رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل شىء عن مسار خروج بنى إسرائيل.. مواقع المزارات والرحلات

جانب من الرحلة
جانب من الرحلة

كلف الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الحكومة بالعمل على إحياء «مسار خروج بنى إسرائيل»، لتنظيم رحلات سياحية إليه بالتزامن مع الانتهاء من أعمال التطوير فى موقع «التجلى الأعظم» بمدينة سانت كاترين فى جنوب سيناء، موجهًا بتكثيف الدعاية والترويج لهذا المسار وما يتضمنه من محطات ومزارات.

وللتعرف على قصة «مسار خروج بنى إسرائيل»، وأهم المحطات التى يشملها، ومن المقرر أن تشملها أعمال التنمية والدعاية التى كلف بها رئيس الوزراء، توجهت «الدستور» بمجموعة من الأسئلة إلى الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة «التاريخ والآثار» بالمجلس الأعلى للثقافة، صاحب كتاب «التجليات الربانية فى الوادى المقدس طوى»، فكانت هذه إجاباته.

المزارات تتضمن بئر مدين فى نبق بين شرم الشيخ ودهب

قال الدكتور عبدالرحيم ريحان إن «بنى إسرائيل» هم إخوة نبى الله يوسف، عاشوا على أرض مصر، تحديدًا فى «جوشن» أو «جاسان» المعروفة الآن بـ«وادى الطميلات»، وهو الوادى الزراعى الذى يمتد من شرق الزقازيق إلى غرب الإسماعيلية.

وأضاف «ريحان»: «عاشوا فى هذه المنطقة حتى جاء من نسل لاوى نبى الله موسى، الذى تربى فى مصر على يد أحد ملوكها، وخرج مرتين إلى سيناء، الأولى حين قتل خطأً أحد المصريين أثناء شجار مع عبرانى من أهله».

وواصل: «فى خروجه الأول، قابل نبى الله موسى فتاتين عند بئر مدين، وهى مدين سيناء وليس الشام، وهو ما أثبته علميًا فى كتابى (التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى)»، مشيرًا إلى أن «مدين» اليوم هى منطقة نبق، ما بين شرم الشيخ ودهب.

وأكمل: «عاد النبى موسى بعد ١٠ سنوات قضاها فى مدين، وفى طريق العودة رأى نارًا عند شجرة العليقة الملتهبة، الموجودة حتى الآن داخل دير سانت كاترين، والتى ناجى عندها ربه».

أما الخروج الثانى- والحديث لا يزال للدكتور ريحان- فكان مع أهله من بنى إسرائيل، الذين عبروا البحر الأحمر عند أقرب نقطة مرئية بنص القرآن الكريم: «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ» (الآية ٥٠ من سورة البقرة)، مشيرًا إلى أن الآية تدل على أن الغرق كان على مدى البصر ليشاهدوا المعجزة.

وأشار أيضًا إلى ما ورد فى «سفر الخروج ١٤: ٢١»: «ومد موسى يده على البحر فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء»، متابعًا: «وبالتالى فمعجزة شق البحر ذكرت فى القرآن الكريم والكتاب المقدس، وإنكارها يعنى ازدراء الأديان».

الرحلة تشمل عيون موسى ونفق أحمد حمدى وطور سيناء ووادى فيران

استعرض الدكتور «ريحان» محطات مسار رحلة بنى إسرائيل، مشيرًا إلى أنهم اتخذوا طريق جنوب سيناء فى هذه الرحلة، على حساب طريق شمال سيناء، رغم أن الأخير أقرب إلى الأرض المقدسة، مرجعًا ذلك إلى أن طريق شمال سيناء، وهو طريق «حورس» الشهير، كان حربيًا، وعليه عدة قلاع تبدأ من قلعة «ثارو» فى القنطرة شرق.

وأضاف: «عبروا عيون موسى لمسافة ٣٥ كم، من نفق أحمد حمدى حاليًا، إلى وادى غرندل، ومنه إلى منطقة معبد سرابيط الخادم حاليًا، حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا كما لهم آلهة، وهذا هو المعبد المصرى القديم الوحيد فى طريقهم، بل الوحيد فى كل سيناء، وبه تماثيل وسرابيط، وهى صخور منفصلة نقش عليها المصرى القديم أخبار حملات تعدين الفيروز، وقد أطلق على سيناء أرض الفيروز نتيجة استخراجه من هذه المنطقة حتى الآن».

وواصل: «ثم استمروا عبر ساحل خليج السويس، حتى وصلوا إلى موقع مدينة طور سيناء الحالية، وهناك أمر الله نبيه موسى بالتوجه إلى الجبل لتلقى ألواح الشريعة، فترك شعب بنى إسرائيل فى موقع بطور سيناء على خليج السويس، يطلق عليه وادى الراحة الثانى، حيث ارتاح شعبه لانتظاره، لكن وادى الراحة الأول هو الشهير بمنطقة سانت كاترين، وهو الوادى الذى ارتاحت فيه أسرته حين عودته من مدين ورؤية النار».

