رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ننشر حيثيات حكم إعدام 183 إرهابيًا في "اقتحام كرداسة"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أودعت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، أسباب حكمها الصادر مطلع الشهر الجاري، بمعاقبة 183 إرهابيا بالإعدام شنقًا "من بينهم 34 هاربا و149 آخرين محبوسين" ومعاقبة متهم "حدث" بالسجن لمدة 10 سنوات، وبراءة متهمين اثنين "أحدهما هارب والآخر محبوس".

وانقضاء الدعوى الجنائية بحق اثنين آخرين نظرا لوفاتهما قبل الفصل في الدعوى، وذلك في قضية إدانتهم بارتكاب جريمة اقتحام قسم شرطة كرداسة، وقتل مأمور القسم ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة في أعقاب فض الاعتصامين المسلحين لتنظيم الإخوان الإرهابي برابعة العدوية والنهضة.

وكشفت المحكمة في أسباب الحكم عن أن أدلة الثبوت والاعترافات والتحقيقات والأدلة الفنية، ومسار ارتكاب الجريمة وتفاصيلها -أظهرت بوضوح وجلاء تام– أن الجريمة تم الإعداد لها قبل ارتكابها، بشكل منهجي ومنظم، على نحو أدى فيه المتهمون جميعا أدوارهم التي حددت لهم، سواء من قام بالقتل العمدي والشروع فيه، أو من أتى عملا من الأعمال المادية المكونة لفعلي القتل العمد والشروع فيه، مشيرة إلى أن المتهمين الذين تزعموا تلك الأفعال وصفوا رجال الشرطة أنهم من "الكفار" وحرضوا بقية المشتركين معهم على تلك الأفعال باستخدام عبارة "حي على الجهاد".

وقالت المحكمة إن المتهمين قسموا أنفسهم إلى 3 فرق، أثناء تنفيذ الجرائم، وأن التجمهر الإجرامي الذي أعدوا له واتفقوا عليه، كان مقصودا به قتل أكبر عدد من أفراد رجال الشرطة، انتقاما من فض اعتصامين إجراميين برابعة العدوية والنهضة.

واستندت المحكمة في إدانة المتهمين إلى 17 مقطعا من مقاطع الفيديو المصورة الواردة بملف القضية و19 صورة فوتوغرافية مطبوعة، التي تظهر تفاصيل العملية الإرهابية وعددا من المحكوم عليهم وهم يرتكبون الجرائم المسندة إليهم.

كما استندت المحكمة إلى تقارير الفحص الفنية الواردة في شأن فحص الأسلحة والذخيرة والقنابل والقاذف الصاروخي (أر بي جي)، التي عثر عليها بحوزة المحكوم عليهم فور إلقاء القبض عليهم، وأيضا المسروقات المضبوطة التي عثر عليها بحوزة المتهمين لدى ضبطهم التي تبين أنها مسروقة من قسم الشرطة والضباط المجني عليهم الذين قتلوا.

كما تضمنت أدلة الإثبات شهادات عدد 104 شهود، والتقارير الطبية الرسمية الصادرة في شأن 16 مجنيا عليه، والعرض القانوني الذي تم من خلاله التعرف على بعض المحكوم عليهم مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية، ومعاينة النيابة العامة.

وتضمنت أدلة الإثبات التي ارتكنت إليها المحكمة في إدانة المتهمين، إقرارات واعترافات المحكوم عليهم بأنفسهم في التحقيقات، وعددهم 111 محكومًا عليه أدلوا باعترافات وإقرارات تفصيلية بالتحقيقات تفيد بارتكابهم للجرائم المسندة إليهم.

وأكدت المحكمة أنها لا تعول على إنكار المتهمين الحاضرين، بحسبانهم يتبعون ذلك المنهاج للهروب من المسؤولية الجنائية الملقاة على كواهلهم، بغير سند من الواقع أو القانون، ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الإنكار وتعرض عنه.

