رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور.. عودة "السنجة" و"السيف" في احتفال المصريين بالمولد النبوي

جريدة الدستور

يحتفل المسلمون في كل أرجاء العالم في مثل هذا الوقت من العام الهجرى بذكرى مولد النبي-صلَّى الله عليه وسلم.

وتتنوع طرق الاحتفال وتختلف باختلاف الأزمنة والأماكن، من حيث مظاهره وبهجته، ومع التقدم والتطور والعولمة التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة؛ اختلفت العادات والتقاليد في الاحتفال بهذه المناسبة التي تحل علينا كل عام.

واختلف الشعب المصري في شكل الاحتفال بهذه المناسبة من منطقة لأخرى، لأن عادات وتقاليد الاحتفال بالمولد النبوي في مصر لها مظاهر وانطباعات خاصة.

وقد ابتكر الشعب المصري أشكاله الخاصة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، التي تعبر عن روح الشعب المصري وحضارته، وتتميز وتختلف عن أشكال الاحتفال في بلدان العالم الإسلامي الأخرى، ولعل حلوى المولد وعرائسه، من أبرز طقوس الاحتفالات الشعبية في مصر.

صدر الإسلام
اقتصر الاحتفال بالمولد النبوي في صدر الإسلام على تلاوة القرآن، والإكثار من أعمال البر، وعندما اتسعت الدولة الإسلامية، وخالط المسلمون الفرس والرومان، كان عليهم أن يسايروا أساليب الحضارة في تلك الممالك والبلاد التي فتحوها، فقلدوهم في عاداتهم التي لا تتعارض مع الأخلاق العربية الكريمة ولا ينهي عنها الدين.


احتفال الأمويين بالمولد
وكانت البادرة من الأمويين، ثم تبعهم العباسيون، الذين تفننوا في ابتكار طرق احتفالية أثارت إعجاب الملك، وهم أول من احتفل بمولد النبي، وقد اشتهر عن "مظفر الدين" صاحب أربل في العصر العباسي، عنايته الفائقة بالاحتفالات الدينية، التي كانت تبلغ غايتها في الاحتفال بمولد الرسول الكريم، واقتفى أثره في ذلك السلطان "أبو موسى صاحب تلمسان بالمغرب".

عصر الدولة الفاطمية
حرص الفاطميون على إعادة صياغة عقل الشعب وروحه، وحياته العامة والخاصة، حيث اتخذت الحياة الاجتماعية المصرية في ذلك العصر، مظاهر تألقت بألوان من البذخ والترف والفخامة، وكانت هذه الحياة ـ مرآة للدولة الفاطمية ـ التى طبعت بمنهاجها السياسي والديني والفكري على حياة المصريين، وبالرغم من تحفظ الشعب المصري على غايات الفاطميين المذهبية، إلا أنه استمتع بالفيض الفاطمي، وروعته في مواكب الخلافة، ورسومها الباهرة، ومآدبها الشهيرة، وعطاياها المأثورة، ومازال كثير من آثار تلك الرسوم والاحتفالات في أعيادنا وتقاليدنا الدينية المعاصرة.

عصر الدولة الأيوبية
أبطلت الدولة الأيوبية كل مظاهر الاحتفالات الدينية، فقد كان السلطان صلاح الدين يوسف يهدف إلى توطيد أركان دولته لمواجهة ما يهددها من أخطار خارجية، واقتلاع المذهب الشيعي، من خلال محو كل الظواهر الاجتماعية التي ميزت العصر الفاطمي.

الدولة الحديثة
وبعدها مرت مصر بمراحل عديدة، تنوعت واختلفت فيها العادات والتقاليد المصرية، في أشكال الاحتفال بالموالد والمناسبات الدينية المختلفة، التي كان ينتظرها المواطنون من عام لآخر؛ حتى يفرجوا عما بداخلهم من شوق مخزون لهذه المناسبة.

وفى السنوات الأخيرة شهدت مراسم الاحتفال بالمولد النبوي في بعض المناطق، العديد من الأفعال الفاحشة والمسيئة، التي أدت إلى استياء الكثير، من تناول للخمور، والراقصات اللاتي يتجمع حولهن الشباب ويتبادلون الرقص والهرج معهن، وسط أعداد كبيرة من المتفرجين، في ذكرى ميلاد النبي، واستمرت هذه المراسم إلى ما يقرب ربع قرن مضى، وعندما بدأت تنتشر المشكلات وأعمال الشغب والعنف في مثل هذه التجمعات، قامت الحكومة بمنعها، وخاصة في صعيد مصر.

مرحلة التطور
وبعدها عرفت مصر مرحلة التعليم والتطور، وعلمت أن كل ما كان يحدث فى الأعوام السابقة فى الاحتفال بالمولد النبوي ما هو إلا جهل وخرافات، ليقتصر الاحتفال على شراء الحلوى، وعرائس المولد التى تكونت من حلوى حمراء اللون، وبعض الأمسيات الدينية وحلقات الذكر، والإنشاد الديني.

عودة إلى عصر الجاهلية
ومرت السنوات حتى وصلنا إلى الأيام الأولى من عام 2015 الذي تزامنت بدايته مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فقد شهدت مراسم الاحتفال هذه المرة في بعض المحافظات، أعمالا لم نشهدها من قبل، إلا فى عصر الجاهلية والتخلف، حيث خرج الشباب إلى الشوارع حاملين "سيوفا، وسنجا، وأسلحة نارية" للمشاركة بها فى الاحتفال بالمولد النبوي، وهو ما يعد تطورا سلبيا، ولا يتفق مع المناسبة العطرة التي تستوجب احتفالا يليق بالنبي الكريم.