رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خذوا زينتكم..وعطركم!


يقولون إن الشعوب ذات البشرة الخمرية والداكنة والعيون السود تتميز بحاسة شم قوية، ولسنا بصدد التحقق من هذه المعلومة العلمية من عدمه، ولكنى أميل إلى تصديقها لأن الشرق المائز بهذه الصفات هو أول من قدَّم للعالم أجمل العطور وأرقاها، واحتمال أن يكون اكتشاف تلك العطور قد أتى بالصدفة البحتة منذ وُجد الإنسان الأول على الأرض.. حين كانت النار قبل أن يقوم باستئناسها تحرق أوراق الأشجار والنباتات وكل الزروع، وبفطرته وفطنته استطاع أن يميز رائحة ناتج حريق كل نبات وزهر، فعمل على ابتكار الطرق لاستخلاص ماراقه من رائحة، يضمخ بها جسده أويقدمها هدية لمن ترضى أن تصنع معه «كوخًا» فى البريَّـة!!

... والتاريخ صفحاته تنطق بأن الفراعنة أول من استخدموا العطور، ولكنها كانت مخصصة فقط للكهنة فى المعابد لما لهم من قدسية عند العامة والبسطاء، وحتى لدى أسرة الفرعون، وكان يتم إعدادها فى معامل خاصة داخل المعابد لاستخدامها فى تجهيز المومياوات والتحنيط، ولا يسمح باستخدامها إلا للأشخاص ذوى الحيثية الاجتماعية والدينية والسياسية، وكانوا يوصون على عطور فواحة تدفن معهم بعد الموت لإيمانهم بالبwwعث. ولما ظهر الإسلام فى الجزيرة العربية أمر الله تعالى عباده المسلمين بالنظافة والتزين واستعمال العطر والطيب عند الخروج إلى المسـاجد ففى سورة الأعراف : «يَا بَنِى آدَم خُذُوا زِينَتكُمْ عِنْد كُلّ مَسْجِد « وقد ورد فى صحيح البخارى عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: كنت أطيب النبى صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد، حتى أجد وميض الطيب فى رأسه ولحيته».وبما أن التعطر ارتبط بثقافة المسلمين، فقد اجتهد العلماء كثيراً للتوصل لتقنيات جديدة أقل تكلفة لتصنيع العطور لتكون فى متناول جميع الطبقات حتى تمكن عالمان كبيران من اكتشاف تقنيات جديدة تعد حجر الأساس لصناعة العطور حتى الآن وهما جابر بن حيان ويعقوب بن إسحاق الكندى. فالأول اكتشف طرقاً لفصل المواد الكيميائية مثل التقطير الخالص والتبخير والترشيح، أما الثانى - والذى يعد المؤسس الحقيقى لصناعة العطور- فقد أجرى تجارب مكثفة ناجحة لدمج عطور النباتات المختلفة مع مواد وخامات أخرى. إذن فالعطور تاريخ من الفكر الإنسانى المتطلع إلى الزينة والجمال، خاصة عالم المرأة، وهى أيضًا صناعة رائجة تخدم المنتج والمستهلك فى آن ٍ معًا، وعليها اشتهرت بعض الدول منها فرنسا التى اشتهرت بما يسمى «العطور الباريسية»، والسؤال:لماذا ونحن أصحاب الريادة فى ابتكار تلك الصناعة الضاربة فى القدم لايكون لنا فى صناعة العطور مانشتهر به انتاجًا ورواجًا يقفز إلى العالمية من حيث الجودةً والتخصص فى عطور الشرق الذى يبهر الجميع، ولتقيم المصانع التى تعمل على زيادة الدخل القومى والقضاء على البطالة التى تأكل أعمار الشباب وتجنح بهم إلى مسالك وعرة فى دروب الحياة الصعبة، ولنجنى ثمار ماأبدعه الجدود العظماء الأوائل، والذين عرفنا منهم عظمة نفرتيتى وحتشبسوت وكليوباترا، هؤلاء اللاتى انبهرنا نحن بجمالهن وزينتهن، وبالتأكيد كانت لهن عطورهن الخاصة التى تزيد الجمال جمالاً والبهاء بهاءً. وفى تصورى كأحد الحلول البديلة عوضًا عن إقامة المصانع وتكبد التكلفة العالية فى سبيل إنشائها ؛ هى أن يتم هذا التصنيع والإنتاج بالمنازل، دون عناء ازدحام الشوارع والمواصلات العامة والخاصة وتكبد التكلفة عالية، وبذلك نفتح المجال أمام عناصر الشباب الواعد والمتطلع إلى الحصول على دخل محترم، والأجدر أن يتولى أحد الصروح البنكية منح قروض مقننة وبضمانات مريحة تفرض عليها فائدة طفيفة فى حدود معدلات عدالة الربحية، بهدف إنتاج الماركات العالمية من العطور التى برع البعض بالفعل فى الوصول إلى تركيبتها الكيميائية ونافسوا بها فى الأسواق المحلية، وحبذا لوتولت البنوك المانحة لهذه القروض مسئولية الدعاية والتغليف والتسويق والتصدير والتحصيل لعوائد هذا الإنتاج الذى سيعود بالنفع على المنظومة المتكاملة لهذه الإنتاجية،