وذكرت المحكمة أنها تطمئن إلى صحة ما شهد به شهود الإثبات، التي أيدتها التحريات النهائية في الدعوى، من أن المتهمين محمد نصر فرج الغزلاني وعبد السلام زكي بشندي وعبد المجيد محمود عمران وعاطف شحات عبد العال ومحمد على الصيفي وسعيد يوسف عبد السلام صالح ونصر إبراهيم على الغزلاني وخالد عبد الله محمد إبراهيم وعلى حسن عامر أبو طالب وعبد الرحيم عبد الحليم عبد الله جبريل، حضروا اجتماعا يوم 12 أغسطس 2013 بمنزل المتهم عبد السلام زكي بشندي، وكان الأمر والنهي فيه للمتهمين الخمسة الأُوَل المذكورين، وأجمعت كلمتهم واستقر بهم العزم على شراء أسلحة نارية مستعينين في ذلك ببعض أعضاء ما يسمى "اللجان الشعبية" وبعض الأعراب، مستغلين في ذلك حالة البغض لدى الأخيرين تجاه قوات الشرطة ورجالها، وعقدوا جميعا العزم -بنفوس هادئة عالمة بما تدبر له- على مهاجمة مركز شرطة كرداسة، حال قيام الشرطة بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وقتل كل من يتواجد أمامهم بالمركز.

وأكدت المحكمة أن المتهمين تم لهم ما أرادوا، بشراء الأسلحة اللازمة لتنفيذ غرضهم الإجرامي إلى أن علموا يوم 14 أغسطس 2013 بفض الشرطة لاعتصامي رابعة والنهضة، فكان ذلك "ساعة الصفر" بالنسبة لهم، حيث بدأ كل من المتهمين بتنفيذ دوره المتفق عليه، فقام البعض منهم بإثارة نفوس أهل قريتي كرداسة وناهيا داعين إياهم لمهاجمة المركز مستغلين كلمتهم المسموعة بين أهلهم وذويهم من تلك الجهات، وكون بعضهم من أئمة المساجد والمدرسين بالمدارس، وكون البعض الآخر على صلة بالمسجلين جنائيا وسائقي الميكروباص مثل المتهمين شحات مصطفى محمد على ومحمد مصطفى محمد على، وأثار هذا الفريق من المتهمين "النزعة الدينية ووجوب الجهاد ضد الشرطة ورجالها" لأنهم كما زعموا– من الكفار.

وقالت المحكمة إنه قد تحقق لفريق الإثارة ما أرادوا وكثر العدد أمام مركز شرطة كرداسة، وبدأ الجميع في قذف الحجارة وقنابل المولوتوف صوب المركز، بينما قام فريق آخر من المتهمين بإشعال النار في إطارات السيارات، بغية حصار أفراد الشرطة داخل المركز، وقام فريق من المتهمين بغلق مداخل القرية (كرداسة) مستعينين في ذلك ببعض الأعراب المسجلين جنائيا، وقام فريق ثالث من المتهمين باعتلاء أسطح العقارات المحيطة بالمركز، وتمركز الآخرون بموقف سيارات الأجرة وصالة الأفراح المواجهين للمركز، وأطلق الجميع وابلا من الأعيرة النارية صوب قوات الشرطة أمام وداخل المركز.

وأكدت المحكمة أن تلك الأفعال أدت إلى إصابة المجني عليهم محمد عبد الحميد فاروق وأكرم عيد حنفي ومحمد محمد فهيم، ووفاة الآخرين من قوات الشرطة، إلى أن حضر المتهم عبد السلام زكي بشندي وشاهد الموقف على الطبيعة، فأصدر أوامره بإطلاق أسلحة المدفعية، حيث قام المتهم وليد سعد أبو عميرة غراره بإطلاق قذيفة صاروخية من طراز (أر بي جي) هدمت سور المركز الخارجي، بينما أطلق آخر مجهول قذيفة من ذات النوع أصابت مدرعة الدفاع الخاصة بالشرطة، فأصابت مجندي شرطة حديثي العهد بالعمل، فأصابهما الفزع لهول ما حدث وسارعا بالاحتماء بمركز الشرطة، وصعدا للطابق العلوي.

