رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى الصفر المريمى


 فجأة ودون أى مقدمات، وفى غفلة من الزمن ثارت زوبعة فى مصر – لم تنته بعد – بحصول الطالبة «مريم ذكرى» من إحدى مدارس أسيوط على درجة «صفر» فى جميع المواد. العمل الذى تم فى الخفاء هو عمل الشيطان عدو كل عمل صالح، والذى يجد له مكاناً فى النفوس الضعيفة والنفوس التى لها علاقة وثيقة معه.

فى مشكلة الطالبة مريم من صعيد مصر – وكما تقول د. درية شرف الدين: لا أعرف كيف تتحمل هذه الطالبة الصغيرة هذا الجبل من الظلم – فإن القضية بها ثلاثة أطراف لا طرفين فقط!! الطرف الأول هو الطالبة المظلومة التى لا تستحق ما حدث لها، والطرف الثانى هو الموظف الإدارى أو المدرس الذى قام باستبدال أوراق الإجابة وهو الطرف الظالم. أما الطرف الثالث الذى أود أن أرسل له رسالتى هذه أو بالأحرى أرسلها إلى ضميره هو ذلك الطالب الذى سجل فى كراسة الإجابة أسئلة الامتحانات فقط – إجابة خطأ بخط ردئ يتناسب مع مستواه الضعيف وتفكيره الضحل – ثم وجد نفسه يحصل على درجات نهائية أو شبه نهائية تؤهله أو أهلته فعلاً للالتحاق بكلية الطب!! هل بعد ذلك ضميرك يسمح لك أن تفرح وأن تصدق التفوق الزائف؟ كيف تلتحق بكلية الطب وتساير زملاءك المتفوقين؟ كيف ستسلك فى الدراسات الطبية التى تتطلب مجهوداً سخياً وضميراً حياً؟ إن كان ضميرك قد سمح لك أن تقبل الظلم الواقع على زميل أو زميلة لك، فكيف سيسمح لك ضميرك أن تسلك فى دراسة الطب؟ كيف سيبارك لك الله فى حياتك وأنت قد قبلت على نفسك أن تشترك فى ظلم إنسان آخر متفوق، قضى العام الدراسى بين التعب والاجتهاد لتحصيل العلم ثم فى غياب الضمير سرق اللص مجهود الطالب المجتهد؟

نصيحتى لك أيها الطالب – حتى لا تفقد مستقبلك – أن تتوجه للنيابة العامة أو نيابة المنيا «أو المحافظة التى تنتمى إليها» وتُقر بشىء واحد فقط: «أنا هو الطالب الذى سجلت إجابات ضعيفة فى كراسة الإجابة بالثانوية العامة، ثم حصلت على درجات شبه نهائية أهلتنى للالتحاق بكلية الطب». هذا الاعتراف الصريح منك سيُسجل لك فى السماء، وستكون هناك بركة فى حياتك. لا تخشى أحداً، ولا تسمع لأصدقاء السوء. خذ قرارك الشجاع وأدلى بشهادتك الأمينة. من هذه النقطة ستنكشف حقائق كثيرة فى منظومة التعليم الفاسدة.

أنت هو الطرف الذى لا يتحدث عنه أحد، ولكنى أتحدث إلى ضميرك الذى هو أغلى شىء فى الحياة. تذكر الحكمة التى تقول: «باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس». عندما أمسكت الريح بين يديك ففى الحقيقة إنك لم تمسك شيئاً. لقد أخذت تفوقاً ليس لك!! فلا أنت بمتفوق، ولا جعلت المتفوق يفرح بتفوقه. كن شجاعاً وعُد إلى ضميرك وأدلى بشهادتك، والله سيبارك فى حياتك. انظر من أين سقطت وتب، ولا تعد تفرح بالظلم.

أستاذ الهندسة - جامعة الإسكندرية