رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام مضى.. وعام جديد « 2»


أود فى هذا المقال استكمال ما بدأته فى المقال السابق عن المشاهد التى تصدرت العام الماضى، وعما نحلم ونأمل بتحقيقه فى العام الجديد. دعونى أبدأ مقالى بمشهد فى آخر عام 2015، وهو سجن إسلام البحيرى، الذى استخدم عقله، الذى أنعم الله به عليه، واستخدم تفكيره واجتهد فى تفسير بعض الأحاديث الدينية، وكان هذا التفكير والتفسير، مثل أى اجتهاد يحتمل الصواب أو الخطأ.تهمة إسلام بحيرى أنه اجتهد فى تجديد الخطاب الدينى، وفى مواجهة الفكر الظلامى المتطرف بفكر يدور فى إطار الفكر المتجدد المستنير. دعونى أذكركم بأنه عندنا دستور أجمع عليه الشعب المصرى فى بداية عام 2014 يحمل العديد من المبادئ فى باب الحقوق والحريات والواجبات العامة تكفل حرية الرأى والفكر والإبداع وعدم التمييز بين المواطنين.

فى المادة 53 «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس....أو لأى سبب آخر». وفى المادة 64 «حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون». المادة 65 «حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر». وفى المادة 67 «لا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى». المادة 71 «يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها....ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر والعلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد فيحدد عقوبتها القانون. وللمحكمة فى هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزائى للمضرور من الجريمة إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها، وذلك كله وفقاً للقانون».

لقد آن الأوان لثورة تثقيفية تعليمية تنويرية تعمل على نشر المنهج العلمى فى التفكير واستخدام العقل ونشر المعرفة وتنمية القدرات والمهارات وتنمية الانتماء، ثورة تثقيفية تعمل على إعادة منظومة القيم والأخلاق التى تردت عبر سنوات. هل يمكن ياسادة أن نسجن الفكر أو التفكير؟ إن الرد على الفكرة بالفكرة والرأى بالرأى الآخر. هل يمكن ياسادة انتهاك الدستور المصرى؟! انتهاك عِرضِه؟ هناك قوانين قديمة أصبحت مخالفة لهذا الدستور الجديد، فكيف بالله عليكم ما زالت هذه القوانين سارية ويحكم بها القضاء، رغم أنها أصبحت غير دستورية بموجب دستورنا الجديد الذى أقسم عليه كل المسئولين بالدولة، وسيتم القسم عليه من أعضاء وعضوات مجلس النواب.

لابد من مراجعة كل القوانين المخالفة للدستور فى قانون العقوبات مثل المادة 98 التى حكم بها على إسلام البحيرى بناء على نص ازدراء الأديان، وغيرها من المواد التى تعتبر سيفاً مسلطاً على كل معارض أو مفكر أو مجدد استخدم حقه الدستورى فى التعبير عن رأيه بشكل سلمى.

على السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب مراجعة كل القوانين التى تخالف الدستور ومنها القوانين التى تخالف حقوق المرأة فى الدستور فى المساواة وصون كرامتها ومكافحة التمييز والعنف ضدها ومنها القرار الذى صدر لوزير العدل الحالى بتعديل بعض أحكام المرسوم باللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 48 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 103 لسنة 1976، حيث نص قرار وزير العدل على «يكلف طالب الزواج الأجنبى من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دورى ممنوح المجموعة ب بالبنك الأهلى المصرى بمبلغ 50000 جنيه باسم طالبة الزواج المصرية وذلك إذا ما جاوز فارق السن خمساً وعشرين سنة، عند توثيق عقد الزواج». هذا القانون الذى عبرت عن وجهة نظرى فيه فى مقالين سابقين، بانتهاك الدستور ومخالفته لهواعتباره غطاءً قانونياً لإذلال وإهانة كرامة المرأة المصرية. وبما إننا نتكلم على الدستور الجديد وعن مجلس النواب فى عام 2016 الجديد، فلابد أن يسترعى انتباهنا ويلفت نظرنا قانون ينتهك أيضاً الدستور هو قانون التظاهر، والذى تحمل نصوصه منع، بل وتجريم وتحريم حق التظاهر السلمى الذى كفله الدستور فى المادة 73، وهو حق فى جميع المواثيق الدولية. إننى أضم صوتى إلى كل الأصوات المطالبة بالعفو عن إسلام البحيرى، وبتعديل وإلغاء كل المواد فى قوانين العقوبات التى تتعارض مع دستورنا الحالى. ومع بداية عام جديد، ومع بشاير يناير وثورته المجيدة فى الخامس والعشرين، نطالب بالإفراج عن كل من يقبع خلف جدران السجن دون توجيه تهمة إليه، وعن كل من عبر برأيه بشكل سلمى من أبنائنا وبناتنا الذين ثاروا وحلموا بالمستقبل الأفضل. لا يمكن أن يتقدم المجتمع للأمام ويطير لأعلى بجناح واحد أو قدم واحدة. هناك جناحان: جناح الحريات والديمقراطية، وجناح العدالة الاجتماعية، جناحان يساعدان المجتمع على الوقوف على أرض صلبة ومشاركة كل أبنائه فى العمل والبناء والمتابعة والمراقبة والمحاسبة لكل مؤسسات الدولة وسلطاتها، تشريعية كانت أو تنفيذية.وكما قلنا مراراً وتكراراً فإن محاربة الإرهاب لا تكون بالأمن وحده ولكن بالتنمية التى تتضمن تنمية الموارد البشرية بالتعليم والتثقيف والتدريب والتأهيل والتنوير وإعمال الفكر والعقل.