رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرح المصريون بوطنهم مصر


أمضى المصريون الفترة السابقة – منذ 24 أبريل وحتى الثانى من مايو – فى سلسلة من الأعياد المتواصلة وأيضاً اللقاءات السياسية المُثمرة، حتى إن العالم كله وجده نفسه أمام مشهد سياسى عجيب إذ إن الأنظار كلها اتجهت نحو «مصر» أرض الحُب والسلام والخير والبركات. وهكذا كانت وأصبحت وستظل مصر تحمل اسم «السلام» الحقيقى القائم على العدل وأيضاً على الحُب.

ففى 25 أبريل 1982 استعادت «مصر» أرض سيناء الحبيبة بعد سلسلة من المفاوضات كانت على أساس النصر المجيد الذى تحقق فى 6 أكتوبر 1973. وهكذا عن طريق «العبور» الذى تحقق، استطاع المصريون أن يستردوا أرضهم المُغتصبة. وكلمة “العبور” يقابلها فى العبرية كلمة «بصخة» وبالإنجليزية Passover، وهى الكلمة التى وردت فى سفر «الخروج» لموسى النبى فى العهد القديم بمناسبة خروج بنى إسرائيل من مصر وعبورهم البحر الأحمر. ولما جاءت المسيحية، فهمت العبور الذى تم فى أيام موسى النبى على أنه رمز، يشير إلى حقيقة أرفع وأعمق. فالعبور فى المسيحية هو تجاوز الإنسان لمرحلة، كى يدخل إلى مرحلة جديدة يكون فيها أكبر قدرة وأكثر فهماً وأنضج وعياً. فيها يكتسب قدرة وفهماً ووعياً. وهكذا قدمت الكنيسة القبطية الواعية لشعبها المعنى الحقيقى للعبور، فيبدأ الإنسان فى تفهم حاله الماضى ويتركه بضعفاته لينتقل إلى ما هو أسمى.

بالضبط هذا ما تحقق للمصريين بعد عبور السادس من أكتوبر 1973، فبدأ المصريون يستردون ما سُلب منهم فى غفلة من الزمن. فلماذا تطل علينا بعض الرءوس الشريرة وتحاول أن تمنع المصريين فرحتهم وبهجتهم بل وعبورهم الذى تحقق بدماء شهداء أبرار على أرض سيناء العزيزة؟ إنهم بلا شك مجموعة من الأشرار لم يفهموا المعنى الحقيقى للعبور الذى تم. لم يفهموا أن «مصر» حققت «بصخة» أو «عبوراً» يوم 6 أكتوبر وتكلل بفرحة 25 أبريل 1982. لم يدرك هؤلاء أننا أكملنا السعى بعد، لأن مازال أمامنا الكثير من الحواجز والخطوط، حاجزاً وراء آخر. وأنا أرى أن أشد الحواجز عنفاً التى تواجه شعبنا هى تلك العقلية الشريرة التى تفكر دائماً فى المؤامرة وتفكر فى السوء وتفكر فى الاستسلام لليأس!!

الكنيسة القبطية احتفلت يوم الأحد 24 أبريل بتذكار دخول السيد المسيح مدينة أورشليم كملك وديع ومتواضع ومُحب للخير والبشر، ثم ابتداءً من الإثنين 25 أبريل وحتى السبت 30 أبريل قدمت نموذجاً طيباً لمعنى «العبور» وأساليب استمراره. فالعبور الدائم يعنى الولادة الجديدة المستمرة. والتقدم يشير إلى المنهج الذى يتطلع إليه المصريون تحت لواء رئيس جمهورية مخلص بكل معانى الإخلاص. فهو الإنسان الذى لم يكن – فى يوم من الأيام – أى فرد له جميل عليه. من هنا فالرجل لا يعرف إلا الشخص الجاد فى عمله، والمخلص لوطنه، والمضحى من أجل ترابه. فلماذا الأفكار الشريرة التى يرددها البعض، وحملات التشكيك التى تنتهى دائماً بالفشل. إن مصر تحس هذه الأيام بدهشة الطفل وانبهاره بالحياة الجديدة التى انطلق إليها. إنها دعوة صادقة لحُب مصر من القلب، فلا ردة إلى الماضى الذى شاخ ومات ودُفن فى رمال الصحراء.

■ عضو المجمع العلمى المصرى