واسترسلت المحكمة في استعراض وقائع الدعوى، من إسراع المتهم محمد نصر الدين الغزلاني بتقسيم المتهمين إلى فرق ثلاث، اتجه أولها لتعزيز غلق مداخل البلدة، واتجه الثاني لاقتحام المركز مشهرين الأسلحة النارية والبيضاء في وجه الماكثين داخل المركز من رجال الشرطة عارضين عليهم تسليم أنفسهم وأسلحتهم مقابل توفير ممر آمن لهم، وإذ رضخت القوات لهذا الطلب -الذي لم يكن في وسعهم رفضه- حتى خان المتهمون من أفراد المجموعة الثانية العهد، وبدأوا في التعدي على قوات الشرطة ضربا بالأيدي والأسلحة النارية، واقتادوهم خارج مقر المركز حيث سلموهم للمجموعة الثالثة نفاذا لأوامر المتهم الأول سالف الذكر، حيث توجهوا بهم لمسجد الشاعر حيث مقر تجمع ما يسمى باللجان الشعبية.

وقالت المحكمة إنه ما أن حاول المجني عليه اللواء مصطفى إبراهيم الخطيب الفرار بنفسه من هذا الجحيم، والصعود إلى أحد العقارات المجاورة للمركز، حتى عاجله المتهم عاطف شحات عبد العال بعدة أعيرة من سلاح ناري كان يحرزه، فأصابته الطلقات في رأسه من الخلف وأرداه قتيلا. وبينما حاول الأهالي مساعدة الضابط هشام جمال الدين محمود وأمين الشرطة تامر سعيد عبد الرحمن على الهرب، فقد أطلق المتهم محمود محمد السيد الغزلاني عيارا ناريا أصابه في رأسه فقتله على الفور، في حين أطلق المتهم أحمد محمد يوسف عمار عيارا ناريا من مسدس كان يحرزه، أصاب المجني عليه الثاني وسقط أرضا، فعاجله المتهم محمد محمد الغزلاني بعدة أعيرة نارية من بندقية آلية كان يحرزها فأرداه قتيلا.

وذكرت المحكمة أن المتهمين -بمن فيهم المتهمة سامية حبيب شنن- قاموا بالتعدي بالضرب على المجني عليه الضابط عامر عبد المقصود بغية قتله، بينما قام المتهم أشرف السيد العقباوي بغرز نصل سلاح أبيض كان يحوزه في رسغ يده اليسرى، على نحو مكّنه من سرقة ساعة يد كانت بيده.

ولفتت المحكمة إلى أن بعض المتهمين من أهالي قرية "ناهيا" حضروا لمشاركة أهل "كرداسة" هذا المشروع الإجرامي، وسارعوا بوضع جسد المجني عليه الضابط عامر عبد المقصود بصندوق سيارة قيادة المتهم أشرف سيد السيد الطنطاوي، وطافوا به قرية "ناهيا" مبتهجين فرحين بفعلتهم الآثمة، إلى أن فاضت روحه لبارئها. في حين تزامن على ذلك قيام المجموعة الثالثة من المتهمين باقتياد المجني عليهم محمد عبد المنعم جبر وإيهاب أنور مرسي ومحمد فاروق وهدان ومحمد سيد أحمد عبد الله وهشام إبراهيم بيومي ومعتمد سلطان عباس وعماد سيد محسن ورضا عبد الوهاب محمد سعد ومحمد عبد الحميد فاروق وعدد من مجندي الشرطة، بحانوت إصلاح دراجات بخارية بالقرب من مسجد الشاعر، وقاموا بالتعدي عليهم بالضرب وتصويرهم حال ذلك بالهواتف المحمولة، إشباعا لما في أنفسهم من ضغينة وحقد تجاه الشرطة وإمعانا في إذلالهم.

