رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضبط الأسعار ضرورة « ٢»


أستكمل هنا مقالى الذى بدأته الخميس الماضى تحت عنوان «غلاء الأسعار مستمر»، والذى لقى استجابة سريعة وواضحة من القراء، لكن لم يستجب أحد من التجار أو من الحكومة، لكننى أستمر فى بقية المقال وأطالب بضرورة وضع رقابة جادة وفعالة من الدولة على الأسعار، سواء فى الاحتياجات اليومية من السلع الغذائية خاصة التى يتناولها أبناء الشعب من الفقراء والتى لا غنى عنها، أو سواء من الأدوية الأساسية التى يعجز الفقراء عن شرائها خاصة الأمراض المزمنة أو الخطيرة، وأسوق رأى القارئة «مايسة. ل» التى توضح أن السيدات المصريات يدركن صعوبة المشكلة ويعانين منها، لكنها لابد لها من حلول عاجلة، فهى تقول رداً على مطالبتى برفع مرتبات الموظفين فى الحكومة وهم قطاع كبير من الشعب «إن رفع المرتبات سيؤدى لرفع الأسعار من التجار»، وأنا لا أخالفها الرأى بل أحترم رأيها، لكنى أضيف أن رقابة الدولة ستوقف رفع الأسعار العشوائى، ثم تضيف «تحديد الأسعار ضرورة، وأتمنى من الله أن يوفقك لحل هذه المعضلة»، ويقول الاستاذ «عبد العزيز. ز» متسائلا: «هل المشكلة فى غلاء الأسعار أم فى انخفاض قيمة الجنيه ؟» له كل الحق لأن الجنيه المصرى الآن منخفض القيمة أمام العملات الأخرى، ولكن المشكلة أن ارتفاع الأسعار مستمر ولا يتوقف وأنه لابد من وسيلة لوقفه من خلال الحكومة من أجل مصلحة المواطن البسيط أو الأكثر احتياجاً... أنا أعلم أن الدخل القومى لا يكفى لزيادة المرتبات، ونعلم جميعاً أن السلوكيات قد أصابها الفوضى والاستهتار خاصة من قبل التجار بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وأن هناك حملات من الجماعات المتطرفة تعمل لبث روح الغضب والكراهية للنظام وللدولة، ولكن أيضا على الدولة ان تنظر بعين الرأفة إلى المواطن المصرى والى متطلبات المرحلة الراهنة، فالجائع لن ينتظر سنة أو سنتين جائعا حتى تنصلح الأحوال، والطفل لن ينتظر سنة أو سنتين ليتناول وجبة أساسية، لهذا لابد من وقف ارتفاع الأسعار ولابد من وقفة قوية من الدولة، ولابد من النظر إلى زيادة المرتبات وإلى ضرورة توفير الأطعمة الأساسية بأسعار معقولة ودون أن يكون ذلك بالأخذ من جيب الغنى ومن رزقه لإعطاء الفقير، لأن الغنى لابد أن يساعد الفقير طواعية ومن منطلق التكافل الاجتماعى والزكاة.. إننا لانطالب هنا بعوده أنظمة بالية مثل الاشتراكية التى انقضى زمنها، ولانريد إيذاء فئة معينة أيا كانت غنية أو فقيرة، ولكن على الدولة أن تجد وسيلة لوقف ارتفاع الأسعار الجنونى ليتناسب مع دخل المواطن المصرى البسيط، انظروا إلى معوقات الاستثمار التى تجعل المستثمر يذهب إلى دول أخرى ليستثمر فيها أمواله، انظروا إلى الأمن وتوفيره حتى لا تنتشر الفوضى والجريمة، افتحوا المصانع وشجعوا رجال الأعمال على فتح أبواب رزق جديدة لملايين العاطلين، ودعوا المخلصين يساعدون فى إيجاد فرص عمل بمشروعات جديدة مادامت رؤوس أموال شريفة ووطنية، وحاولوا إعادة السياحة. نريد دولة قوية تطهر المؤسسات من الخلايا النائمة التى تنخر فيها، والتى تنشط الآن لإثارة البلبلة والغضب على الدولة، وتستعد بالرشاوى الانتخابية لتعود الجماعات المتطرفة إلى البرلمان لإضعاف الدولة، نحن فى حالة حرب ونحن الآن نحاول التقدم بعد ثورة عظيمة فى ٣٠ يونيه ٢٠١٣، وأنا أقول «نحن» لأن غالبية الشعب المصرى شاركت بحماس وانتصرت إرادة الشعب بإزاحة الجماعة الظلامية عن حكم البلاد واستعباد شعبها وتقسيم أرضها، إن إرادة الشعب كانت كاسحة تطالب بأن يعم النور والتقدم والازدهار فى ربوع مصر، ولكن المشكلة أن بعض بقايا العدو يعيش بيننا ويحيط بنا، من كل الحدود أعداء متربصون لإفشال إرادة الشعب التى ساندها الجيش. لكن إذا كان شعب مصر سيقف بالمرصاد لكل دعاة التخريب والهدم ففى المقابل لابد للدولة أن تنظر لمتطلبات الحياة اليومية، وأن توفرها لتحقيق الكرامة للمواطن فى قوت يومه، وهذا فى حد ذاته أمن مصر القومى، وأمنها ضرورة قصوى.