صحف عالمية عن القرار الروسي المفاجئ بالانسحاب من سوريا: "بوتين لعب بورقة الحرب وورقة التهدئة بالتداول.. وأثبت أنه سيد اللعبة"
6 أشهر، هي عمر التدخل الروسي في سوريا، الذي بدأ في 30 سبتمبر 2015، معلنًا دعمه الكامل للجيش السوري، ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، في مواجه تيارات المعارضة في دمشق، قبل أن تسدل موسكو، الستار على هذا التدخل، وتعلن سحب قواتها بشكل جزئي، وهو ما شكل مفاجأة للجميع.
وبدأت روسيا، سحب معداتها العسكرية، بعد ساعات على إعلان بوتين سحب القسم الأكبر من القوات الروسية من هذا البلد.
وقالت الوزارة في بيان، إن «تقنيين بدأوا بتحضير الطائرات لرحلات طويلة المدى إلى قواعدها في روسيا»، مضيفة أن القوات العسكرية تقوم بتحميل معدات وتجهيزات على متن هذه الطائرات.
القرار الروسي، جاء في اليوم الأول من انطلاق المحادثات غير المباشرة في جنيف، حيث التقى الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا كبير مفاوضي وفد الحكومة السورية بشار الجعفري.
وعلقت الصحف العالمية على القرار في افتتاحياتها صباح اليوم، الثلاثاء، واصفة إياه بالمفاجأة غير المتوقعة، مؤكدة أنه مناورة روسية من أجل تعزيز الأكراد.
"المفاجأة لم تأت من جنيف بل من موسكو":
وجاءت افتتاحية صحيفة "لي زيكو" الفرنسية، تحت عنوان: "المفاجأة لم تأت من جنيف بل من موسكو"، ونقلت فيها تصريحات الخبير بالشأن الروسي "تيم آش"، التي قال فيها: "الرئيس بوتين أراد إفهامنا أنه يسيطر على الوضع، وأنه قادر على جر النظام إلى طاولة المفاوضات".
أما عن العلاقة مع واشنطن فقد رأت "لي زيكو"، أن الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة لم تمنعهما من تقاسم المهام فيما بينهما على أساس تكريس موسكو لسوريا وواشنطن للعراق.
"بوتين لعب بورقة الحرب وورقة التهدئة بالتداول":
وأشارت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، إلى أن بوتين لعب بورقة الحرب وورقة التهدئة مداولة، وأثبت أنه سيد اللعبة في سوريا بنسبة أكبر من واشنطن.
"مناورة روسية من أجل فرض مجموعة حميميم على الحكومة":
أما صحيفة "لوفيغارو" تساءلت ما إذا كان إعلان الانسحاب الجزئي يشكل انقلابًا حقيقيًا في الموقف الروسي أم أنه مجرد انسحاب تكتيكي؟.
وأفردت الصحيفة الفرنسية، مقال الكاتب "جورج مالبرونو"، الذي رأى نقلًا عن بعض المصادر كما قال، إنها مناورة روسية من أجل تمكين مفاوضات جنيف من الإتيان بثمارها، وأن موسكو تسعى من خلال إعلانها هذا إلى تعزيز الأكراد ومعارضة الداخل من أجل تكوين هيكلية حكومية انتقالية هي أصلًا مُدرجة على جدول أعمال محادثات جنيف.
"هؤلاء المعارضين لم يحملوا السلاح إنهم ما بات يعرف بمجموعة حميميم"، يضيف "مالبرونو" في إشارة منه إلى مركز القاعدة الجوية الروسية المجاورة للاذقية.
"موسكو تدعم موقعها في المفاوضات حول مستقبل سوريا":
ويتابع مالبرونو: "موسكو تسعى إلى تدعيم موقعها في المفاوضات حول مستقبل سوريا، حتى لو لم يحقق بوتين، خلافا لما يزعمه، مجمل أهداف تدخله العسكري في سوريا و منها إقفال الحدود مع تركيا".
"تجميد النزاع":
واعتبر الكاتب "رينو جيرار" في صفحة الرأي، بـ"لوفيغارو"، أن اتفاقًا حول مصير الأسد وإقرار انتخابات شفافة يبدو بعيد المنال في جنيف، إلا أن التهدئة بإمكانها أن تستمر بسبب الإنهاك الذي أصاب جميع الفرقاء، أما الحل الفدرالي الذي اقترحته موسكو فهو قد يسهم بتجميد النزاع ولا حل سواه حاليًا لكنه على الأقل لا يؤجج نيران الحرب".
"الإعاقات الجسدية جراء الحرب المدمرة":
أما صحيفة "الديلي تليغراف" البريطانية، نشرت موضوعًا تحت عنوان: "روسيا تقرر سحب قواتها من سوريا".
قالت فيه: "القرار شكل مفاجأة للولايات المتحدة، والغرب خاصة أنه جاء في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات بين ممثلي نظام الأسد ووفد المعارضة المعترف بها من الغرب في جنيف".
وأكدت أن القرار في حال تنفيذه سيكون علامة واضحة، على رغبة روسيا في وضع حد للصراع في سوريا والذي تسبب في قتل أكثر من 300 ألف شخص وشرد الملايين.
وأشارت الجريدة في نفس الوقت، إلى أن تحذيرات عدد من المحللين السياسيين، الذين قالوا إن قرار روسيا لن يشكل أي تغيير على الساحة السورية، إذا لم توقف موسكو غاراتها الجوية على فصائل المعارضة.
وتابعت، الحكومة الروسية تؤكد أنها حققت أهدافها بمحاربة الإرهاب في سوريا، رغم أن تنظيم الدولة الإسلامية لازال يسيطر على ثلث مساحة البلاد، بالإضافة إلى مساحات كبيرة من الأراضي المتصلة في العراق.
وأوضحت أن الرئيسين الروسي والأمريكي تواصلا هاتفيًا مساء أمس؛ لمناقشة القرار الروسي كما تحدثا عن الخطوة التالية التي يجب اتخاذها لحل الأزمة في سوريا، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصر خلال المكالمة على ضرورة وجود فترة انتقال سياسي.
ونقلت الجريدة عن وزير الخارجية الألماني، فرانك ولتر شتاينماير، تأكيده أن القرار الروسي يشكل ضغطًا قويًا على نظام الأسد لخوض المفاوضات في جنيف بشكل أكثر جدية.