وأضافت المحكمة أن المتهم الأول حضر وصوب سلاحه الناري الذي كان يحرزه، صوب المجني عليهم المذكورين، فقتلهم جميعا، عدا المجني عليه هشام إبراهيم بيومي، الذي توفي عقب تعدي المتهمين عليه بالأسلحة البيضاء والمجني عليه محمد عبد الحميد فاروق، الذي تمت مداركته بالعلاج بعد أن اعتقد المتهمون أنه مجند بالشرطة.

وذكرت المحكمة أن عددا من مقتحمي مركز الشرطة قاموا بسرقة جميع ما في المركز من أسلحة ومهمات، وكذا الجراج الخاص بالمركز، بينما قام المتهم عمرو يوسف مبروك عبد الصمد بقيادة معدة الهدم "لودر" المملوك للمتهم جمال إمبابي إسماعيل، وهدم به سور المركز الخارجي تماما، بينما قام بعض المسجلين جنائيا بإشعال النار في المركز فاحترق المبني تمامًا مشيرة إلى أنه إمعانا في إرضاء شهوة الانتقام، قام المتهم الأول بالاستعانة بعدد من المتهمين المشاركين في الواقعة والمتواجدين بمسرح الأحداث، لغلق مداخل البلدة لمنع دخول أي قوات من الشرطة لتدارك أثار ما حدث.

وأكدت المحكمة أنها تخلص من جماع ما تقدم -وعلى نحو لا يقبل الشك أو التأويل- أن ما حدث كان أمرا معدا له، وممنهجا على نحو أدى فيه المتهمون أدوارهم التي حددت لهم، سواء من قام بالقتل العمدي والشروع فيه، أو من أتى عملا من الأعمال المادية المكونة لفعلي القتل العمد والشروع فيه.

وشددت المحكمة على أن من تواجد على مسرح الأحداث مشاركا في التجمهر، كان عالما بالقصد منه ومتيقنا للجرائم المزمع ارتكابها أثناء هذا التجمهر، ومدركا أنه من شأن التجمهر العدواني وقذف الحجارة وقنابل المولوتوف على مبنى مركز الشرطة أو اعتلاء سطح العقارات المجاورة والمواجهة لمركز الشرطة وإطلاق الأعيرة النارية وإطلاق قذائف الـ ( أر بي جي) تجاه سور المركز– إنما يمهد لاقتحامه.

ولفتت المحكمة إلى قيام البعض من المتجمهرين عدوانيا، بالقتل العمد والشروع فيه واحتجاز الضحايا داخل أحد الحوانيت، حتى صدور الأمر بقتلهم والمباهاة والتجمهر في فرح وسرور بتلك الأفعال الآثمة، وهو أمر يرتب مسؤولية من قتل وشرع في القتل وتواجد على مسرح الجريمة ليشد من أزر من تواجد، كان ذلك بإعمال نص المادة 3/2 من قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 أو بإعمال لنص المادة 43 من قانون العقوبات، وهو ما يؤكد صحة المساهمة الجنائية طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات.

وقالت المحكمة إنه تأكد لها من واقع أدلة الثبوت المتعددة، أن كلا من المتهمين محمد نصر الدين الغزلاني وعبد السلام زكي بشندي، كانا قد توجها لمركز شرطة كرداسة قبل اشتعال الأحداث، وطلبا من مأمور المركز مغادرة المركز والبلدة كلها ومعه جميع رجال الشرطة الموجودين بالمركز، غير أنه رفض ذلك وطردهما من داخل المركز، فخرجا وأشار المتهم عبد السلام زكي بشندي للتجمع الذي كان يتواجد خارج المركز من أتباعهما ومريدهما في إشارة إليهم بعلامة "الذبح" تعبيرا عن ضرورة قتل كل من يتواجد بالمركز.

وقالت المحكمة إنه تبين أيضا من أدلة الثبوت بقيام المتهم الأول، بعقد العزم على مهاجمة المركز إذا ما تم فض الاعتصامين الإجراميين برابعة العدوية والنهضة، حال كون المتهمين من أصحاب الأمر والنهي على جموع غفيرة من أهالي كرداسة وناهيا، ووصفهم لرجال الشرطة أنهم من "الكفار" وتحريض هذه الجماهير الغفيرة بالنداء عليهم بكلمة "حي على الجهاد".

