رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جماعة الإخوان الملحدين


لا تظن أنني سأتحدث عن تلك الظاهرة التي أخذت في الانتشار في بلادنا منذ عامين وهي ظاهرة "إلحاد الشباب" فكما سبق وأن قلت من قبل في بداية حكم الإخوان:"عندما وصل الإخوان للحكم كاد الشعب أن يكفر" وكان من آثار وصول الإخوان للحكم العديد من الآثار السلبية التي انتشرت ونحاول بكل ما نملك من قوة أن نواجهها، ولكنني سأتحدث عن شيئ آخر هو أن من ظن أن جماعة الإخوان "إسلامية" فقد وقع في خطأ كبير، فلا هي إسلامية ولا هم "مسلمون" وليس هذا من باب التكفير، فأنا أبعد الناس عن تكفير أحد، ولكنه توصيف دقيق للحالة التي تعيشها تلك الجماعة، لذلك أطلقت عليها "جماعة الإخوان الملحدين" ولتلك المقولة قصة، والقصة لها بداية.

وأول ما نبدأ القول نصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي نزل إليه قول ربنا "إقرأ" والقراءة هي طريق المعرفة، والمعرفة هي طريق الحكمة، والحكمة هي ضالة المؤمن، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والإخوان يريدون لدغنا للمرة الثانية بعد أن انكشف مستورهم، ومن أجل اللدغة الثانية التي يعدون لها أطلقوا مسوخهم من النساء والرجال في مظاهرات تخريبية تدميرية، عاثوا في الأرض فسادا بزعم الدفاع عن الدين، مع أن الدين يستشرف القيم، والأخلاق، والصدق، وحفظ النفس، الدين يحرك نوازع الخير في الإنسان، فإذا رأيت رجلا يكذب ويقتل، ويسرق، ثم يظهر أمام الناس وهو يرتدي ثياب الدعاة، فاعلم أنه ليس من شرار الناس، ولكنه شر الناس! فشر الناس من يلعب بالدين ليصل إلى الطين، من يرفع شعار الإسلام ليصل إلى حكم الدنيا!.

ومن أجل الدنيا والحكم سعى الإخوان، فتدحرجت كرتهم الثلجية من فوق جبل طموحاتهم وهم يشيرون إليها قائلين "في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء" ومع تدحرج كرة الثلج إذا بها تتحول إلى شيء آخر لا علاقة له بالدين ولا يعرف من الإسلام إلا الإسم، ولكنه يعرف فقط الإخوان، ومن أجل الإخوان يقوم كهنة المعبد بتلفيق القواعد الفقهية، يضعونها في غير موضعها، فالضرورات التي تبيح المحظورات والتي من معانيها أن المفسدة في بعض الأحيان لازمة لتحقيق المصلحة الراجحة، تتحول على يد الإخوان وهم يوازنون بين المصالح والمفاسد إلى الغاية تبرر الوسيلة، لــــــذلك مـــــن يـريد أن يفهم أفكار الإخوان السياسية فعليه أن يدرس هذه القاعدة جيدا ليعرف كيف هو دين الإخوان.

الانحراف بهذه القاعدة الفقهية إلى الغاية تبرر الوسيلة هو الذي يقودنا إلى ذلك الكهف السري القابع في دهاليز جماعة الإخوان، آن الأوان للكشف عن هذا الكهف، ولينظر من لا يصدق إلى أوراق التاريخ، كان الملك فؤاد في تقدير الإخوان مفسدة صغرى ولكنه كان عند الإخوان مفسدة سيتحقق من خلالها مصلحة راجحة هي تمكين الإخوان، وعلى ذات النسق كانت علاقتهم بالملك فــــاروق وإسماعيل صدقي والإنجليز والضباط الأحرار وعبد الناصر والسادات ومبارك وثورة يناير والمجلس العسكري، فإذا أثبتت الأيام عندهم أن هذه المصلحة الراجحة مشكوك في تحقيقها من خلال هذه الوسيلة، أو أن الوسيلة استنفدت أغراضها، فليس من مانع من تغييرها او التخلص منها .

أما الثابت الوحيد عند الإخوان فهو التنظيم لا الوطن، فالتنظيم يرونه دينا، والوطن هو مجرد وسيلة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويجوز لك من أجل الواجب أن تستخدم الوسيلة أو تستغني عنها أو تضحي بها، وبما أن تنظيمهم الدولي هو الذي سيقيم "دولة الإسلام" على أي بقعة من بقاع العالم تمهيدا لإقامة دولة الخلافة، لذلك فإن التنظيم الدولي حينئذ يصبح فريضة من فرائض الإسلام بل هو أعلى فرائضها، ومن توابع هذا الفهم يكون أعداء "فريضة التنظيم" هم أعداء الإسلام، ومن خلال هذه الآفة الفكرية أصبح القتال والتخريب والإرهاب عندهم فريضة إسلامية لا يقوم الدين إلا بها، وقد استقبلها شبابهم الغر على أنها "ذروة سنام الإسلام" لذلك فإنهم حين يقطعون الطرق ويحرقون الجامعات ويضربون أساتذة الجامعة يفعلون ذلك عبادة لله .

ولا تظن أن الإخوان يبيحون لأنفسهم قتالنا لمجرد أننا نختلف معهم أو حتى نعاديهم سياسيا وفكريا فقط ولكننا فوق هذا في نظرهم أهل "كفر" وجاهلية أشد وطأة من جاهلية العصور السابقة على الإسلام لأنها في ظنهم جاهلية تختفي خلف الإسلام فتحدث لبثا عند الناس، في حين أن الجاهلية الأولى كانت جاهلية ظاهرة تعلن كفرها صراحة . 

والحقيقة التي ما زالت خافية على الكثيرين هي أن إسلامنا غير إسلامهم، فإسلامهم يقوم على الاستعباد والرضوخ والتكفير، الأعلى يستبد والأدنى يرضخ، أما إسلامنا فهو إسلام العزة والحرية والتفكير، الإخوان لا يعرفون إلا استعباد البشر، ونحن في ظل الإسلام الذي عرفناه عشنا أعمارنا على أن العبودية لا تكون إلا لله وحده، فهل تظن أن العبيد سيفهمون أنهم عباد لله لا لخيرت وعزت وبديع؟! دين بديع على دين عزت على دين الشاطر لايعرف إلا صناعة العبيد، لذلك إن أصبح التراب تبرا أصبح للإخوان فكرا! .