رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة الإخوان فى قطر


كانت قطر بمثابة منطقة.. وفيها أربع شُعَب، وكل شعبة فيها أربع أسر، وكل أسرة تتكون من خمسة أفراد، ثم هناك فى القمة مكتب إداري، واختار الإخوان هناك رجلاً من كبار العلماء القطريين كى يكون مراقبًا عامًا للإخوان هناك هو الشيخ

جلس قادة الإخوان فى حضن قطر يتمنون أن يطول العناق، ولكن الإخوان غاب عنهم أن قطر لم تحبهم «لله فى لله» ولكن قطر فى كل استقبالاتها لهم تكن تتصرف من عندياتها، «فهى ليست لها عنديات أصلاً» إذ كانت منذ عام 1916 واقعة تحت احتلال بريطانى وكان هدف بريطانيا من قطر أن تكون نقطة انطلاق تسيطر من خلالها على منطقة الخليج، وإذا كان الزعيم المصرى جمال عبد الناصر قد أعلن منذ ثورة يوليو 1952 عداءه لسياسات الاستعمار البريطانى ومن بعده الهيمنة الأمريكية، كما أعلن انحيازه لكل حركات التحرر فى العالم، وكانت جماعة الإخوان هى أكبر خصوم عبد الناصر ونظامه، إذن فلتصدر الأوامر من أمريكا القائد الجديد للعالم، للشيخ «على بن عبد الله آل ثانى» ومن جاء بعده من الأمراء حتى يكونوا على أهبة الاستعداد لإيواء الإخوان واتخاذهم وسيلة لإزعاج مصر وتهديدها، لعل سلاح الإخوان ينفعهم ذات يوم، وبعد سنوات أصبحت لأمريكا أكبر قاعدة عسكرية فى قطر، وأكبر قاعدة إعلامية وهى قناة الجزيرة، ثم أكبر قاعدة دينية وهى جماعة الإخوان، ومن هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء بدأت أمريكا فى تنفيذ مخططها الرامى إلى تفتيت المنطقة كلها، وتحويلها إلى مجموعة من الدويلات المتحاربة على خلفية عقائدية، وبالأمر المباشر ساهمت قطر بأموالها وقناتها الإعلامية فى «صُنع ثورة» فى مصر، ليست ثورة طبيعية، ولكنها مثل اللؤلؤ الصناعى الذى يتم تكوينه عن طريق تدخل الإنسان فى أنسجة المحارة، وهو ما يسمى «بالتحفيز الصناعى»، ثم عن طريق نفس طريقة التدخل القطرى فى أنسجة المجتمع المصرى تم وضع الإخوان على كرسى الحكم، وبالمال الذى لا حصر له تستطيع أن تفعل كل شىء، وأمام سقوط حكم الإخوان بالثورة المصرية الحقيقية الطبيعية لم يكن من بد أمام قطر ومن يحركها إلا الاستمرار فى دعم الإخوان واحتضانهم عسى أن تنفع مخططاتهم فى تثوير الشعب مرة أخرى وإعادة الإخوان للحكم، وحين بات مقطوعًا به فشل هذا التثوير اتجهت أمريكا إلى مخطط آخر، وهذا المخطط يقتضى أن تتفرغ قطر لمعركة أخرى، ومعركتها الأخرى تقتضى صلحًا وهميًا مع جاراتها يكون عربونه ترحيل بعض الإخوان على دفعات إلى دولة أخرى ولتكن تركيا، ثم ننتظر بعد ذلك دور قطر فى القضاء على سوريا الدولة والجيش والتاريخ تحت مسمى القضاء على داعش.

ولكن كيف تكوَّن تنظيم الإخوان فى قطر، يحدثنا التاريخ أن البداية من مصر عبر شيوخ الإخوان القرضاوى وعبد البديع صقر، حيث اهتم شيوخ الإخوان فى الخمسينيات والستينيات ببناء المساجد والمدارس، والمعاهد الدينية، وعقدوا صلات قوية مع الحكام، ووجهوا اهتمامهم للعمل الخيرى والدعوي، فتأثر بهم عدد من الشباب القطري، وفى منتصف السبعينيات تشكل تنظيم الإخوان القطرى من خلال اجتماع حضره مائة شخص قطرى بمباركة من يوسف القرضاوى والشيخ على السالوس، وقرروا تشكيل تنظيم الإخوان فى قطر، وأنشأوه على نفس نظام تنظيم الإخوان الأم فى مصر.

فكانت قطر بمثابة منطقة.. وفيها أربع شُعَب، وكل شعبة فيها أربع أسر، وكل أسرة تتكون من خمسة أفراد، ثم هناك فى القمة مكتب إداري، واختار الإخوان هناك رجلاً من كبار العلماء القطريين كى يكون مراقبًا عامًا للإخوان هناك هو الشيخ «عبد الله الأنصارى».

وكان الشيخ الأنصارى قد ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالإخوان من خلال الشيخ يوسف القرضاوي، وفى منتصف الثمانينات جاء الأنصارى مع القرضاوى إلى مصر وتقابلا مع الشيخ عمر التلمسانى مرشد الإخوان، وفى أيامها رحب الإخوان ترحيبًا كبيرًا بالشيخ الأنصاري، وألقى درسًا فى حضور الشيخ القرضاوى بمسجد «خضر التونى» بمدينة نصر.

وفى تلك الزيارة أعطى الشيخ عبد الله الأنصارى البيعة للمرشد عمر التلمسانى نيابة عن إخوان قطر، وبهذا أصبح إخوان قطر أعضاء فى التنظيم الدولى للجماعة، وقد ألقى الشيخ عبد الله خاطرة فى هذا اللقاء دار معظمها حول تاريخه وتلقيه العلم وحفظه للقرآن وهو بعد طفل صغير وتتلمذه على بعض علماء الحرم وإعجابه بحسن البنا وأمنيته أن يراه ويجلس معه ولكن الله لم ييسر له هذا الأمر فمات البنا ولم يلتق به الأنصارى، ومرت سنوات قليلة وجاءت بداية التسعينيات حيث مات الشيخ الأنصارى ليخلفه «جاسم محمد سلطان» الذى قام بدور كبير فى حل تنظيم الإخوان فى قطر.

وبعد حل التنظيم لنفسه فى قطر اجتمع مكتب الإرشاد لدراسة الأمر فى غضون عام 2000، وكانت الكلمة الغالبة ساعتها للحاج مصطفى مشهور»أبو هاني»، الذى قرر أن يكون الأمر مثلما هو فى الكويت، بمعنى أن يستمر الإخوان القطريون الرافضون لقرار حل التنظيم فى البقاء داخل التنظيم ويسعون إلى استعادة التنظيم مرة أخرى وضم أشخاص جدد له، على أن يعمل هذا التنظيم بشكل سرى جدًا، وأن يكون المسئول عنه يسمى «النائب» باعتباره سيكون نائبًا للمرشد فى مصر فى إدارة دفة التنظيم القطرى، وكانت كنية الأخ النائب الذى تم اختياره عام 2000هى «أبو عبد الله» ولا يزال أبو عبد الله هذا هو العقل المهيمن على حركة الإخوان فى قطر.