وذكرت المحكمة أنه ثبت لديها من واقع أدلة الثبوت المطروحة أمامها، أن جرائم القتل والشروع فيه قد علمها المتهمون المتواجدون بمسرح الأحداث، وأن تحركهم وتجمهرهم كان أمرا "ممنهجا ومنظما ومتفقا عليه" لاسيما وقد سعى جمع من المتجمهرين بحمل المجني عليه الضابط عامر عبد المقصود ووضعه في الصندوق الخلفي لإحدى سيارات النقل، وصاحب ذلك قيام المتهمة سامية شنن بالتعدي عليه بالضرب بحذائها بعد أن خارت قواه، وصعبت عليه مقاومة هذا الاعتداء، حتى قام المتهم أشرف العقباوي بغرس نصل سلاحه الأبيض اليد اليسرى "الرسغ" حيث قطع شريان يده وسرق ساعته، والتهليل والتكبير والفرحة العارمة بموت المجني عليه.

وأضافت المحكمة أن الفريق الثالث من المتهمين قاد أفراد ورجال الشرطة المجني عليهم، بعد أن خدعوهم بتوفير ممر آمن لهم مقابل استسلامهم وترك أسلحتهم بعد أن نفذت ذخيرتها، ثم انهالوا عليها ضربا بالأيدي والأسلحة البيضاء واقتادوهم إلى أحد الحوانيت، وقد أنهكت قواهم إلى أن حضر المتهم محمد نصر الدين فرج الغزلاني، حيث قام بتصويب سلاحه الآلي إليهم وقتل منهم من قتل، بينما تم قتل المجني عليه هشام إبراهيم بيومي بالأسلحة البيضاء وقتل اللواء مصطفى إبراهيم الخطيب بعد أن عاجله المتهم عاطف شحات عبد العال بعدة أعيرة نارية استقرت خلف رأسه فأرداه قتيلا، بينما تم قتل أمين الشرطة تامر سعيد عبد الرحمن بعيار ناري أطلقه عليه المتهم أحمد محمد يوسف عمار فسقط على الأرض فسارع المتهم محمد محمد الغزلاني بإطلاق عدة أعيرة من سلاح آلي كان يحرزه فأرداه قتيلا.

وأكدت المحكمة أنه في ضوء ما تقدم فإنها تجزم أن الواقعة كانت نتاج تجمهر إجرامي متفق عليه، ومقصود به قتل أكبر عدد من أفراد رجال الشرطة، انتقاما من فض اعتصامين إجراميين برابعة العدوية والنهضة، مشيرة إلى أن المشاركين في هذا التجمهر تناسوا أن هذا الفض كان مقصود به استعادة هيبة الدولة والقضاء على "ورم سرطاني" أراد منفذوه أن يتحدوا به سلطة دولة في إخلال الأمن والسلامة بأرضها والقضاء على هذا التحدي الإجرامي الذي نفذه فاعلوه من أنصار جماعة إرهابية أسمت نفسها بالإخوان المسلمين، بما يدرأ ما أثاره الدفاع من قول فاسد يفتقد أساسه عن الواقع أو القانون وبإثارة ظلال الشك حول مسؤولية المتجمهرين التضامنية طبقا لنص المادتين 2، 3 من القانون 10 لسنة 1914 واعتبار من تواجد كل من المتهمين بهذا التجمهر الإجرامي مسؤولاً عما تم اقترافه من جنايات القتل العمد والشروع فيه.

