رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة هدم متحف الفنان الراحل نبيل درويش.. تحرك برلمانى لوقف القرار

متحف الفنان الراحل
متحف الفنان الراحل نبيل درويش

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجّه لكل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير النقل، ووزيرة الثقافة، بشأن القرار الصادر بإزالة متحف وجزء من منزل الفنان الراحل نبيل درويش.

حيث قالت «عبدالناصر» في مستهل طلب الإحاطة: إننا تابعنا على مدار الساعات الماضية ما تم تداوله إعلاميًا على لسان أسرة الفنان التشكيلي الراحل نبيل درويش، بشأن تلقيهم إخطارا بضرورة إخلاء متحف الفنان الراحل ومنزله في غضون أسبوعين، للبدء في تنفيذ قرار هدم المتحف الواقع على طريق سقارة السياحي بمحافظة الجيزة، وذلك ضمن أعمال توسعة دائري المريوطية.

وأكدت "عبدالناصر" أنه وفق ما هو مُعلن صدر إنذار موجّه من مركز مدينة أبوالنمرس التابعة لمحافظة الجيزة، إلى ورثة الفنان الراحل نبيل درويش، بضرورة إخلاء المبني لتوسعة وتطوير الطريق من المنصورية إلى المريوطية بطول ٣.٥ كم، حيث أكد الإنذار سرعة إخلاء المبنى بالكامل لاستكمال المشروع.

واستكملت عضو مجلس النواب: إنه كالمعتاد نطرح السؤال الذي لا نجد ولا تجد الحكومة إجابة مُقنعة عليه، لماذا تتساهل الجهات التنفيذية بهذا الشكل غير المفهوم في تدمير المعالم التراثية للدولة المصرية في نظير مشروعات يمكن أن نجد لها أماكن بديلة تصلح لتنفيذها، فتارة تدمر الحكومة المقابر الأثرية، وتارة أخرى تزيل مناطق سكانية بشكل شبه كامل، والآن تزيل واحدًا من أهم المعالم الفنية في مصر بهدف تنفيذ توسعة مرورية؟!.

كما أكدت «عبدالناصر»، أيضًا، أن الأعجب من ذلك الأمر هو الرد المتداول لوزارة الثقافة على أسرة الفنان الراحل بشأن تلك الواقعة، فعندما ورد إنذار الإزالة إلى أسرة الفنان نبيل درويش، اتجهوا بشكل تلقائي صوب الجهة المنوط بها حماية ذلك التراث الفني، وهي وزارة الثقافة، إلا أن رد الوزارة كان صادمًا للغاية، حيث أكدت السيدة وزيرة الثقافة أن هذا المشروع هو مشروع قومي ومن الصعب أن يتم إيقافه.

وأردفت الدكتورة مها: إنه بجانب أن أعمال التوسعة المزمع تنفيذها مكان المتحف تخالف قرار رئاسة مجلس الوزراء التي أصدرها في يناير ٢٠٢٣ بشأن ترشيد الإنفاق في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة، والذي نص على تأجيل تنفيذ أي مشروعات لم يتم البدء فيها ولها مكون دولاري واضح، بجانب عدم الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى- فإن هناك تساؤلات في غاية الأهمية: فهل كل توسعة أو زيادة في عدد الحارات المرورية يُعتبر مشروعًا قوميًا على حسب رد وزيرة الثقافة؟! ألا يعتبر متحف الفنان نبيل درويش تراثًا فنيًا قوميًا أيضًا من الواجب الحافظ عليه؟ هل أصبح لدى القائمين على المشروعات القومية ترخيص مفتوح بهدم وتدمير المعالم التراثية والتاريخية والفنية والثقافية للدولة المصرية ومواطنيها؟

وأشارت إلى أن تلك الواقعة المؤسفة قد تخطى صداها المدى المحلي، فمنذ أيام أرسلت الأكاديمية الدولية للخزف بسويسرا، التابعة لهيئة اليونسكو، خطابًا رسميًا لوزارة النقل تطالب فيه الوزارة بإعادة النظر في قرار هدم المتحف نظرا للقيمة الفنية للفنان الراحل وأعماله، ولكن بكل أسف دون جدوى.

كما أوضحت «عبدالناصر» أنه إذا كانت الحكومة لا تعرف أهمية ذلك المتحف، فنود أن نوضح أن أهمية المتحف تأتي من أهمية صاحبه الفنان التشكيلي نبيل درويش، الذي يعد واحدًا من أهم فناني الخزف في مصر والشرق الأوسط بل والعالم، حيث إن الفنان نبيل درويش هو صاحب أول رسالة دكتوراه في فن الخزف عام ١٩٨١، وكانت عن تفاصيل صنع المصريين القدماء فوهات سوداء للأواني الخزفية، وكان هذا وقتها موضوعًا جديدًا أضاف قيمة علمية كبيرة إلى هذا المجال على الصعيد الدولي، وليس المحلي أو الإقليمي فقط. بجانب أن للفنان أعمالًا تُعرض في محافل فنية دولية عديدة حتى الآن، إضافة إلى إسهاماته في تطوير فن الخزف بكثير من الدول العربية، حيث اكتشف في قطر والبحرين طينات صالحة للفخار والخزف، واكتشف أماكن تحتوي على طينات رملية صالحة للإبداع الخزفي بالكويت، ما كان له دور في إثراء فن الخزف المعاصر في العالم العربي كله.

وأضافت أن للفنان العديد من المشاركات في كثير من الفعاليات الفنية بجميع أنحاء العالم، والتي تمكن خلالها من الحصول على عدد من الجوائز والألقاب لصالح الدولة المصرية، منها على سبيل المثال الجائزة الكبرى فى بينالى عمان ١٩٩٢، والجائزة الكبرى فى بينالى الشارقة الدولى الأول ١٩٩٣.

كما أشارت إلى أن الفنان الراحل نبيل درويش قد افتتح ذلك المتحف مجانا للزوار وطلاب كليات الفنون الجميلة والتربية الفنية عام ١٩٨٣، واختاروا هذا المكان نظرا للهدوء المحاط به من كافة الاتجاهات، كما يجاوره العديد من مدارس الخزف والكليم والبردي وغيرها، ويحتوي المتحف على أكثر من ٤٠٠٠ قطعة خزف تنوعت بين مقتنيات الفنان الراحل وقطع خزفية فريدة ومكتبته وأدواته الفنية التي عمل بها.

وبعد كل ذلك، وبدلًا من أن تقوم الحكومة بتوسعة المتحف وتحويله لمادة علمية لطلاب كليات الفنون الجميلة والتربية الفنية ومقصدًا لفناني ومثقفي العالم، بكل بساطة تقوم بهدمه لإنشاء عدة حارات مرورية.

واختتمت الدكتورة مها عبدالناصر حديثها مُطالبة الحكومة بسرعة وقف قرار هدم متحف الفنان نبيل درويش فورًا وإخراجه من قائمة الإزالات، والتنسيق مع الشركة المُنفذة لأعمال التوسعة بإعادة الدراسات الهندسية وإيجاد موقع بديل لأعمال المشروع بعيدًا عن أرض المتحف ومنزل الفنان الراحل وأسرته.