وأكمل: «نبى الله موسى ولى قيادة بنى إسرائيل إلى أخيه هارون، وذكر أنه سيغيب ٣٠ يومًا لتلقى الألواح، وفى الطريق زاده الله ١٠ أيام أخرى، فاعتقد بنو إسرائيل أنه لن يعود، وأقنعهم صائغ ماهر اسمه السامرى من بنى إسرائيل بإلقاء الذهب الذى حصلت عليه النساء من النساء المصريات وخرجوا به فى النار، ليتخلصوا من الذنب ففعلوا، لكنه كان ماكرًا فصاغه عجلًا ذهبيًا، وطلب منهم عبادته ففعلوا، وحين عاد نبى الله موسى بعد تلقى الألواح لامهم على فعلتهم الشنيعة، ونسف العجل فى اليم، وهو ما يؤكد عبادة العجل قرب بحر، وهو خليج السويس. أما منظر العجل المنحوت فى الجبل بوادى الراحة فى سانت كاترين فهذا شكل تخيلى كسائر الأشكال على جبال سيناء، ولا علاقة له بعبادة العجل».

وتابع: «أخذ نبى الله موسى بنى إسرائيل من موقع طور سيناء الحالى عبر وادى جميل، وهو وادى حبران، الذى تعمل الدولة على تمهيده وتأمينه وتزويده بالخدمات ضمن مشروع (التجلى الأعظم)، ويتميز بالعيون الطبيعية الغزيرة والنباتات الطبية المتنوعة، ثم توجه إلى موقع جبل الشريعة، وموقعه حاليًا فى مدينة سانت كاترين، حيث ناجى ربه طالبًا الاعتذار لبنى إسرائيل عن عبادة العجل».

واستمر مسار نبى الله موسى مع شعبه، عبر الطريق الساحلى الموازى لخليج العقبة بعد ذلك، حتى وصلوا إلى وادى باران جنوب فلسطين، وهناك أرسل موسى من يتعرف على أخبار المقيمين فى الأرض المقدسة، قبل دخول بنى إسرائيل إليها، وفق الدكتور «ريحان».

وأضاف: «رفضوا دخول الأرض المقدسة لاعتقادهم بوجود عماليق بها، وهم الكنعانيون أصحاب الأرض الحقيقيون، فقدر الله عليهم التيه ٤٠ عامًا، متخبطين بين شعاب وأودية سيناء، مارين بوادى فيران مرة، ووادى طابا ومنطقة وسط سيناء التى يطلق عليها حاليًا التيه». وواصل: «ذكر ذلك الله فى القرآن الكريم، فى سورة المائدة من الآية ٢٠ إلى ٢٦، وفى التوراة فى سفر العدد إصحاح ١٢. كما تذكر التوراة أن نبى الله موسى مات عن عمر يناهز ١٢٠ عامًا، ودُفن فى سفح جبل نبو، الذى يبلغ ارتفاعه ٨٠٦ م فوق مستوى سطح البحر، ومات نبى الله هارون فى تلك الفترة ودفن بجبل هور تجاه وادى حور شرق وادى عربة بين الأردن وفلسطين، ودخل بنو إسرائيل الأرض المقدسة فى عهد يوشع بن نون».

المناطق المستهدفة تضم شجرة العليقة المقدسة وعيون موسى وجبل التجلى

خلص الدكتور عبدالرحيم ريحان إلى أن مسار خروج نبى الله موسى وبنى إسرائيل يتضمن ٤ أدلة أثرية واضحة ودامغة، وهى شجرة العليقة المقدسة، وعيون موسى، وجبل موسى، وجبل التجلى.

عيون موسى تقع على بعد ٣٥ كم من نفق أحمد حمدى، وعددها ١٢ عينًا، وأثبتت الدراسات الحديثة التى أجراها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى قاحلة وجافة جدًا، ما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة، حتى تفجرت لهم العيون، وكان عددها ١٢ عينًا بعدد أسباط بنى إسرائيل، ولقد وصف الرّحالة الذين زاروا سيناء فى القرنين ١٨، ١٩م هذه العيون.

أما شجرة العليقة المقدسة فموجودة حاليًا فى دير سانت كاترين، وهذا النوع من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء، وهى شجرة غريبة ليست لها ثمرة، وخضراء طوال العام، وفشلت محاولة إعادة إنباتها فى أى مكان فى العالم. وبينما جبل موسى ذو طبيعة جلمودية صخرية، فإن جبل التجلى المواجه له ذو طبيعة ركامية كعلامات للدك.

وهذه الأدلة الأثرية أكدتها الإمبراطورة هيلانة، أم الإمبراطور قسطنطين، حين جاءت إلى الوادى المقدس فى القرن الرابع الميلادى، بعد زيارتها القدس، وبنت فى حضن شجرة العليقة الملتهبة كنيسة صغيرة. أكدها أيضًا الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى، حين بنى أشهر أديرة العالم حاليًا، وهو دير طور سيناء، والذى تحول اسمه إلى دير سانت كاترين، فى القرن التاسع الميلادى، بعد العثور على رفاة القديسة كاترين، على أحد جبال المنطقة الذى حمل اسمها. وأدخل جستنيان كنيسة العليقة الملتهبة داخل أسوار الدير، ليخلع نعليه كل من يزورها حتى الآن، وجاءت «يونسكو» فى عام ٢٠٠٢ لتسجل مدينة سانت كاترين قيمة عالمية استثنائية، وكان من أهم معايير التسجيل الشواهد الأثرية الباقية على تعانق الأديان بهذه البقعة الطاهرة. وبناءً على ذلك كله يطالب الدكتور «ريحان» الحكومة باعتماد هذا المسار، الذى رصده وحققه فى كتابه، ليكون مسار الزيارة المعتمد المطلوب تنميته والترويج له.