رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إرادة المصريين.. أنتجت قناة سويس جديدة «1-2»


تشكل قناة السويس الجديدة، نموذجا لثقافة الأمل والعمل والتفاعل مع الفكر الإنسانى الخلاق بقدر ما استنفر هذا المشروع العملاق منذ البداية وقبل نحو عام واحد الوطنية المصرية وقيمة الانتماء فى لحظات تليق بالمصريين.

كما أن المشروع العملاق يجسد ثقافة الإتقان المطلوبة بإلحاح فى الواقع المصرى فيما الإنجاز الذى تحقق بإيقاعات الانضباط والإخلاص دون أى تأخير وفى زمن قياسى يشكل نموذجًا ملهماً يتوجب محاكاته فى قطاعات أخرى تعانى من ترهل أو إهمال غير مبرر إن الارتباط الوثيق بين الشعب المصرى وتاريخ حفر القناة الأولى والتى دفن فيها ما يقرب من 120 ألف مصرى فى عمليات الحفر.. فى الوقت الذى كان إجمالى تعداد السكان بالدولة يصل إلى 4 ملايين نسمة فقط، وهو الأمر الذى ساهم فى تهافت المصريين على الدفع بأموالهم فى تمويل مشروع القناة ونجحت البنوك فى تجميع 64 مليار جنيه خلال 8 أيام من بدء الإعلان عن المشروع.

لأن توجه الدولة لإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة خلال عام ووضعه على مقدمة المشروعات القومية الكبرى، يعد خطوة جيدة ساهمت فى دحر المخططات الأجنبية المعادية لمصر والتى كانت تهدد بتغير حركة الملاحة العابرة بالقناة، فضلًا عن ذلك فمن المتوقع خلال الخمسين عاماً المقبلة أن يظهر ممر جديد لحركة التجارة بالقطب الشمالى؛ نظرًا لارتفاع درجة الحرارة حول العالم، لذا فيجب على مصر أن تبدأ باتخاذ خطوات جادة فى أعمال تنمية محور القناة ومضاعفة حجم إيراداتها باستغلال موقعها الاستراتيجى.

إن تكلفة الحفر بالقناة الجديدة 8 مليارات دولار، 4 مليارات دولار لحفر قناة موازية للمجرى المائى الحالى لقناة السويس، والذى يبلغ طوله بعد آخر تطوير أُجرى للقناة فى عام 2009 نحو 192 كيلومترًا، ويبلغ طول القناة الموازية 72 كيلومترًا، سوف يتم شق 35 كيلومتراً منها بتقنية الحفر الجاف، بينما سيتم استكمال ما تبقى من الطول المقترح للقناة (وهو 37 كيلومترًا) بتعميق مجرى القناة الحالية ووصله بالجزء المنفذ بالحفر الجاف، بالإضافة إلى 4 مليارات أخرى لحفر 6 أنفاق تعبر أسفل قناة السويس، 3 فى الإسماعيلية، و3 فى السويس، و2 لعبور السيارات، وواحد للقطارات، وذلك، لكل محافظة، أى ما يوازى 60 مليار جنيه مصرى تقريباً، وبسبب أن ميزانية الدولة المصرية فى ذلك الوقت لا تتحمل هذه التكلفة العالية، طرحت الحكومة المصرية شهادات استثمار على المواطنين، بعائد 12% ولمدة 5 سنوات، بهدف جمع 60 مليار جنيه مصرى خلال شهر من طرح الشهادات، ولكن بسبب إرادة المصريين لعبور أزمتهم، والوقوف بجانب القيادة الجديدة، تم بالفعل جمع 64 مليارًا، أى أكثر من المبلغ المطلوب فى ثمانية أيام فقط، فى ملحمة اعتبرت تأييداً جديدًا للرئيس المصرى وحكومته الجديدة.

المشروع بشكل عام يتكون من ثلاث مراحل، انتهت اثنتان حتى الآن، وتبقى مرحلة ثالثة وأخيرة «تنمية إقليم قناة السويس»، فينقسم مشروع القناة الجديدة إلى مرحلة حفر على الجاف (الناشف)، ثم مرحلة الحفر المائى والتكريك، ومرحلة أخيرة، مرحلة تنمية المنطقة المحيطة بالقناة، أو ما يطلق عليها «تنمية إقليم قناة السويس».

بطبيعة الحال، كان من حسن طالع الشعب المصرى، بل من حسن حظ الرئيس ذاته أنه ينتمى إلى المؤسسة العسكرية المصرية العريقة، التى تعلى قيمة الإنجاز وتميل دوماً إلى مواجهة التحديات بما تمتلكه من إصرار وعزيمة وانضباط عسكرى تحسد عليه، وهذه أمور أسهمت بدور مؤثر فى تحقيق إنجازات ملموسة فى فترة العام الأول المنقضى من رئاسة السيسى، والذى يتوج عمليًا بافتتاح واحد من أبرز مشروعات مصر للقرن الحادى والعشرين.

أستاذ القانون العام - جامعة طنطا