رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العلاقات المصرية - القطرية إلى أين؟


العلاقات الدولية بين الدول لا تتم من أجل سواد العيون فلا تعرف المجاملات ولا تؤمن بجبران الخواطر.. ولكنها المصلحة والمصلحة وحدها هى الفيصل والمحدد لهذه العلاقات سواء كان هذا اختلافًا أو اتفاقًا، ولذا فمصلحة الدول هى التى تحدد الاتفاقات والتحالفات، كما أن ما تملكه أى دولة من قوى صلبة وناعمة من أموال ومقدرات من نفوذ وتأثير هو الذى يحدد قدرة هذه الدولة أو غيرها على التأثير المباشر أو غير المباشر فى لعب الأدوار المحلية أو الإقليمية أو العالمية.
فهناك من يمتلك الموقع والمكان والمكانة ومن يمتلك الثروة والقدرة الاقتصادية، ومن له التأثير غير المباشر من خلال امتلاكه لأدواته الثقافية والفنية والعلمية المؤثرة ومن يمتلك القوة العسكرية ومن يلحق بذيل القوى الكبرى ليستمد الحماية من خلال القيام بالأدوار المطلوبة منه.

والعلاقات المصرية العربية ومنها القطرية لا شك وعلى المستوى الشعبى تظل علاقات أخوة وأشقاء من المنطلق العروبى والقومى ومن دور مصر العربى كشقيق أكبر وهو الدور الذى وضعه القدر وأكده التاريخ وأثبتته الجغرافيا والذى وضع على كاهل مصر عبر التاريخ وحتى اليوم، وقطر هى دولة ضئيلة الحجم قليلة العدد متواضعة الإمكانات أراد لها القدر أن ينعم عليها باكتشاف البترول فى أراضيها فكانت لها الأموال التى لا تتناسب مع موقعها الجغرافى فأرادت الإمارة القطرية أن تلعب دورًا فى المنطقة أكبر من قدرتها فلحقت بأمريكا كقوى كبرى فى العالم فكانت أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة على الأراضى القطرية الشىء الذى يخدم إسرائيل فى المقام الأول.

ولذا أصبح من الطبيعى أن تكون هناك علاقات قطرية إسرائيلية معلنة، الشىء الآخر أن قطر كانت ضمن دول الخليج التى هاجر إليها جماعة الإخوان بعد خلافهم مع ثورة يوليو والتى كانوا يريدون السيطرة عليها كعادتهم ولذا تم تكوين تنظيم إخوانى قطرى من أبناء قطر يخضع للتنظيم الأم فى مصر وسيطر على الإعلام والتعليم على حد قول الشيخة موزة، الشيء الذى جعل الأمراء القطريين أسرى لهذه الجماعة ولذا وجدنا الدور القطرى الذى بدأ بقناة الجزيرة قبل 25 يناير وأثناءها وبعدها فى مساندة جماعة الإخوان حتى تم لهم الوصول إلى الحكم بمساندة أمريكية غير مباشرة وبتعضيد قطرى سياسى وإعلامى واقتصادى مباشر، والاتفاقات والودائع التى أغدقت على مرسى وجماعته والتى تم سحبها بطريقة لا تعرف العرف ولا القانون خير دليل، ولذا كان من الطبيعى أن تصدم قطر وأمراؤها على سقوط مرسى والإخوان بعد 30 يونيو فكان هذا الموقف المتعنت والدور المخزى الذى لعبته قطر وقناتها ضد 30 يونيو وضد السيسى والأهم ضد مصر وشعبها وأمنها وسلامها، كما أن موقف قطر هذا توافق بل تطابق مع موقف تركيا أردوغان ذلك الإخوانى الذى يزكيه إحساس بعودة الخلافة العثمانية والتى كان يعتمد على تحقيقها بوصول الإخوان إلى حكم مصر لما لمصر من قدر وقدرة وموقع وتاريخ.

ولكن ما حدث فى 30 يونيو أصاب هذا الأردوغان بخيبة أمل تمثلت فى ذلك الدور المشبوه الذى يلعبه ضد مصر شعبًا وقيادة بحجة الحفاظ على الديمقراطية المزعومة التى يستحقها أردوغان الآن يوميًا بممارساته القمعية فى مقابل هذا كان الدور العروبى القومى العظيم الذى اتخذه الملك عبد الله ملك السعودية منذ اللحظة الأولى فى 16/8/2013، عندما أعلن مساندته لمصر فى مواجهة الإخوان ومن وراءهم. فكان من الطبيعى أن تلبد الغيوم سماء مجلس التعاون الخليجى خاصة بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين أن الإخوان جماعة إرهابية فتم سحب السفراء الشىء الذى أصاب قطر بعزلة لا تعوضحها الأموال أو العلاقات مع أمريكا أو تركيا. ولعبت السعودية دورها المقدر لرأب الصدع لإعادة العلاقات بين مصر وقطر حفاظًا على التوحد العربى لحماية المنطقة من الأخطار المحيقة بها فتم إعادة السفراء إلى قطر وتم عقد اجتماع مجلس التعاون برئاسة قطر، وأعلن من جانب قطر عن دور مصر المقدر وعن مساندة مصر حكومة وشعبًا وما كان من مصر وإعمالاً لدورها العروبى إلا أن تتجاوب مع مبادرة الملك عبد الله حفاظًا على التوحد العربى وكانت البداية إغلاق قناة الجزيرة مصر مباشر من الدوحة على أن تبث من القاهرة فى وقت لاحق، فهل يمكن ومن خلال هذه المعطيات التى نراها على أرض الواقع أن تكون قطر تمتلك قرارها لعودةالعلاقات الطبيعية مع مصر؟ وهل بعدما تم وكان ستعترف بأن 30 يونيو ثورة؟ وماذا سيكون علاقاتها مع الإخوان سواء المحليين فى قطر أو الهاربين إليها أو التنظيم الدولى الذى توالى قطر بمساعداتها إليه ماديًا وسياسيًا؟ وما حدود العلاقة القطرية المصرية على ضوء العلاقة التى تتسم بالتبعية لأمريكا والتى توصف بالاستراتيجية مع تركيا؟

نعم العلاقات الدولية لا تكون المتغيرات لديها إلا بالتراكم خاصة فى المجال الإعلامى ولكن هل سيقبل المصريون عودة العلاقات بشكل طبيعى بعد ذلك الدور القطرى المعادى والذى كان على طول الخط؟ هنا لا شك فموقف القيادة المصرية المتمثل فى السيسى والذى يتسم بالهدوء والثقة فى النفس المستمدة من مكانة مصر ودورها والذى قال إننا ننتظر ونشاهد ونرصد، فنحن مازلنا ننتظر ونشاهد ونرصد والفيصل أولاً وأخيرًا هو مصلحة مصر وطنا وشعبًا والتى لا تتناقض مع دور مصر القومى والعروبى الذى يسعى إلى إعادة اللحمة العربية حتى يمكن أن نواجه المخاطر المحدقة بنا من كل الجوانب وعلى كل المستويات، فمصر قدمت السبت وتنتظر الأحد مصر أكبر من الصغائر وأن كانت لا تقبلها، وعلى الشعب المصرى أن يعلم جيدًا أن العلاقات مع قطر أو غيرها الذى يحددها هى قدرة مصر والمصريين على بناء مصر الجديدة الديمقراطية القوية العفية التى تعود إلى دورها التاريخي، مصر كل المصريين.

■ كاتب وبرلمانى سابق