رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والكويت نموذج يحتذى به فى العلاقات العربية - العربية

مصر والكويت - أرشيفية
مصر والكويت - أرشيفية

تعد العلاقات المصرية الكويتية نموذجا للعلاقات العربية العربية، والتي جسدتها العديد من المواقف الأخوية بين البلدين وأنها نموذج يحتذى به في العلاقات الدولية، حيث تؤكد مصر دائما تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن الكويت واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا, كما تحظى تلك العلاقات على مر التاريخ برعاية وحرص القيادتين في مصر والكويت على تعزيزها والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية والعربية والعالمية.

وتعتبر زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، اليوم الثلاثاء، إلى مصر تتويجا لهذه العلاقات وترسيخا لأواصرها وتأكيدا على السعي إلى تطويرها في شتى المجالات، حيث تعد هذه الزيارة الأولى منذ توليه مهام منصبه في ديسمبر الماضي فيما زارها في شهر أكتوبر الماضي، حينما كان وليا للعهد ممثلا للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في قمة القاهرة للسلام كما زارها في نوفمبر 2022 ممثلا لأمير الكويت في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ والنسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.


وشهدت العلاقات بين البلدين زخما كبيرا خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي خاصة في ظل العلاقات القوية والتاريخية بين البلدين، وجاءت زيارات الرئيس السيسي إلى الكويت للنهوض بالتعاون الثنائي في كافة مجالات العمل المشترك، وتعزيز علاقات التعاون التاريخية الراسخة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات الحيوية إيمانا بوحدة الهدف والمصير والتطلع إلى مستقبل مزدهر، حيث تكتسب تلك الزيارات أهمية كبيرة نظرا للتحديات الجسام التي تعصف بالعالمين العربي الإسلامي وتؤكد أهمية العمل العربي المشترك للتصدي لتلك التحديات ومواجهة التهديدات التي تهدد مستقبل المنطقة، والتي تتطلب العمل على تعزيز المصالح المشتركة في شتى المجالات.

وزار الرئيس السيسي في 17 ديسمبر عام 2023 الكويت لتقديم واجب العزاء في وفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حيث التقى الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، معربا عن خالص التمنيات له بالتوفيق والسداد في استكمال مسيرة التقدم والنماء بالكويت.


كما أجرى الرئيس السيسي في شهر مارس الماضي اتصالا هاتفيا مع الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حيث تبادل الزعيمان التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم.

وأعرب الرئيس عن تمنياته بأن يعيد الله سبحانه وتعالى هذه الأيام المباركة على الكويت وقيادتها الحكيمة وشعبها الشقيق بالخير واليُمن والبركات، وأن يديم الأمن والاستقرار على الأمتين العربية والإسلامية وهو ما ثمنه أمير دولة الكويت، معربا عن صادق تمنياته لمصر بدوام الاستقرار والازدهار.

وسبق تلك الزيارة، زيارة رسمية للرئيس السيسي إلى الكويت في 22 فبراير عام 2022 التقى خلالها أمير الكويت الراحل، وناقشا عددا من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين الشقيقين وسبل التعاون المثمر بينهما في مختلف المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة.

وحول تاريخ تلك العلاقات فهي تعود إلى أواسط القرن التاسع عشر لكنها كانت مقتصرة على العلاقات التجارية فيما شهد عام 1961 بداية العلاقات الدبلوماسية حينما قدم السفير الراحل عبدالعزيز حسين في 20 ديسمبر من ذلك العام أوراق اعتماده إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كأول سفير مفوض لدولة الكويت لدى مصر التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بسيادة الكويت واستقلالها.

وفي 19 مارس عام 1962 أرسلت مصر أول سفير لها لدى دولة الكويت حيث قدم السفير محمد محمود عبدالعزيز أوراق اعتماده إلى أمير البلاد الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين، كما شهدت العلاقات الثنائية تطورا مستمرا على مدار العقود الماضية من خلال التنسيق والتعاون المثمر في الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والتعليمية والإعلامية والقضائية والفنية والسياحية والصحية والزراعية إضافة إلى العلاقات الاجتماعية.

كما حققت العلاقات الثنائية انجازات عديدة من خلال اللجنة المشتركة العليا بين البلدين للنهوض بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات لاسيما السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية فيما عقدت اللجنة آخر اجتماعاتها في الكويت في شهر ديسمبر عام 2018.

