رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على كنبة الموتى...«2»


الفكر الذى يقوم على التقية والمداراة هو فكر غير صحيح شرعاً، لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون كل فقه جماعة الإخوان قائماً على باطن لا يعرف عنه أحد شيئاً، ورغم اختلافى مع الفكر المنحرف لسيد قطب إلا أننى أحترم هذا الرجل لأنه كتب كتابه بيمينه ونشره ودافع عنه ولم يواره كما يوارى الرجل سوأته...

... فالإثم كما يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- هو ما حاك فى صدرك وخفت أن يطلع عليه الناس، ولاشك أن أفكار سيد قطب ومن قبلها أفكار حسن البنا القاتلة التى غلفها فى ورق سوليفان هى أخطر ما أنتجته قريحة السادة المتأسلمين منذ بداية القرن العشرين، ولكن حسن البنا قدم لنا القتل وسفك الدماء فى علبة قطيفة طيبة المظهر، فى حين قدم لنا قطب نفس الأفكار ولكن فى تابوت قاتم حالك السواد.

وإذا شاء حظك وقرأت للبنا ثم قرأت لقطب لوجدت أن المعنى واحد ولكن العبارات مختلفة ، فكل أفكارهم تفرق بين أبناء الوطن الواحد، وتنظر للأمة كلها ـ ما عداهم ـ على أنهم من الجاهليين الذين يجب الجهاد فى مواجهتهم، وفى تفسيراتهم المريضة للإسلام خلطوا بين الحابل والنابل فنسبوا الإسلام لأنفسهم واستخدموا آيات من القرآن فى غير موضعها، ومن الأفكار الخطيرة فى أدبيات الإخوان ما تقولوه بشأن فهمهم لمعنى الحاكمية لله، والحاكمية التى يتصورونها هى أن يحكم الإخوان، فإذا حكموا قام فى ظنهم حكم الله، أما إذا قلت لهم : وما هو حكم الله الذى تريدون تطبيقه لن يرد عليك أحد ، إن هى إلا شعارات تستخدم لإثارة الحماس دون فهم أو وعى، ثم لك أن تقرأ فى أدبياتهم اتهاماتهم لغيرهم من طوائف التأسلم السياسى أن إسلامهم منقوص! مع أنهم فى الحقيقة هم أصحاب الإسلام المنقوص والوطنية المفقودة، ذلك أنهم يجهلون قواعد المواطنة وأصولها، وآية ذلك ما أوردوه عن المختلفين معهم فى السياسة وفى أصول الحكم وكيفيته وطريقته، ونظرتهم للأقباط تخالف المنهج الإسلامى القويم ، ولعلنى اختم فى هذا المقال بوثيقة المواطنة -، دستور المدينة المنورة الأول الذى وضعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وساوى فيه فى الحقوق بين كلالمواطنين فى المدينة على اختلاف دياناتهم ، وثيقة الرسول صلى الله عليه وسلم ترد على الإخوان المسلمين فقد جاء فيها «بسم الله الرحمن الرحيم ..هذا كتاب من محمدٍ النبى -صلى الله عليه وسلم- بأنّ المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، إنّهم أمّة واحدة من دون الناس». 

وإنّه من تبعنا من يهود فإنّ له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم، وإنّ سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن فى قتال فى سبيل الله إلاّ على سواء وعدل بينهم. وإنّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإنّ بنى عوف أمّة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلاّ من ظلم أو أثم فإنّه لا يُوتغ «يهلك» إلاّ نفسه، وأهل بيته، وإنّ ليهود بنى الأوس مثل ما ليهود بنى عوف، وإنّ ليهود بنى ثعلبة مثل ما ليهود بنى عوف، إلاّ من ظلم أو أثم ، وإنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم».

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- فى وثيقته هذه قرر أن كل حقوق المواطنة مكفولة لأهل المدينة على اختلاف دياناتهم، ولا يجوز معاقبة أحد إلا إذا ارتكب جرماً يستحق العقاب، سواء كان من ارتكب الجرم من المسلمين أو من اليهود ، فأين هذا من فكر الإخوان الذين يناصبون أمتهم العداء، فيخرجونهم من الملة أحيانا ، ثم يخرجونهم من التوحيد دائما ، ثم يقتلون ويروعون ويهدمون ويستخدمون مجموعات من صبيانهم الذين لا يفقهون شيئاً ليحطموا وطنهم ، والصبيان غافلون عن بحر الدماء الذى يخوضون فيه ، إذ كيف لهم أن يفهموا وقد أغلقت قياداتهم عيونهم وأصموا آذانهم وصبوا فى رءوسهم ما يشاءون ، فهل يتحرك رئيس الوزراء مع المختصين ليضعوا منظومة علمية تضمن مواجهة هذا الفقه التكفيرى الأعوج، الله أعلم ؟!.