رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام على حرب السودان

فى الذكرى الأولى للحرب السودانية حذر "توم بيريللو" (المبعوث الأمريكى الخاص إلى السودان) من خطورة الصراع السودانى داعيًا إلى حل الأزمة فورا قبل تحولها إلى حرب إقليمية، وقال "إن السودانيين لا يريدون عودة المتطرفين ومسئولى النظام القديم الفاسدين إلى الحكم".
اندلعت الحرب السودانية فى الخامس عشر من أبريل عام 2023، بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتى"، والقوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
عانى السودانيون طوال عام الحرب من أهوال مروعة من قصف جوى ومدفعى دمر البنية التحتية فى أنحاء كبيرة من البلاد، خاصة فى أقاليم دارفور، والجزيرة وكردفان والعاصمة الخرطوم، وأصبحت خدمات الصحة، والمياه، والكهرباء، والاتصالات، والخدمة المصرفية، شبه معدومة بل وخسر ملايين من الأطفال والشباب عامًا دراسيًا كاملًا.
وانتشرت المجاعة فى السودان ومات الكثيرون من كبار السن والمرضى جوعا. 
وفى السادس عشر من مارس 2024، حذر منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيت، مجلس الأمن الدولى، من أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص قد يعانون "جوعا كارثيا" فى بعض مناطق السودان خلال الأشهر المقبلة. ويعد مستوى الجوع فى المستوى (الرابع) وهو المستوى قبل الأخير (الخامس) الذى يُطلق عليه "المرحلة القصوى".
وأضاف جريفيت "أن المستويات الحادة من الجوع، سببها تأثير الصراع على الإنتاج الزراعى، والأضرار التى لحقت بالبنية التحتية الرئيسية، ومصادر الرزق، وتعطل تدفقات التجارة، والزيادات الحادة فى الأسعار، والعوائق التى تسبب تعطل وصول المساعدات الإنسانية، والنزوح الواسع النطاق. 
وفى الفترة الأخيرة تزايدت التقارير والإحصاءات التى تتحدث عن الانتهاكات المرتكبة بحق النساء والفتيات فى السودان، منذ اندلاع الاقتتال بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتى".، وأشار أحد هذه التقارير إلى أن وضع النساء يزداد سوءًا يوما بعد يوم، وخاصة فى دارفور غرب السودان حيث تُختطف السيدات والفتيات  ويتم اغتصابهن، واحتجازهن فى ظروف أشبه بالعبودية، وزد على ذلك إقدام البعض على بيع النساء والفتيات.
كما أشار العديد من التقارير التى صدرت عن المنظمات النسائية والاتحاد النسائى السودانى إلى تأثيرات الحرب الاقتصادية والاجتماعية على النساء، وخاصة فى مجال الزرعة، بجانب دور النساء فى مواجهة الحرب والجوع، حيث إنه تم ترك الأرض الزراعية، نتيجة للحرب والنزوح لأماكن آمنة، أو اللجوء لدول الجوار، مما يهدد السودان بشبح المجاعة، وأن الكارثة تهدد 20 مليون سودانى وسودانية بـ"الجوع الحاد"، معظمهم من النساء، كما أن 5 ملايين شخص مهددون بالجوع، فى مستوى "حالة الطوارئ" أى الذين لا يستطيعون توفير وجبة واحدة يوميا، ومعنى ذلك الموت البطيء، وأشار أحد التقارير إلى أن 200 ألف طفل فى دارفور مهددين بالجوع، وأن 40% من الأطفال بالسودان يعانون سوء التغذية.
من جهة أخرى، وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" فى يوم السبت 13 أبريل 2024، نداءً لقادة العالم الذين سيجتمعون فى 15 أبريل فى باريس، لتسليط الضوء على مايدور فى السودان، فى الذكرى السنوية الأولى للنزاع الدموى فى البلاد، بشأن ضرورة ضمان محاسبة المسئولين عن الفظائع المستمرة، وانتهاكات القانون الدولى، فى الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع.
وأشارت المنظمة فى بيان لها إلى أن نحو 15 ألف شخص قتلوا فى الحرب الدائرة، بجانب نزوح مايقرب من 8 ملايين شخص داخليا ولجوء مايقرب من 2 مليون شخص إلى البلدان المجاورة.
ودعا الباحث السودانى فى "هيومن رايتس ووتش" محمد عثمان، اجتماع باريس إلى التحرك السريع لمعالجة المستويات المنخفضة المخجلة لتمويل الأنشطة الإنسانية، والالتزام بتدابير ملموسة، ضد من يعوق عمدا إيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين.
ورصد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش القيود البيروقراطية التعسفية، التى تفرضها السلطات التابعة للقوات المسلحة السودانية، والتى تعوق عمل المنظمات الإنسانية، وتشمل هذه القيود، التأخير والرفض وعدم الاستجابة لطلبات الحصول على التأشيرات، وتصاريح السفر لموظفى الإغاثة، للتنقل بين الولايات، واشتمل هذا التقرير أيضا على ماتقوم به قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مرارًا، فى ولاية الجزيرة وفى دارفور، من نهب للإمدادات الغذائية الموجهة إلى مخيمات النازحين، ومن بينها مواد غذائية للأطفال الذين يعانون سوء التغذية.
ومع دخول الحرب عامها الثانى فإننا نطالب بـ:
تضامن شعوب العالم مع الشعب السودانى فى مواجهة الحرب والجوع.
الضغط على طرفى الصراع فى السودان لوقف الحرب فورا الدائرة فى السودان، ومحاكمة مجرمى الحرب، أمام المحاكم الدولية، الذين اعتدوا على النساء والفتيات والأطفال وقاموا بالقتل والتدمير ونهب الممتلكات، وتعتبر كل هذه الجرائم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
الحفاظ على وحدة السودان دولة وأرضا وشعبا والوقوف ضد السياسات الاستعمارية الأمريكية والغربية التى تقوم على تأجيج الصراعات الدينية والعرقية لتقسيم السودان.
الحد من الجوع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى مناطق انتشار المجاعة، والتى لا تصل نتيجة للاضطرابات الأمنية، وسيكون من نتائجها الموت البطىء لمئات الآلاف من السودانيين.