ولفتت المحكمة إلى أنه قد استقر في يقينها وظفر بقناعتها -طبقا لما استبان بالتقارير الطبية الشرعية والتقارير الطبية بالنسبة لباقي المجني عليهم- أن الإصابات التي لحقت بالمجني عليهم، في أغلبها حدثت نتاج "إطلاق النار عليهم في مواضع قاتلة من الجسم كالرأس والصدر العنق" باستخدام أسلحة نارية صوبها القاتل إلى موضع قاتل بطبيعته، وبالنسبة لمن تم قتله بالضرب المبرح المتوالي، الذي يفصح بجلاء عن اقتناع المتهم بالقتل باستمرار فعل الضرب بصورة تفيد عزم القاتل على انتزاع الحياة من جسد المجني عليه، وتصميمه على ألا يترك المجني عليه إلا جثة هامدة، لاسيما أن المجني عليهم الذين قتلوا بغير سلاح ناري، قد استخدم القاتل في إحداث الوفاة السلاح الأبيض، سواء بقطع شرايين اليد أو بالضرب المتوالي بالأسلحة البيضاء في مواضع قاتلة من جسد المجني عليهم، بما يفصح -في جلاء ووضوح- عن أن توجيه السلاح الناري أو السلاح الأبيض إلى أماكن قاتلة بطبيعتها كان بقصد انتزاع الروح من جسد المجني عليهم.


وأضافت المحكمة أنه بالنسبة لمن تم الشروع في قتله –وعددهم 30 مجنيا عليه– فقد أصيبوا وقت التعدي عليهم، نتاج قصد المتجمهرين قتلهم عمدا، بحدوث إصاباتهم بمختلف الأسلحة والقذائف المستعملة والعصي ومختلف أدوات التعدي، بغية قتلهم إرضاء للحقد والغل الكامن في نفوس المتهمين والبغض الشديد لرجال الشرطة، وذلك باستخدام ما تقدم الإشارة إليه من أسلحة وأدوات في مواضع قاتلة من أجساد المجني عليهم، بهدف انتزاع الروح من أجسادهم، غير أن أثر الجريمة قد خاب بالنسبة لهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه، وهو مداركة المجني عليهم بالعلاج، وهو ما ينبئ عن توافر القصد الخاص (نية إزهاق الروح) في جناية الشروع في القتل العمد وتحاسبهم المحكمة على هذا الأساس.

وفندت المحكمة ما ورد بدفاع المتهمين من بطلان استجوابهم لعدم حضور محام مع المتهم أثناء استجواب النيابة العامة لهم طبقا لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، مشيرة إلى أن هذا الدفع مردود عليه أنه ثابت بالتحقيقات ومحاضر الاستجواب التي باشرتها النيابة العامة أنها لم تشرع في استجواب أي منهم إلا بعد أن أرسلت إلى نقابة المحامين بالمكان الذي يتم فيه التحقيق ولم يتيسر حضور أي محام ليتم الاستجواب في حضوره، بالإضافة إلى انتفاء تواجد أي من المحامين للحضور مع المتهمين إبان استجوابهم، وكانت حالة السرعة واستجلاء الحقيقة والخشية من ضياع الأدلة هي المسيطرة في هذا الوقت والأحداث في بؤرتها، ومن ثم ينتفي وصف البطلان عن إجراءات استجواب المتهمين.

وذكرت المحكمة أنه تأكد لها صحة صدور أوامر الحبس الاحتياطي بحق المتهمين، واتفاقها مع صحيح أحكام القانون، وأن التحريات التي أجريت في القضية هي تحريات جدية وكافية لإصدار الأمر بالتفتيش والضبط وتقرها المحكمة.. مشيرة إلى أنها تطمأن إلى كون تلك التحريات جاءت مفصلة وصريحة وواضحة وتحوي في طياتها بيانات كافية لصدور الأذون وأوامر الضبط والإحضار، وتصدق من أجراها وتقتنع أن من أجراها هو الذي سطر محضر التحريات ومن ثم يضحي الدفع ببطلانها على غير سند من صحيح القانون وترفضه المحكمة.

وقالت المحكمة إن أدلة الثبوت التي تم طرحها أمام المحكمة، لم يرد بها ما يخالف إعمال قواعد العقل والمنطق عليها، ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع من دفع يتعلق بعدم معقولية تصور حدوث الواقعة.

