رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانفجار السكانى.. قضية أمن قومى مصرى «١-٢»


إن أهم مشكلة تواجه مصر، هى الانفجار السكانى، وللأسف القيادات السياسية المختلفة لم تفكر فى حل هذه المشكلة، كما أنها لا تشغل بال الطبقة المثقفة المصرية، لأن التيارات الدينية لعبت دورا فى محاربة ثقافة تحديد النسل، كما تشهد مصر المزيد من الارتفاع فى معدلات السكان فى ظل تحسن الأوضاع الصحية، وذلك رغم الجهود المبذولة للحد من ذلك،

إذ إن الزيادة الكبيرة ناجمة عن انخفاض فى نسبة الوفيات وليس عن ارتفاع فى حجم الولادات أن مصر تشهد مولودا جديدا كل ٢٣٫٥ ثانية أن تحسن الأوضاع الصحية أسفر عن ارتفاع معدل الزيادة السكانية أن العدد الإجمالى للسكان يبلغ حاليا ٩٦٫٥٥٢ مليون نسمة، أى «بزيادة قدرها مليون و٣٤٦ ألف شخص خلال سنة واحدة». النمو السكانى السريع غير المنتظم أصبح سمة العصر الحالى وزيادة السكان هذه مرتبطة بازدياد الحاجة إلى الغذاء والخدمات العامة على شتى الصعود بدءا من حاجة أكبر للمياه النقية وانتهاء بالسكن الصحى وما يرافقه، أما عن سوريا وعدد سكانها فقد تضاعف هذا العدد «٤» مرات خلال الأربعين عاما الماضية وهو أمر طبيعى، لكن إذا قارنا ذلك مع دول أخرى صناعية فنجد أن الأمر مختلف وغير طبيعى أيضا، فهذه الدول تحتاج لأكثر من ٢٠٠ عام لكى يتضاعف عدد سكانها مرة واحدة فقط، وهذه الظاهرة بالذات أخذت تشكل ضعفا على خطط التنمية والتقدم الاجتماعى، فالنمو السكانى فى البلدان النامية مسئول عن قلة الغذاء وزيادة الاستهلاك وظهور التجمعات السكانية غير المنظمة فى المدن الكبرى وافتقارها إلى الخدمات الصحية والمياه النقية والصرف الصحى والطرق وشروط السكن الصحى، الأمر الذى انعكس سلبا على الواقع البيئى والاجتماعى والصحى، وتشير الدراسات إلى وجود علاقة عكسية بين زيادة السكان وصحة الفرد، وأكدت دراسات الباحثين فى هذا المجال أنه كلما ازداد عدد السكان تزداد الحاجة إلى الطلب على المياه المستهلكة فتزداد كميات العادم ويزداد التلوث وفى مجتمعنا لا نراعى ذلك، فنتيجة لازدياد عدد السكان فى سوريا انخفضت حصة الفرد من المياه.

ولنأخذ مثالا على أسرة مكونة من أب وأم وولدين ستكون حصة الفرد فى هذه الأسرة معتدلة، أما إذا أصبحت ضعف العدد فستقل هذه الحصة إلى النصف وستتحمل الأسرة أعباء إضافية أكبر.. إذن كى نحافظ على وطننا وعلى الأسرة والمجتمع والبيئة يجب أن يؤدى كل فرد فى المجتمع دوره كاملا سواء كان مسئولا أو مواطنا عاديا، لأن الجميع مسئول عن تقدم وتطوير المجتمع والمساهمة فى رفع شأن البلاد خاصة أننا نعيش عصر التحديات ولأجل ذلك ينبغى تجاوز السلبيات وتحقيق الأحلام والطموحات والعمل الجاد للتطوير والاهتمام بالصحة الإنجابية وتوعية الأمهات بكل الأمور المتعلقة بازدياد عدد السكان وكيف تنعكس آثارها السلبية على البيئة والمجتمع.. وهى فوق ذلك أو بعد ذلك دعوة غير أخلاقية، ذلك لأنها تعمد إلى الخديعة فى مجال الصراع بين الأوطان والقوميات.

كذلك فهى دعوة غير أخلاقية لأنها تعتمد على الانحلال الأسرى باعتباره وسيلة من وسائل تحديد النسل، وقد رأينا مصداق ذلك فى وثيقة المؤتمر الدولى للسكان الذى انعقد فى القاهرة عام ١٩٩٤ الذى انعقد منذ سنوات قليلة، إذ كان هناك تركيز على أساليب الممارسة الجنسية خارج نطاق الزواج والتشجيع عليها، فإذا كان هؤلاء - فى العالم المتقدم - قد تورطوا فى هذه الممارسات ولم يعودوا راغبين أو قادرين على الامتناع عنها فلا أقل من أن يصدروها إلينا لتفعل فعلها فى تحديد النسل فى العالم الثالث.

أستاذ القانون العام - جامعة طنطا