رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يقول شكسبير «من يكرر نفس الأخطاء وينتظر نتائج أحسن فهو غبى لأن الأفعال الصحيحة تنتج نتائج صحيحة والعكس صحيح، فهل سنظل على حالنا هذه فتقع الحادثة ويكثر الكلام ويتحول الجميع إلى محللين سياسيين ومنظرين استراتيجيين ويضع الجميع الحلول...

السياحة بين مطارى شرم وبرج العرب


... ويتسابق الكل حول الغيبيات وما يجب أن يكون ومع ذلك يا ولداه تتكرر الأفعال ذات الأفعال الخاطئة القاصرة وكأنه لم يحدث شىء قبل ذلك وبالصورة نفسها، وبالطبع تكون النتيجة وخيمة وتتراكم النتائج السيئة فيكون الحال إلى أسوأ والأوضاع إلى أسخف، والغريب أننا دائماً ما نواجه هذه النتائج الناتجة لأفعالنا الخاطئة ولسلوكنا غير القويم بأن هناك مؤامرة على مصر.

ومن حيث البداية وعبر مسار التاريخ نعم هناك بالفعل سلوك المؤامرة سواء على المستوى الفردى أو على المستوى الدولى، ولاشك فإن المؤامرة كانت منذ أن كان الإنسان، فالقوى دائماً ما يحاول السيطرة على الضعيف بحجة إقناع الضعيف بأنه دائم الاحتياج إليه مع العلم أن القوى هذا هو دائماً يسعى للسيطرة على الضعيف وكل مقدراته خاصة تلك التى لا يجيد الضعيف استغلالها واستثمارها لنفسه ولصالحه، ولذا دائماً يحاول القوى السيطرة بهدف قدرته على الاستغلال والاستثمار الأمثل، ولذا ومنذ ظهور الظاهرة الاستعمارية فيما قبل الميلاد وحتى الآن يتم الوهم بأن الاستعمار يعنى التعمير وليس الاستغلال.

ولكن بالتأكيد فالمؤامرة لا يمكن أن تتم ويكتب لها النجاح إلا باختراق المجتمعات والأنظمة من خلال المشاكل المتفاقمة والقضايا الملحة والممارسات الخاطئة.. فالاعتراف بالمؤامرة لا ولن يلغى المسئولية المباشرة علينا والتى أعطت الفرصة لأصحاب المؤامرة بالاختراق وعدم إجادتنا لمواجهة المؤامرة بالنجاح، وعلى ذلك فهل حادثة خطف الطائرة من مطار برج العرب بالإسكندرية تدخل فى إطار أن هناك مؤامرة واستهدافاً ومحاصرة للوطن؟

نعم الاستهداف قائم والمحاصرة موجودة ولكن هذا سيتم تعليقاً واستغلالاً للحادثة ذاتها، وهنا نقول إن خطف الطائرة وإن كان الخاطف ليس إرهابياً ولا هو ينتمى لتنظيم إسلامى أو إلى حزب سياسى، فلا توجهات له غير أنه سوابق وغير متزن نفسياً فهو مطلق وله أربعة أبناء من مطلقة قبرصية ويريد أن يرى أولاده، أياً كانت الأسباب فهو لم يفجر نفسه ولا الطائرة ولا الركاب وعاد الجميع إلى الوطن بالسلامة، ولكن ليست هذه هى المشكلة الأساسية.

ولكن المشكلة هى أهم من ذلك بكثير، فمن الواجب والصحيح أن نضع الأمور فى إطارها الصحيح الذى يركز على أسباب الحادثة وليس على نتائجها القدرية، فالراكب هنا تم تفتيشه فى برج العرب بالطرق الصحيحة كما قيل، ولكن قد أعلن فى الطائرة بأن لديه حزاماً ناسفاً سينسف به الطائرة لو لم تجاب طلباته، نعم تعامل طاقم الطائرة على هذا الأساس ولم يستطع أحد أن يكتشف أن الحزام لعبة وليس ناسفاً، ولكن ماذا لو كان ناسفاً ولو كان الراكب إرهابياً بل انتحارياً أى كان هدفه نسف نفسه والطائرة والركاب دون طلبات؟

هنا السؤال كيف مر الراكب بهذا الحزام؟ وإذا قيل إنه قال إن هذا حزام طبى أليس من الواجب أن يتم الكشف عن هذا الحزام الطبى خاصة عند التفتيش الذاتى الذى يتم من تمرير الأيدى على مجمل جسم الراكب؟ هنا وبلا مواربة أو تجميل أو نفاق باسم الوطن والوطنية،فهناك تقصير أمنى بلاشك فى هذا وكفى تدليساً، حيث إن هذا لا ولن يفيد الوطن ولا النظام ولا أحد على الإطلاق.

كما أن هذه الحادثة المؤسفة والمخجلة فى الوقت نفسه تمت نتيجة لإهمال أمنى ما فى مطار برج العرب.

وأيضا حادثة تفجير الطائرة الروسية تمت نتيجة اختراق أمنى فى مطار شرم الشيخ، ألا يعنى هذا أن هناك تهاوناً شديداً وتقصيراً مريعاً فى جميع المطارات الإقليمية وكأنها قد أصبحت مواقف ميكروباص؟ وللأسف والنتيجة الحقيقية هى تلك التى سيدفعها الوطن والمواطن، حيث إن هذه الحادثة التى فى ظاهرة فردية وليست إرهابية ولكن لاشك فإن استغلالها سيكون بلا حدود خاصة ونحن فى أزمة حقيقية فى السياحة بعد حادثة الطائرة الروسية، فما بالك الآن وقد أعلنت وكالة السياحة الروسية أن هذه الحادثة ستؤثر بلاشك على عودة السياحة الروسية فما بالك بالسياحة بشكل عام خاصة على ضوء الأزمة الاقتصادية الخانقة والتى عبرت عنها الموازنة الجديدة التى ستطرح على البرلمان والتى سيصل فيها نسبة العجز إلى أكثر من ثلاثمائة مليار جنيه.

فالدوائر متصلة وليست منفصلة، فتقصير أمنى يمكن أن يؤدى إلى كوارث سياسية واقتصادية، فهل لنا أن نعيد صياغة كل الأشياء؟ هل لنا أن نتعامل مع الوطنية والانتماء بعيداً عن الشعارات الجوفاء والادعاءات الكاذبة والوطنية الزائفة وكفى انتماء للذات وللمصلحة الخاصة، كما أن نفاق السلطة لأجل المصلحة الشخصية هو خطر على الجميع وبه وعن طريقه تضيع كل الأشياء وبالتالى المصلحة الخاصة، ولن يفسد المؤامرة ويبطل المحاصرة غير العمل والإنتاج والعدل والقضاء على الفساد والحفاظ على الحرية وحتى تصبح مصر بحق وبالفعل لكل المصريين.