ودائما ما تؤكد الكويت دعمها الكامل لمصر في مختلف المواقف وهو ما اتضح جليا في أمثلة عديدة منها دعمها الكامل للوحدة المصرية - السورية عام 1958 ووقوفها إلى جانب مصر في مواجهة عدوان يونيو عام 1967 وفي حرب أكتوبر عام 1973 فيما كانت مصر إحدى دول التحالف الدولي التي أسهمت في تحرير الكويت عام 1991 وكان لها دور فعال في عودة السيادة الكويتية على كامل أراضيها.

وفي مجالات التعاون الثقافي والتعليمي ومع إنشاء مجلس المعارف في الكويت عام 1936 توالت البعثات الكويتية إلى الخارج لرفع مستوى التحصيل العلمي للطلبة المبتعثين، فشهد عام 1938 إيفاد بعثة من خمسة طلاب إلى مصر ثم إرسال أربع طلاب في عام 1939 أتبعها المجلس بإرسال 17 طالبا عام 1943 فيما تبنى الأزهر الإشراف على المعهد الديني في الكويت عام 1945 وفي عام 1945 افتتحت الكويت (بيت الكويت في القاهرة) للإشراف على شئون الطلبة الدارسين هناك، ثم افتتح البيت رسميا في الأول من أكتوبر عام 1958 بحضور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس دائرة المعارف الكويتية آنذاك.

كان الطلبة الكويتيون يواصلون الدراسة التي توقف عندها التعليم في الكويت فينهون المرحلة الثانوية، ثم يلتحقون بجامعة القاهرة وما شابهها من معاهد عليا لمتابعة الدراسات الجامعية والعليا.

وتحضر الاستثمارات الكويتية في مصر بقوة في كثير من القطاعات المصرية، حيث تسهم الحكومة والقطاع الخاص الكويتيان بشكل فاعل في تنمية وتطوير عجلة الاقتصاد المصري فيما تعد الكويت ثالث أكبر شريك تجاري عربي بعد السعودية والإمارات باستثمارات تبلغ نحو 20 مليار دولار ورابع شريك تجاري عالمي بين الدول المستثمرة، حيث تتوزع الاستثمارات الكويتية على كثير من المحافظات والمناطق المصرية، لاسيما القاهرة والإسكندرية ومحافظات الدلتا والصعيد وتتنوع لتغطي كل الأنشطة الاقتصادية والمالية.

وعلى صعيد العلاقات الإعلامية والصحفية دائما ماتبرز الصحف الكويتية تأكيد الرئيس السيسي أن مصر تقدر علاقتها مع الأشقاء العرب وأنها تتمتع بعلاقات طيبة معهم، وأن السياسة المصرية تتسم بالاعتدال والتوازن والانضباط الشديد تجاه الجميع في الداخل والخارج، وأن مصر دائما ما تحرص على الاستمرار في تعزيز دورها القومي في دعم مسيرة العمل العربي المشترك، وأنها حكومة وشعبا ستظل داعمة ومساندة لكل قضايا الأمة العربية، وحريصة أيضا على استقرار ونماء كل شعوب المنطقة.

وكانت مصر والكويت قد وقعتا في سبتمبر عام 1998 في القاهرة اتفاقية التعاون الإعلامي المشترك التي تهدف إلى دعم التعاون في مختلف المجالات الإعلامية، فيما وقعت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ووكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) في سبتمبر عام 2017 ملحقا للاتفاقية لدعم وتوطيد العلاقات الإعلامية الثنائية وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الوكالتين في الخدمات التي تقدمها كل منهما.

وعلى الصعيد البرلماني فإن التعاون بين مجلس الأمة الكويتي ومجلس النواب المصري متنام على الدوام عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل المختلفة بشأن القضايا الإقليمية والعربية والدولية، إضافة إلى العلاقات السياسية والاقتصادية والإعلامية هناك تعاون مستمر بين البلدين في المجالات العسكرية والأمنية والتعليمية والثقافية والرياضية والعلمية؛ بما يسهم في تعزيز الروابط التاريخية بين البلدين وتحقيق مصالحهما.

كما أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان من أوائل الرؤساء الذين هنأ الكويت باستقلالها عام 1961، مرورا بموقف القيادة المصرية المؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقي عام 1990، حيث تقوم العلاقات بين الشعبين المصري والكويتي على المحبة والود المتبادل من منطلق الأخوة والعروبة، وتحظى الجالية المصرية المتواجدة في الكويت باهتمام ورعاية كبيرين من جانب القيادة والشعب الكويتي.

وكانت مصر وستظل في قلوب الكويتيين الذين يكنون لها كل معاني التقدير وعواطف المحبة ومشاعر العرفان وفاء للعلاقات الطيبة بين البلدين، وتقديرا للدور المصري الذي سيبقى محفورا أبد الدهر في عقولهم وذاكرتهم.