رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كروت الائتمان .. نعمة أم نقمة؟!


العيد فرحة.. نعم، وفرصة رائعة لدعم الاقتصاد القومى وإنعاش السوق التجارية المحلية عن طريق تداول الأوراق النقدية بزيادة القوة الشرائية، أو مايقول عنه رجال المال والاقتصاد بزيادة المنفعة الحدِّيَّة التى تؤدى إلى ارتفاع معدلات الدخل القومى بكثرة التداول، ولكن السادة مسئولى البنوك المصرية يبدو أنهم قد تعاموا عن ألف باء الاقتصاد وأثبتوا أنهم فى حاجة ماسة إلى إعادة تأهيلهم لفهم أبسط القواعد التى تقوم عليها فلسفة البنوك التى يعملون بها ويحصلون على مرتباتهم وحوافزهم ومكافآتهم من عوائد إيداعات العملاء فى بنوكهم، هؤلاء العملاءالذين لولاهم ماكانت صروح البنوك .. ولا كانوا!...

وفى الحقيقة ترددت كثيرًا فى الكتابة عن مشاكل «ماكينات كروت الائتمان» ومقالبها السخيفة خاصة فى الأعياد والإجازات والعطلات الرسمية، خوفًا من اتهامى بأننى أكتب عن حالة خاصة تعرضت لها بالفعل فى إجازة هذا العيد السعيد، ولكن وبصرف النظر عمًا تعرضت له أجدها ـ بالتأكيد ـ ظاهرة عامة شكا منها العديد من المعارف والأصدقاء بل إن بعضهم من رجال البنوك أنفسهم، لذا فهى تحتاج إلى وقفة جادة لإعادة النظر فى هذه الأعطال المستديمة لهذه الماكينات، لأن العميل يقف أمامها حائرًا بعد أن تبتلع الماكينة كارت الائتمان الخاص به ولا ترده ؛ ولا تعطيه مالاً هو ملكه الحلال الذى وضعه كأمانة ويدعم بها البنوك فى الوقت نفسه، والمفترض أن تكون تحت إمرته وقتما يشاء،ويحدث هذا ربما بسبب الإهمال فى الصيانة أو سقوط النظام الإلكترونى من الشبكة الرئيسة،والعجيب أن يأتى لك الرد من تليفون الشكاوى الوهمى أن البنك فى إجازة والسادة المسئولون ينعمون بها على الشواطئ والمنتجعات وبنقود العميل.. وابقى قابلنى بعد العيد! فبالله عليكم كيف ينتظر العميل الذى اضطر إلى سحب مبلغ من المال لحالة مرضية مفاجئة أو حاجة قهرية نشأت فى التو واللحظة « يعنى مالُه ولا يهناله» كما يقول المثل الشعبى المصرى العبقرى»! أو ليست هذه سبَّة فى جبين البنوك العاملة فى حقل الاقتصاد المصرى ؟ بلى .. وتعتبر بكل المقاييس والأعراف الإنسانية نوعًا من اللامبالاة بأحوال هؤلاء العملاء ولا باحتياجاتهم الطارئة ولا بمبدأ رد الأمانات إلى أصحابها وقت اللزوم، وأبسط الأمور أن تكون هناك فرق طوارئ تبادلية تعمل على مدى الأربع وعشرين ساعة يكون مقرها المركز الرئيس ـ مثلاً ـ أو سيارات تحمل أطقم الطوارئ التى تقوم بتغذية الماكينات بالعملات النقدية وإصلاح وصيانة ماقد يطرأ على البعض منها فورًا، وبهذا تكون البنوك قد قامت بتأدية دورها الحيوى لخدمة الاقتصاد القومى واستمتعت فى الوقت نفسه برضا العملاء وحُسن السمعة الائتمانية التى بالضرورة ستجذب المزيد من الأرصدة سواء عن طريق الودائع أو فتح المزيد من الحسابات الجارية، والمعلوم أنه كلما زادت أحجام الودائع والحسابات الجارية فى بنك ما، فإن ذلك يدل على قوة هذا الصرح الائتمانى الذى يسهم بودائع العملاء فى بناء المشروعات القومية العملاقة وبناء المستشفيات والمدارس، وكلما زادت اﻹسهامات فى تلك المشاريع كان حجم العوائد البنكية أكبر، الأمر الذى يترتب عليه إعلان البنوك عن زيادة معدل الفائدة على الودائع لجذب المزيد من نقود المودعين والعمل على زيادة الخدمات المصرفية، فالاقتصاد الحر لابد له أن يواكب كل التطورات العالمية .. وإلا سنظل محلك سر!

اجعلوا من العيد فرحة حقيقية، ومن البنوك أداة «ائتمانية» اسمًا ومعنى وتطبيقًا حرفيًا لمعنى كلمة ائتمان، حتى لاتفقد الصناديق المصرفية ثقة العملاء، ولا يكون كارت الائتمان نقمة على رأس العملاء، وحتى لايلجأوا إلى دفن أموالهم «تحت البلاطة»! ترى .. هل أجد آذانًا مصغية لندائى، أم يذهب أدراج الرياح؟

 

أستاذ الدراسات اللغوية ـ أكاديمية الفنون