رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من الشعر الجاهلي لـ استخدام الحياة.. التاريخ الأسود لمطاردة الكُتاب عبر العصور

الزعيم يحلق شعره
الزعيم يحلق شعره

إذا تتبعنا تاريخ "كراهية الكتب" وطرق تدميرها سواء بحرقها وتحريمها وإعدام من يقتنيها كما في رواية "451 فهرنهايت" الكابوسية نجد أن مئات الوقائع وقصص كراهية الكتاب والخوف منه وإعتباره عدو فمن مؤلفات ابن رشد الفيلسوف الأندلسي والذي كانت فلسفته ظاهرة علمية عالمية في زمنه، مرورا بمحاكم التفتيش في أوروبا خاصة إيطاليا، وحرق الكتب والعلماء في عهد أسرة تشين الصينية وتدمير الإسبان لمخطوطات المايا٬ وكان لـ "جوبلز" وزير إعلام  هتلر"باع طويل في قمع الفكر والكتاب وإلي الآن مازالت عبارته "كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي" ممهورة بتوقيعه وتحمل بصمة الفاشستية العرقية والفكرية.

تاريخ منع الكتب في مصر وأبرزها

 وفي مصر كانت البداية الحقيقية لمطاردة الكتاب والأفكار والإبداع بشكل رسمي من قبل الدولة والسلطات الرسمية المتمثلة في الملك فؤاد مع  كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الصادر فى ابريل سنة 1925 والذى كتبه الشيخ على عبد الرازق قاضى محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية حينذاك ووجه الكتاب بقائمة إتهامات طويلة علي رأسها الكفر والإلحاد٬ وفي عام 1926 صدر كتاب "فى الشعر الجاهلى" للدكتور طه حسين المدرس حينذاك بالجامعة المصرية وقامت القيامة على الكتاب ومؤلفة ولم تقعد حتي الآن للدرجة التي دفعت الدكتور طه حسين إلي ؤرسال خطاب لمدير الجامعة بتاريخ 12 مايو 1926 يؤكد فيها إسلامه.

  وفى سنة 1959 حدثت أشهر المصادرات وهي مصادرة رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ وأشتعلت أزمة مجتمعية لم تهدأ إلا باتصال من حسن الخولى الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية بنجيب محفوظ واستأذنه فى عدم نشرها فى كتاب داخل مصر ووافق نجيب محفوظ .


وأصاب المنع أيضا كتاب "مقدمة فى فقه اللغة العربية" للمفكر دكتور لويس عوض والذى صودر سنة 198وانتقض الفقهاء وثار الأزهر لأن الكتاب تناول اللغة العربية كأى لغة أخرى كظاهرة اجتماعية تتطور بتطور المجتمعات وتضمحل وتتجدد وتتلاقح.

وبعد ثمانى سنوات من مصادرة كتاب لويس عوض أتى الدور على المصادرة التى انتهت بإغتيال الدكتور فرج فودة علي خلفية كتاباته المستنيرة التي تلقي الأفكار في بحيرة الحياة الفكرية الآسنة.

و القائمة طويلة تضم كتب المستشار محمد سعيد العشماوي وهى الإسلام السياسى والخلافة الإسلامية وأصول الشريعة ومعالم الإسلام والربا والفائدة فى الإسلام. والكاتب علاء حامد  صوردت روايته "مسافة في عقل رجل"٬ فضلا عن إغلاق مجلة إبداع علي خلفية نشرها قصيدة "شرفة ليلي مراد" للشاعر حلمي سالم٬ وطلبات الإحاطة التي قدمت في مجلس الشعب ضد رواية "وليمة لأعشاب البحر من مدعي شهرة " محمد عباس الذي حرض علي الرواية وكاتبها السوري حيدر حيدر مما أشعل جامعة الأزهر بالمظاهرات وخروج طلابها ييبتغون رأس كل من ساهم في ظهور "الوليمة" بدءا من مؤلفها وليس إنتهاءا بالمسئولين عن نشرها، وتحويل الكاتبين إبراهيم أصلان وحمدي أبو جليل للتحقيق حيث كان يشغل منصب رئيس تحرير سلسلة "آفاق عربية" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة رغم أن الرواية كانت قد نشرت قبل هذة الزوبعة بأربعة أشهر .

و في عام 2001  اشتعل الجدل في الأوساط الثقافية عقب ما تعرضت له ثلاث روايات جملة واحدة، صدرت أيضا عن هيئة قصور الثقافة  وعرفت حينها بـ "أزمة الروايات الثلاث" وهي، “أحلام محرمة” لمحمود حامد، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، و"قبل وبعد" لتوفيق عبدالرحمن٬ حينما تقدم  نفس مدمن الشهرة محمد عباس عضو جماعة الإخوان المسلمين  باستجواب في مجلس الشعب لوزير الثقافة المصري في ذلك الوقت فاروق حسني يتهم الروايات  بإنتهاك الآداب العامة واحتوائها علي مشاهد وألفاظ خادشة، مما ترتب عليه مصادرة ومنع الروايات الثلاث وإقالة القائمين علي سلسلة النشر في الهيئة.

وفي عام  2010 ألقت الشرطة القبض علي الروائي إدريس علي، علي خلفية نشره لروايته "الزعيم يحلق شعره" التي تتناول جانبا من الأوضاع الاجتماعية في ليبيا في نهاية السبعينيات.

ولم تسلم المجموعة القصصية “رأيت الله” للكاتب كرم صابر من مطاردة الرقابة المجتمعية، حيث قام مجموعة من المنتمين للتيارات الدينية برفع دعوي قضائية ضد كرم  في أبريل من عام 2011، يتهمونه فيها بازدراء الأديان.

وفي العام 2015 وعلي إثر نشره لفصل من روايته “استخدام الحياة” في جريدة أخبار الأدب، وجهت إلي الكاتب أحمد ناجي تهمة خدش الحياء، وفي 2016 أدين أحمد ناجي وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين، كما حُكم على الصحفي طارق الطاهر رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب بدفع غرامة مالية قيمتها 10 ألاف جنيه لتقصيره في مهام عمله والتي تتضمن انتقاء ما يصلح أن ينشر على صفحات الجريدة.