رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة إلى السيد محافظ الإسكندرية


تهلل الشعب السكندرى واستبشر خيراً بتعيين أحد أبناء الثغر محافظاً لها، تبدو عليه إمارات الجدية والالتزام والرؤية الصائبة وأيضاً الشعور الحقيقى بمطالب الآخر. وبصفتى أحد أبناء الإسكندرية أتقدم لسيادتكم ببعض مما تحتاجه الإسكندرية فى تلك الفترة بغرض النهوض بها وعودتها إلى مكانتها الحقيقية بين مدن حوض البحر المتوسط. كان يوجد بالإسكندرية متحف عالمى يُسمى «المتحف اليونانى الرومانى» ومازال يوجد شارع رئيسى يحمل اسمه يقع بجوار مقر المحافظة الذى احترق بفعل فاعل عقب ثورة 25 يناير 2011. هذا المتحف يا سيادة المحافظ – وسيادتك تعلم ذلك – تأسس عام 1891 داخل مبنى بشارع رشيد «جمال عبدالناصر حالياً»، وبازدياد حركة العمران ظهرت الحاجة إلى إنشاء المتحف الحالى فى عام 1895 واكتمل البناء فى عام 1904. تولى إدارة هذا المتحف مجموعة من الآثاريين العالميين منهم «بوتى» و«أدريانى» و«آلن رو» ومن المصريين د. فيكتور أنطون جرجس و د. هنرى رياض غبور، ومن رجال الآثار الذين عملوا به مفتش الآثار الأستاذ بانوب حبشى، وخبير رسم الخط الفرعونى الأستاذ بديع عبدالملك «الذى هو والدى بكل الفخر» ثم الجيل التالى لهم الآثارى الأستاذ أحمد عبدالفتاح من أعظم مثقفى الإسكندرية، وعالمة الآثار د. ميرفت سيف. هذا المتحف كان يتميز بخاصيتين غير متوافرتين فى أى متحف فى العالم كله وهما: التهوية الطبيعية والإضاءة الطبيعية، من هنا كان هذا المتحف يجلب للزائر مناخاً صحياً يوفر له الراحة. كانت الزيارات – على مدى الأسبوع – لا تتوقف، فكان المتحف بالنسبة للإسكندرية أحد مصادر الدخل القومى. كما كان وسيلة فعالة لتنشئة تلاميذ المدارس فى المرحلة ما قبل الجامعية على الثقافة الأثرية والوعى بجزء مهم فى تاريخ مصر. ولكن بسبب المصالح الشخصية والجهل نبتت فكرة تطوير المتحف فى عام 2005 ثم فى عام 2008 تم إغلاقه بالضبة والمفتاح!! وتحول المتحف الرائع إلى خرابة، وهذا شىء مؤسف أن يحدث على أرض مصر. وللأسف الشديد الوزير المسئول لا يفعل شيئاً وكل ما يُقال يردده المحيطون به من أجل امتصاص غضب أهل الإسكندرية!! الآن يا سيادة المحافظ أرجو المبادرة بتسليم الأرض التى كان يقام عليها مقر المحافظة إلى وزارة الآثار على أن يتم التوسع فى المتحف أفقياً «وليس رأسياً» حتى نحافظ على خصائصه الطبيعية ولعرض كل كنوز المتحف الموجودة بالمخازن، كما أرجو أن تتلفت غرباً لترى مدينة رخامية – يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادى – وهى مدينة بومنا أو مينا التى أطلق عليها عالم الآثار الألمانى «كارل - ماريا كاوفمان» فى عام 1905 – عندما اكتشفها – لقب «أكروبول مسيحى قديم»، وهى مصدر آخر لتنشيط السياحة. وبصفتكم أحد أبناء منطقة رشدى الجميلة، أرجو أن تتلفت لشوارع المنطقة لتشاهد مأساة هدم الفيللات والعمارات الجميلة وحل محلها أبراج سكنية قميئة. أرجو إيقاف هدم ما تبقى من تلك الفيللات والعمارات الجميلة – مع تعويض أصحابها تعويضاً مناسباً – مع إعادة تجميل المنطقة كما كانت عليه من قبل. نتمنى لكم كل التوفيق، ولا تتردد فى الإستعانة وأستشارة جميع المخلصين من أبناء الإسكندرية للنهوض بمدينتنا الجميلة