رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من معجزاته صلى الله عليه وسلم


تعددت معجزات الأنبياء والرسل، وتعددت ابتلاءاتهم من الله تعالى لسبب أو لآخر، بصورة أو بأخرى. وقد كانت معجزاته صلى الله عليه وسلم، من تلك المناسبة للعصر، عصر البلاغة، فكان القرآن الكريم أكبر التحديات لبلاغة العرب، ومن تلك المعجزات العظيمة كما جاء فى المصادر الموثوقة: ...

... 1- تسبيح الطعام: قال عبد الله بن مسعـود - وهو يتكلم عن المعجزات فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم :- «وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ».

2- ومن تلك المعجزات معرفته صلى الله عليه وسلم بلحم شاة أخذت بغير إذن أهلها: فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مَرُّوا بِامْرَأَةٍ فَذَبَحَتْ لَهُمْ شَاةً وَاتَّخَذَتْ لَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا اتَّخَذْنَا لَكُمْ طَعَامًا فَادْخُلُوا فَكُلُوا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانُوا لاَ يَبْدَءُونَ حَتَّى يَبْتَدِئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لُقْمَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُسِيغَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ :- هَذِهِ شَاةٌ ذُبِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ يَا رسول اللَّهِ إِنَّا لاَ نَحْتَشِمُ، مِنْ آلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَلاَ يَحْتَشِمُونَ مِنَّا، نَأْخُذُ مِنْهُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَّا.

3- ومن تلك المعجزات الكبيرة تكثير المال ببركته صلى الله عليه وآله وسلم: حيث كان على سَلْمَانَ الفارسى رضى الله عنه مال، فأعطاه النبى صلى الله عليه وآله وسلم قطعة من الذهب فاستقلّها سلمان وقال: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِنِ الَّذِى عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: خُذْهَا، فإن الله سيؤدى بها عنك، فَأَخَذْتُهَا فوزنت لهم منها - والذى نفس سلمان بيده - أربعين أوقية.

4- وهناك من المعجزات العظيمة حصول الضوء فى العصا لبعض أصحابه: فعَنْ أَنَسٍ بن مالك : أن عباد بن بشر وأُسيد بن حضير، خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى ليلة ظلماء حِنْدِس، فكان مع كل واحد منهما عصا فأضاءت عصا أحدهما كأشد شيء، فلما تفرقا أضاءت عصا كل واحد منهما ،حتى وصل إلى أهله.

5- ومن هذه المعجزات تلك الذاكرة الخارقة لأبى هريرة رضى الله عنه: إذ أن أبا هريرة رضى الله عنه كان يشتكى أنه ينسى كثيراً من أحاديث النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، قال ذات يوم، من يبسط رداءه حتى أقضى مقالتى ثم يقبضه فلن ينسى شيئاً سمعه منى. قال أبو هريرة: فبسطت بُرْدة كانت علىَّ، فوالذى بعثه بالحق ما نسيت شيئاً سمعته منه. وهذا الحديث من علامات النبوة؛ لأن أبا هريرة كان أحفظ الناس بعد ذلك للأحاديث النبوية فى عصره، وقد أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثاً. وقد قال الشافعى : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى دهره، قال أبو الزعيزعة كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبى هريرة فجعل يحدثه، وكان قد أجلسنى خلف السرير أكتب ما يحدث به -حتى إذا كان فى رأس الحول «أى بعد سنة تقريباً» أرسل إليه فسأله، وأمرنى أن أنظر «فيما يقول» فما غير حرفاً عن حرف.

6- ومن هذه المعجزات إسماعُ اللهِ الصحابة صوت النبى صلى الله عليه وآله وسلم وهم فى منازلهم :

قال عبد الرحمن بن معاذ التيمى رضى الله عنه: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، ففُتِحَت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن فى منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم.

7- استجابة الله عز وجل لدعائه صلى الله عليه وآله وسلم: ومن علامات تصديق الله لنبيه أن يجيب دعاءه إذا دعاه فى عظيم المطالب وما دونها، وقد كان هذا ظاهراً فى علاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بربه، فما كان يخيّب دعوته، وما كان الله ليستجيب دعاء من يدعى النبوة كذباً وزوراً، بل لقد أكرم الله أتباعه صلى الله عليه وآله وسلم بإجابة دعائهم، وإن كانت دعوات غيره منها ما يستجاب له ومنها مالا يستجاب له. وكرامات أتباعه شهادة من الله له بصدق رسالته، وإن كان فضل الله وكرمه يشمل جميع المضطرين من عباده كما قال تعالى: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ».لأن المضطر قد علم أن لا ملجأ له إلا إلى الله فيجيبه بعظيم كرمه، لكن ذلك لا يكون بصفة متكررة للكافرين ولابصفة دائمة للمؤمنين .

8- خاتم النبوة: ويلحق بالخوارق ما وجد من علامة على ظهره الشريف صلى الله عليه وآله وسلم تدل على نبوته، وقد كان أهل الكتاب يعلمون هذه العلامة، وذكر أحد علمائهم ذلك لسلمان الفارسى رضى الله عنه ليعرف بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولما ذهب سلمان إلى المدينة النبوية تحقق من ذلك فرأى الخاتم، ورأى الخاتم أيضاً جماعة من الصحابة. فعن السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ. وقد رأى خاتم النبوة.

9- ومن معجزاته : اهتزاز جبل أحد. يقول على بن أبى طالب: بعد غزوة أُحُد ابتعد كثير من المسلمين عن جبل أُحُد، لأنه استشهد فى سفحهِ وسهلهِ سبعون من خيار الصحابة، وذهب رسول الله فوقف يوماً على أُحُد وصلى على شهداء أُحُد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وفى رواية عمر وعلي. وبينما نحن على أُحُد إذ بأُحُد يهتز وإذا بالرسول يبتسم ويرفع قدمه الطاهرة ويضربها على الجبل ويقول: اثبت. لِماذا اهتز الجبل يا ترى ولِماذا ثبت بعد الضربة ؟. فالجبل حينما شعر أن قَدَم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم مسَّته، راح يرتجف من الطرب والطاعة لدعائه صلى الله عليه وسلم. والله الموفق.