان العالم في المدن وهو أمر متوقع عام 2030 لا بد أن يؤثر على البيئة.

وقد أشار تقرير مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي في هذا السياق إلى أن ازدياد عدد سكان الحضر أدى عبر التاريخ إلى انحسار مساحة الغابات وإلى تغيير سلبي في محتوى الغذاء وفي التكوين الميكروبي للتربة وإلى تغييرات في تنوع النباتات والحيوانات العليا وانقراض عدد منها بالإضافة إلى تغييرات في توفر المياه العذبة.

وأفادت بعض الدراسات أن هذه التغييرات رصدت على مسافات تتجاوز في بعض الأحيان 100 كيلومتر من أقرب مركز حضري.

وهناك إلى جانب التحدي السكاني تحدي المناخ وتحدي الغذاء وهى عوامل تتفاعل فيما بينها حيث أن استقراء الاتجاهات الحالية في مجال استهلاك الغذاء يؤدى الى نتائج تنطوى على مؤشرات تنذر بالخطر.

ومن المتوقع أن يزيد الطلب العالمى على الغذاء بنسبة تزيد على 35 فى المائة فى عام 2030 وذلك بسبب النمو السكانى وتغيير نمط الغذاء فى الدول الصاعدة فى الوقت الذى لن يزيد فيه حجم الحاصلات الزراعية رغم تحسنها بنفس المعدل.

وأشار تقرير مجلس الاستخبارات القومى الامريكى فى هذا الصدد الى أن العالم استهلك فى السنوات السبع الماضية كميات من الغذاء أكبر من الكميات التى أنتجها.

ومن ناحية أخرى أشارت دراسة دولية الى أن الاحتياجات السنوية من المياه فى العالم عام 2030 ستصل الى 6900 مليار متر مكعب وذلك بزيادة بنسبة 40 فى المائة عن الموارد الدائمة الحالية للمياه.

وفى هذا السياق أوضح تقرير مجلس الاستخبارات القومى الامريكى أن حوالى نصف سكان العالم سيعيشون بعد أقل من 20 عاما فى مناطق تتعرض لضغوط وضائقة مائية كبيرة، مشيرا بصورة جلية الى مسألة حروب المياه التى يمكن أن تشتعل بسبب نقص الماء.

كما أن تغير المناخ يمكن أن يزيد من حدة التوتر بسبب النقص فى مجالى المياه والغذاء. ورغم فشل مفاوضات الدوحة حول الحد من انبعاث الغازات التى تزيد من ارتفاع درجات الحرارة فى العالم وذلك بسبب عدم التزام الولايات المتحدة بمكافحة ظاهرة تغير المناخ فان بعض المسئولين الامريكيين يعربون عن مخاوفهم من انعكاسات تغير المناخ وهو أمر قد يدعو الى السخرية.

وأشارت صحيفة لوموند الى قوة تأثير المتشككين فى تغير ظاهرة المناخ بتأثير أفعال الانسان فى الولايات المتحدة حيث أن عددا منهم أعضاء فى مجلسى النواب والشيوخ الا أنه بمجرد ظهور أمور جادة ومخاطر قد تتعرض لها الولايات المتحدة فان أحدا فى الدوائر الامريكية العليا لا يمكنه أن يتشكك فى حقيقة تغير المناخ.

ورغم أن تقرير مجلس الاستخبارات القومى رفض التركيز كثيرا على نتائج النماذج المناخية وذلك بسبب تشكيك غالبية الامريكيين فى ظاهرة تغير المناخ بتأثير انسانى فان الذين وضعوا التقرير اضطروا للاعتراف بأن الارض تتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بمعدل قد يصل الى درجتين فى منتصف القرن الحادى والعشرين.

واذا استمر انبعاث الغازات بمعدله الحالى فانه من المرجح أن ترتفع حرارة الارض بمقدار ست درجات فى نهاية القرن الحالى بدلا من ثلاث درجات وهو أمر سيكون له انعكاسات هامة.

ولا شك أن هذا التطور المحتمل لا يبشر بخير بالنسبة لمسألة الامن الغذائى لأن تغير المناخ يؤثر بصورة سلبية على الصناعات الغذائية بالاضافة الى تزايد عدد السكان وتغيير نمط غذاء سكان الدول الصاعدة الذين يستهلكون كميات أكبر من اللحوم التى يكلف انتاجها الكثير من المياه والحبوب الغذائية.كما أن التوسع العمرانى للمدن الكبرى يشكل اعتداء على الاراضى الزراعية

بالاضافة الى الاستغلال الشديد للتربة الزراعية مما يؤدى الى تدهورها وبخاصة فى أفريقيا. ولهذا فانه لن يكون من المثير للدهشة أن يكون اللجوء الى النباتات المعدلة وراثيا من بين الحلول التى يمكن بحثها لمعالجة الازمات الغذائية المحتملة.