رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أربعاء البصخة


اليوم هو أربعاء البصخة «والبصخة تعنى العبور Passover» وهو أيضاً يُطلق عليه اسم «أربعاء أيوب»، وهو اليوم الذى يسبق «الجمعة العظيمة» أو «جمعة الصلبوت» الذى فيه صُلب السيد المسيح. وفيه تقرأ الكنيسة بعض الإصحاحات من «سفر أيوب» أحد أسفار العهد القديم، وأيوب النبى هذا احتمل العديد من البلايا وصبر عليها، حتى صار القول الشائع فى الأمثال العامية على الإنسان المُتحلى بالصبر عبارة «صبر أيوب». وأيضاً يُطلق عليه «أربعاء أيوب» لأنه حسب التقليد الشعبى الموروث فى مصر وفى بلاد الشام، يرون أنه فى هذا اليوم تخلص أيوب النبى من آلامه وشفاه الله واستخدم فى ذلك نبات الرعرع وهو عبارة عن عُشب من فصيلة النعناع الأخضر وفى حجمه وشكله وله رائحة عطرية وهو شديد الإخضرار. وكان من التقليد – المُتبع فى هذا اليوم - أن يتم بيع حزم من هذا النبات ويتم الاغتسال بها وتدليك الجسم آملاً فى الصحة والشفاء. وإذا لم يتوفر – هذا النبات - يقوم الأقباط باستخدام البقدونس والنعناع ويرشون المياه التى فى هذه النباتات على جدران البيوت والأبواب للبركة. و«أربعاء أيوب» له تقاليد خاصة جداً فى العريش، حيث يخرج كل الشعب هناك خصوصاً البدو إلى البحر وينتظرون حتى وقت غروب الشمس وينزلون للاغتسال فى البحر أملاً فى نوال الشفاء من الأمراض وطول العمر. ويقولون إن أيوب النبى قد شفاه الله على شواطئ العريش. وأيضاً من عادات الأقباط فى يوم «أربعاء أيوب» أن يأكلوا «الفريك» لأنه من المعروف أنه فى هذه الأيام يتوافر فيه ظهور القمح الجديد كما يقومون فى القرى بعمل عروسة القمح من السنابل وتُعلق على البيوت من السنة للسنة. ويبدو أن تلك العادات هى موروثات من الفراعنة الذين ارتبطت حياتهم بالنيل والأرض. ولا يحتفل بأربعاء أيوب المصريون فقط بل أيضاً لبنان وفلسطين وسوريا والأردن. أما من الناحية الروحية، فإن الكنيسة تطلق على «أربعاء البصخة» اسم «أربعاء أيوب» فإن ذلك يرجع لسببين: أنه فى هذا اليوم تُقرأ قصة أيوب النبى. وكلها قصة ألم. وأيضاً للرموز التى يرمز بها أيوب النبى فى آلامه إلى السيد المسيح. وهى كثيرة نذكر من بينها: تعرُّض أيوب الصديق إلى آلام تفوق الوصف، وكذلك السيد المسيح. أيضاً كان أيوب رجلاً «كاملاً ومستقيماً» بشهادة الله نفسه عنه. وكذلك كان السيد المسيح «بصورة مطلقة طبعاً» والقياس مع الفارِق فى كل التشبيهات. حدثت تجربة أيوب بسبب حسد الشيطان له. وكذلك حدثت آلام المسيح بإيعاز من الشيطان، الذى دخل فى قلب يهوذا الخائن، والذى دخل فى قلوب باقى أعدائه. أيضاً أيوب جُرِح من أصحابه الثلاثة، والسيد المسيح جُرِح فى بيت أحبائه. تجربة أيوب انتهت بالخير، ورد له الله كل ما كان له ضِعفاً. والسيد المسيح انتهى صلبه وموته بالقيامة المقدسة.