وردت المحكمة على الدفع الذي أثاره الدفاع بزعم بطلان اتصال المحكمة بالدعوى وعدم اختصاصها بنظر الدعوى الماثلة وانعدام قرار رئيس محكمة استئناف القاهرة بتشكيل دوائر خاصة لنظر قضايا الإرهاب – أن قانون السلطة القضائية قد أوكل للجمعيات العمومية لمحاكم الاستئناف مهمة الاجتماع للنظر في ترتيب وتأليف الدوائر وتشكيل الهيئات وأن الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة متى أوكلت وفوضت لرئيس تلك المحكمة طبقاً للمادة 30/2 من ذات القانون، فإن ذلك لا يعدو كونه توزيعا للعمل لافتة إلى أن تكليف دوائر جنائية معينة لنظر قضايا الإرهاب أمرا يدخل في اختصاص رئيس محكمة استئناف القاهرة، الذي تفوضه فيه الجمعية العمومية لتلك المحكمة بما يتطلب رفض هذا الدفع والإعراض عنه.

ولفتت المحكمة إلى عدم صحة الدفاع ببطلان إجراءات المحاكمة تحت زعم سرية الجلسات وبما يخالف نص الدستور وقانوني الإجراءات الجنائية والسلطة القضائية موضحة أن هذا الدفع أثاره الدفاع كي يدرأ الشرعية الإجرائية عن محاكمة المتهمين مشددة على أن الأصل في الإجراءات هو الصحة، وأنه لم يثبت بالأوراق انعقاد المحاكمة بجلسة سرية، فضلا عن حضور المحامين وبدون تمييز للمركز القانوني لكل منهم، وأن المحكمة لم تمنع أحدا من حضور الجلسات.

وأضافت المحكمة أن محاضر جلسات نظر الدعوى، قد خلت من هذا الإجراء البغيض (المنع من الحضور) ومن ثم فإن مجادلة الدفاع في هذا المقام لا تعدو كونها محاضرة من الدفاع لم تجد لها سندا من الواقع أو القانون.

وأشارت المحكمة إلى أن المستندات الرسمية وأدلة الثبوت الرسمية، تقطع بعدم صحة ما أثاره الدفاع من دفع حول تواجد بعض المتهمين في أماكن أخرى وقت وقوع الأحداث كما قالت المحكمة بصحة تحريات المباحث الجنائية التي أثبتت ارتكاب المتهمين لما هو منسوب إليهم من اتهامات، وعدم صحة الدفع الذي ذكره الدفاع من عدم حياديتها وعدم تحديد مصادرها موضحة أن مأمور الضبط القضائي غير محظور عليه الاستعانة بمعاونين له من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين بشرط أن يقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات.

وأضافت المحكمة أنها اقتنعت واستقر في وجدانها صحة ما أوردته تحريات المباحث الجنائية وصلاحيتها كي تكون قرينة تكملها باقي عناصر الإثبات في الدعوى مشيرة إلى أن مأمور الضبط القضائي غير ملزم بالكشف عن مصادره السرية اللهم إلا إذا كان هذا المصدر قد ساهم فعليا في تشكيل الواقعة التي يستخلص منها مأمور الضبط القضائي شكل الواقعة التي يجرى المتحرى عنها.

وأوضحت المحكمة أنه ثابت من الأوراق المطروحة أمام المحكمة، أن التحريات التي أجرتها المباحث الجنائية، قد أكملتها أدلة الثبوت في الدعوى، القولية منها والفنية، بما يطرح ما يثيره الدفاع لإدخال الشك في قناعة المحكمة نحو هذه التحريات التي لم يثبت منها قيام المصادر السرية بدور فعلي في بيان شكل الواقعة محل المتحرى عنها لافتة إلى "تلاقي تاريخ التحريات مع أقوال شهود الإثبات في الدعوى مع الدليل الفني منها" ومن ثم لا تعول المحكمة على هذا الدفع، وتضحى أذون النيابة العامة بناء عليها، أمرا تقر المحكمة معه سلطة التحقيق.